أخبار لبنان

‏ بعبدا تعلّق تعديل الحدود: ضغط أم تخوّف؟

تم النشر في 14 نيسان 2021 | 00:00

كتبت صحيفة " النهار " تقول:‏‎ ‎لم يكن المشهد الداخلي أمس تحديداً، في 13 نيسان ‏الذكرى الـ 46 لاندلاع الحرب في لبنان، في حاجة الى إبراز ‏أي دلالات مفعمة ‏بالأسى والصدمة حيال واقع لبنان اليوم الذي ربما كان لسان حال أبنائه جماعياً ان ‏الحرب ‏نفسها بكل دمارها وويلاتها لم تبلغ الحد الكارثي الذي انزلق اليه لبنان ‏اليوم. ولعل الأكثر إثارة للصدمة في هذه ‏الذكرى تمثل في ان اللبنانيين مهما تشتت ‏اتجاهاتهم وانقسمت مواقفهم وتوزعت ولاءاتهم، شعروا ويشعرون ‏جميعا، بانهم ‏يتامى من دولة حامية وعادلة وحديثة طالما انتظروا قيامتها للقول فعلا مرة لكل ‏المرات في ذكرى ‏‏13 نيسان "تنذكر ما تنعاد"، فاذا كان الرهان الأكبر صار اليوم ‏على مناعة اللبنانيين ضد الحرب، فان الصدمة ‏الكبرى هي في سقوط الرهان على ‏تلك الدولة التي كان يفترض ان تبني الحاضر والمستقبل المزدهر، واذا بها ‏تتسبب ‏باخطر انهيار عرفه لبنان في تاريخه‎.‎‎

وسط هذه الانطباعات القاتمة ووسط انسداد سياسي قطع الطريق على أي امل ‏وشيك بتشكيل الحكومة الانقاذية ‏المنتظرة، سيملأ وكيل وزارة الخارجية الأميركي ‏لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل اليوم وغدا المشهد السياسي ‏في لبنان في ظل ‏اللقاءات الكثيفة التي سيجريها مع المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين بالإضافة ‏الى ‏مجموعات من جماعات الناشطين في حركة الاحتجاجات المدنية. ولن يكون ‏ضروريا الاطلاع على جدول اعمال ‏ولقاءات المسؤول الأميركي الخبير في ‏الشؤون اللبنانية في زيارته الوداعية لبيروت، اذ ان الملفين الأشد إلحاحاً ‏اللذين ‏سيفرضان "حضىورهما" واخطارهما ودلالاتهما على محادثات هيل مع المسؤولين ‏والسياسيين اللبنانيين ‏الذين حددت مواعيد للقاءاته معهم، هما الوضع السياسي ‏والكارثي العام في لبنان في ظل الانسداد الذي يواجه ‏تاليف الحكومة، معطوفا على ‏الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة، وملف ترسيم الحدود ‏البحرية ‏بين لبنان وإسرائيل الذي طرأت عليه خطوات لبنانية جديدة في اليومين الأخيرين ‏بدت كأنها استباق ‏لوصول هيل ووضعه وادارته امام محك اختبار شديد الجدية ‏والتعقيد والخطورة. ولكن السلطة بدت قبيل ساعات ‏من شروع هيل في لقاءاته ‏الرسمية والسياسية على جانب واسع من التخبط حتى في ملف اتخذت فيه ‏جانب ‏المبادرة مذ قررت توسيع حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وإبلاغ الأمم ‏المتحدة رسميا بالخط الحدودي البحري ‏الجديد الذي قرر الجانب اللبناني استكمال ‏المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل على أساسه‎.‎‎

الفرملة المفاجئة

وطبقا لما أوردته "النهار" امس، ترجم التريث والتخبط الذي ظهر ليل الاثنين ‏حيال ملف تعديل الحدود في الفرملة ‏المفاجئة التي اعتمدها رئيس الجمهورية ميشال ‏عون لاستكمال خطوات اصدار مرسوم تعديل الحدود، فلم يوقعه ‏واعاده الى رئاسة ‏الحكومة بعدما "استفاق" على ان الخطوة ستكون عرضة للتشكيك والطعن ‏بدستوريتها لان ‏إقرار اجراء مهم وبارز ومفصلي كهذا يحتاج الى مجلس الوزراء ‏ولا يمكن حصر التصرف به بتواقيع رئيسي ‏الجمهورية والحكومة المستقيلة ‏ووزيرين‎.‎

وقد اصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيانا في هذا السياق أعلنت فيه انها ‏بناء لتوجيهات الرئيس، ‏أرسلت كتابا للأمانة العامة لمجلس الوزراء تضمن ‏مشروع مرسوم تعديل مرسوم6433 "الذي يحتاج الى قرار ‏الحكومة مجتمعة وفقا ‏لرأي هيئة التشريع والاستشارات حتى مع حكومة تصريف اعمال نظرا لاهميته ‏وللنتائج ‏المترتبة عليه". واضافت "لرئيس الجمهورية ان يحدد ما يرتأيه الافضل ‏لحفظ سلامة الوطن وهو مؤتمن على ‏ذلك بالدستور والقسم، وهو يدعو اللبنانيين ‏الى الوثوق بقوة الموقف اللبناني ويقول لهم تأكدوا بأن الأمور لن تجري ‏الاّ بما ‏يؤمّن كامل حقوق لبنان براً وبحراً‎".‎

