أخبار لبنان

باريس تطلق "إنذارها الأخير" استباقاً لتدابير رادعة

تم النشر في 31 آذار 2021 | 00:00

حذّر مصدر سياسي مسؤول من مغبة الاستخفاف بالإنذار الأخير الذي وجّهه وزير الخارجية ‏الفرنسية جان إيف لودريان للقيادات اللبنانية المسؤولة عن الجمود الذي يعيق تشكيل حكومة ‏مهمة لتنفيذ الإصلاحات، وقال إن إنذاره ينطوي هذه المرة على تكثيف الضغوط التي بحثها مع ‏نظرائه الأوروبيين بهدف تحديد وسائل الاتحاد الأوروبي لتعزيزها لإخراج عملية التأليف من ‏التأزُّم‎.‎

ولفت المصدر لـ"الشرق الأوسط" إلى أن ما قصده لودريان بقوله إن فرنسا حشدت شركاءها ‏الأوروبيين والدوليين والإقليميين يشكل رسالة لكل القوى السياسية، محمّلاً إياها مسؤولية عدم ‏التزامها بما تعهّدت به أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما التقاها في قصر الصنوبر، ‏وأكد أنه قرر من الآن وصاعداً اتباع الدبلوماسية الساخنة لحشر من يعرقل تشكيل الحكومة ‏مستعيناً بالعصا الغليظة التي يمكن أن تدفع باريس للبحث في اتخاذ عقوبات بحق المعرقلين أو ‏من ينوب عنهم وإنما ليس على الطريقة الأميركية‎.‎

ولم يستبعد المصدر نفسه أن تكون العقوبات الأوروبية بطلب من باريس والتي لوّح بها لودريان ‏أقل قسوة من العقوبات الأميركية التي شملت وزراء سابقين ونواباً حاليين، لكن «نعومتها» لا ‏تقلّل من أهميتها لما يترتب عليها من مفاعيل، وإن كانت محصورة في تجميد أرصدتهم في ‏المصارف الأوروبية والامتناع عن منحهم سمات دخول إلى الدول الأوروبية‎.‎

ورأى أن باريس لم تعد في حاجة إلى التواصل مع الأطراف المعنية بتأليف الحكومة، وعزا ‏السبب إلى أنها باتت على اطلاع مباشر على ما أدت إليه مشاورات التأليف بين الرئيس ميشال ‏عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، ومن خلالهما بين الأطراف السياسية ‏الرئيسية في ضوء إسقاط المبادرات التي يراد منها إخراجها من الحلقة المفرغة التي تدور فيها‎.‎

ورأى أنه من غير الجائز أن تُفاجأ الأطراف المعنية بتأليف الحكومة، وتحديداً تلك التي لم ‏تستجب للدعوات المتكررة التي أطلقتها باريس لتسريع ولادة الحكومة، وقال إنه سبق لها أن ‏أعلمت المعنيين بعملية التأليف بأنها تدرس اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات بحق من ‏يعرقل المبادرة الفرنسية ويحاول الالتفاف عليها لتجويفها من مضامينها الإصلاحية‎.‎

واعتبر أن ما أورده لودريان في البيان الذي أصدرته الخارجية الفرنسية في أعقاب اتصاله ‏برئيس الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والرئيس المكلف الحريري، ينم عن تحريضه ‏للحراك المدني لمواصلة ضغطه على الطبقة السياسية لإنقاذ بلدهم الذي يقترب من السقوط، ‏خصوصاً أنه حرص على وضع النقاط على الحروف في البيان الذي هو بمثابة مكاشفة للرأي ‏العام ليكون على بيّنة حيال الوضع الراهن بعد مضي 7 أشهر من الجمود منذ الانفجار الذي ‏استهدف مرفأ بيروت‎.‎

وكشف المصدر أن لودريان وجّه تهديداً مباشراً إلى الطبقة السياسية يتجاوز تجميد اتصالاته إلى ‏تلويحه بالعواقب الوخيمة التي ستلحق بها إذا استمرت في هدر الوقت من دون أن يُسقط من ‏حسابه اتخاذ تدابير رادعة تدفع باتجاه تسريع ولادة الحكومة، وقال إن الموقف الذي عبّر عنه ‏الرئيس بري في مستهل الجلسة التشريعية للبرلمان أول من أمس، هو نسخة طبق الأصل من ‏المخاوف الفرنسية حيال ما يصيب البلد من نكبات إذا تعطّلت عملية التشكيل‎.‎

وأكد المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن لودريان اتصل مساء الأحد الماضي، بكل من ‏عون وبري وعاد أول من أمس، للاتصال بالحريري للوقوف على أسباب التعطيل التي تعيق ‏تشكيل الحكومة، وقال إن عون وإن كان أبلغه عدم مطالبته بالثلث الضامن في الحكومة، فإن ‏رئيس البرلمان ومعه الرئيس المكلف غمزا من قناته واعتبرا أنه يصر على هذا الثلث لأن مجرد ‏رفع عدد الوزراء من 18 إلى عشرين أو أكثر سيؤمّن له ما يدّعي عكسه‎.‎

وبكلام آخر، فإن عون – بحسب المصدر – يرفض أن يُحتسب الوزير الذي يمثل حزب ‏الطاشناق من حصته والآخر المحسوب على النائب طلال أرسلان، مع أنهما يشاركان في ‏اجتماعات «تكتل لبنان القوي» برئاسة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل‎.‎

ولفت المصدر إلى أن تخلّي عون عن الثلث الضامن حسابياً وليس ورقياً يفتح الباب أمام التغلُّب ‏على عقبة أساسية اسمها «الثلث المعطّل»، وقال إن بري والحريري أبلغا لودريان بأن مجرد ‏تخلّيه عملياً عن هذا الثلث سيقود حتماً إلى التوافق على التشكيلة الوزارية، خصوصاً أن الرئيس ‏المكلّف يُبدي مرونة ولن يكون عائقاً في حال تقرر زيادة عدد الوزراء وصولاً إلى إعادة النظر ‏في الأسماء وتوزيع الحقائب والتفاهم على مخرج لتسمية من يتولى حقيبة الداخلية‎.‎

لذلك، فإن الرئيس المكلّف وإن كان يرمي مشكلة تأخير الحكومة على عون، فهناك من يسأل عن ‏موقف «حزب الله» الذي يتلطى وراء حليفه رئيس الجمهورية فيما لا يحبّذ تشكيلها ولا يجد ‏مشكلة في ترحيلها إلى ما بعد جلاء الموقف على جبهة التفاوض الأميركي – الإيراني، لأن ‏طهران تمسك بالورقة اللبنانية وترفض الإفراج عنها من دون ثمن‎.‎




الشرق الأوسط ‏