غير ان بعض الأوساط المعنية بمراقبة هذا الملف لفتت الى امكان ان يكون وراء ‏امتناع عون عن توقيع المرسوم ‏وإرساله تاليا الى الأمم المتحدة واحدا من هدفين: ‏اما الضغط من جانب عون وفريقه على رئيس حكومة تصريف ‏الاعمال حسن ‏دياب لحمله على الانصياع لعقد جلسة لمجلس الوزراء بحجة تمايز ملف ترسيم ‏الحدود عن سائر ‏الملفات، باعتبار ان الضغوط السابقة التي مارسها العهد على ‏دياب لم تجد نفعا في حمله على التسليم بعقد أي جلسة ‏لحكومة تصريف الاعمال، ‏وإما التمهل في الخطوة لاستمزاج ديفيد هيل حيال هذه الخطوة التي تثير ‏احتمالا ‏خطرا لجهة سحب الإدارة الأميركية وساطتها ورعايتها للمفاوضات حول ‏ترسيم الحدود البحرية بين لبنان ‏وإسرائيل‎.‎‎

ولفت في هذا السياق تزامن تجميد مرسوم تعديل الحدود البحرية الجنوبية مع تسليم ‏وزير الخارجية والمغتربين ‏شربل وهبه سفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم ‏علي مذكرة تتضمن "تأكيد الموقف اللبناني من ترسيم مياهه ‏الإقليمية ودعوة ‏السلطات السورية للتفاوض حول الترسيم من منطلق العلاقات الاخوية على اساس ‏قانون ‏البحار الدولي‎".‎

الحريري الى موسكو

وسط هذه التطورات يقوم الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم بزيارة لموسكو ‏تكتسب دلالات بارزة لجهة دعم ‏‏روسيا للحريري اذ سيستقبله الرئيس الروسي ‏فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ووزير الخارجية في محادثات ‏ستتجاوز الوضع ‏الحكومي الى طلب الحريري مساعدات روسية للبنان خصوصا في قطاع الكهرباء‎.‎‎

وصرح جورج شعبان، الممثل الخاص في روسيا للرئيس سعد الحريري، ان ‏‏"الحريري سيناقش خلال زيارته ‏موسكو، مسألة المساعدة الروسية في مسائل ‏تشكيل الحكومة والخروج من الأزمة الاقتصادية، وتأمين اللقاحات ‏المضادة ‏لكورونا". وقال شعبان لوكالة "سبوتنيك" :" لبنان منذ 17 تشرين الاول 2019 ‏تاريخ بدء الاحتجاجات ‏يعيش بأزمة سياسية، ويحتاج إلى مساعدات اقتصادية ‏وسياسية، ولهذا يزور رئيس الوزراء الحريري، لأنه يعلم ‏أن لروسيا علاقات جيدة ‏مع كل القوى السياسية اللبنانية، وكذلك مع الدول الإقليمية والدولية التي لها تأثير ‏على ‏الوضع اللبناني. كما سيطلب المساعدة الروسية باللقاحات كمساعدة من روسيا ‏وكذلك حجز كمية من اللقاحات ‏للحكومة اللبنانية ، حيث أن كورونا ينتشر بلبنان ‏ونحتاج إلى تطعيم أغلبية السكان، وبما أن اللقاح الروسي ‏‏"سبوتنيك في" يعتبر من ‏افضل اللقاحات"‏‎.‎‎

وحول ما إذا كان الحريري سيطلب من روسيا المساهمة في حل مسألة تشكيل ‏الحكومة في لبنان، قال: " طبعا، ‏سوف يطلب من روسيا بما أنها تملك علاقات ‏جيدة مع كل القوى اللبنانية والإقليمية، واستخدام وزنها السياسي ‏للمساعدة في ‏الخروج من المأزق السياسي في لبنان"‏‎.‎‎

وعلى جاري دأبه في مهاجمة الحريري اتهم "تكتل لبنان القوي" امس الرئيس ‏المكلف بانه "لا يزال لا يحرك ‏ساكناً فكلما طُرحت فكرة إيجابية يجهضها وكان ‏آخرها صيغة 24 وزيراً ومن دون أي ثلث زائد واحد لأي ‏طرف وهذا دليل ‏إضافي أنه لا يريد التشكيل الآن ويهرب الى الأمام ويخترع مواعيد ويفتعل مشاكل ‏ويضرب ‏توازنات ويختلق إشكالات. ولذا تقع عليه مسؤولية بمصارحة الناس بأنه ‏لا يريد أن يشكل الحكومة الآن خوفاً من ‏تحمّل المسؤوليات عن رفع الدعم وترسيم ‏الحدود والتدقيق الجنائي والإصلاحات المطلوبة والقرارات الصعبة التي ‏تنتظره ‏والسؤال الأساسي هو ماذا لو تأخر رضى الخارج ولم يأتِ؟"‏‎.‎




النهار ‏