أخبار لبنان

إجتماع بعبدا "يشقّ" صفوف الأمن... والفاتيكان "على موجة" بكركي: حقوق اللبنانيين لا ‏المسيحيين

تم النشر في 23 نيسان 2021 | 00:00

كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: "الفاتيكان يعلم أكثر من الجميع أساس المشكلة في لبنان"... ‏عبارة اختصرت الكثير من أجواء ومضامين اللقاء الذي جمع البابا فرنسيس برئيس الحكومة ‏المكلف سعد الحريري أمس، لا سيما وأنّ الحريري "لمس دراية دقيقة من البابا بمكامن العرقلة ‏والتعطيل في البلد"، حسبما أكدت مصادر مواكبة لزيارة الفاتيكان، موضحةً أنّ "محاولات ‏التشويش على الزيارة لم تفلح في حرف الأنظار عن جوهر الأزمة عبر افتعال محاولات ‏لتطييفها وإعطائها طابع الإشكالية الإسلامية - المسيحية، وصولاً إلى دسّ تسريبات توحي بوجود ‏تباينات في التوجهات بين الفاتيكان وبكركي"، ليتبيّن على العكس من ذلك أنّ الفاتيكان "على ‏الموجة نفسها" مع بكركي في تشخيص المشكلة، انطلاقاً من التشديد على أنّ حلها يجب أن يرتكز ‏على إيلاء الأهمية لتحصيل "حقوق اللبنانيين جميعاً وليس المسيحيين فقط"، عبر تشكيل حكومة ‏اختصاصيين تتولى المباشرة بعملية الإصلاح إعلاءً للمصالح الوطنية على المصالح الفئوية ‏والحزبية والطائفية.‏

في هذا السياق، جاءت الرسالة الأبرز من الحبر الأعظم من خلال الإفصاح أمام الحريري عن ‏نيته زيارة لبنان "بعد تشكيل الحكومة"، لتشكّل "حجر الزاوية" البابوي في حثّ القيادات المسيحية ‏والإسلامية على حد سواء، على الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذية تساهم في إعادة اللحمة ‏الداخلية في لبنان، وتشرّع الأبواب أمام العالم الخارجي لمد يد العون إلى عموم اللبنانيين على ‏مختلف انتماءاتهم وطوائفهم. ونقلت المصادر "ارتياحاً كبيراً" من جانب الرئيس المكلف لما ‏سمعه على امتداد اجتماعاته المطولة في الحاضرة الفاتيكانية من "فهم عميق للوضع اللبناني، ‏حيث كان تأييد لجهوده في تشكيل حكومة مؤلفة من وزراء اختصاصيين تتم تسميتهم ضمن ‏ضوابط دستورية مقبولة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بعيداً من محاولة تصوير الأول ‏رئيساً للمسيحيين والثاني رئيساً للمسلمين في البلد".‏

وإثر اجتماع استمر ثلاثين دقيقة مع البابا، و90 دقيقة مع أمين السر في دولة الفاتيكان الكاردينال ‏بييترو بارولين ‏وأمين سر الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير، لفتت ‏المصادر إلى أنّ "النقاشات المطولة والتفصيلية بيّنت أنّ الفاتيكان مدرك لحقيقة أنّ المطالب ‏التوزيرية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ‏تتصل بتحصيل مكاسب حزبية أكثر منها تحصيلاً لحقوق مسيحية"، وأشارت إلى أنّ البابا ‏يحرص على تشكيل "حكومة للبنان" لا لهذا الفريق أو ذاك، وهو متخوف من أن يؤثر الصراع ‏الإقليمي على لبنان، ولذلك تلقى الحريري وعوداً ببذل الجهود من خلال القنوات الديبلوماسية ‏الفاتيكانية لدفع الدول المعنية باتجاه تحييد لبنان عن صراعات المنطقة.‏

أما في لقاءات الحريري الأخرى في روما، مع رئيس الوزراء الإيطالي ووزير الخارجية ‏الإيطالي، فكان تأكيد واضح على "استعداد إيطاليا للمضي قدماً في تأييد فرض عقوبات أوروبية ‏على معرقلي تشكيل حكومة من الاختصاصيين، تتولى إنجاز الإصلاحات المطلوبة بالتعاون مع ‏صندوق النقد الدولي"، وفق ما نقلت المصادر، علماً أنّ الرئيس المكلف أعرب بوضوح إثر لقائه ‏البابا عن أنّ "الجميع بات يعلم أنّ جبران باسيل وحلفاءه يقفون خلف تعطيل ولادة الحكومة"، ‏ولفت إلى أنّ "الخلاف اليوم في لبنان ليس طائفياً ولا مذهبياً بل هو بين وجهتي نظر ‏اقتصاديتين: الأولى تريد وضع يدها ‏على كل شيء في البلد، مقابل فريق يؤمن بالاقتصاد ‏الحر ‏وبالتواصل مع كل العالم وليس فقط مع دولة أو اثنتين او ثلاث". وقال في معرض الردّ ‏على اتهامه من قبل رئيس الجمهورية بأنه يقوم بزيارات سياحة خارجية: "ما أقوم به هو استباق ‏لتشكيل الحكومة لكي ‏أباشر فوراً بالعمل عند التشكيل، ولكن للأسف هذا الكلام (العوني) يسيء ‏للدول التي أزورها، فأنا لا ‏أذهب في سياحة بل أعمل لأحقق أهدافاً محددة تنقذ لبنان، لكن ربما ‏هم من يقومون بالسياحة في القصر الجمهوري".‏

وفي الغضون، كان رئيس الجمهورية يترأس اجتماعاً أمنياً في قصر بعبدا سعى من خلاله إلى ‏تغطية حركة العصيان القضائي التي تقودها القاضية غادة عون، في مواجهة مجلس القضاء ‏الأعلى والنائب العام الاستئنافي، عشية مثولها أمام هيئة التفتيش القضائي اليوم. لكن الأخطر ‏بحسب مصادر المجتمعين أنّ عون لم يتردد في "تأليب الأجهزة الأمنية على بعضها البعض ‏مستهدفاً بشكل خاص شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، على خلفية تصديها للعمليات ‏التخريبية للممتلكات الخاصة التي قام بها مناصرو "التيار الوطني الحر" في عوكر، واعتداءاتهم ‏المشهودة بالكسر والخلع على مكاتب شركة مكتف، من دون أي مسوغ قانوني ولا قضائي"، ‏منبهةً إلى أنّ "النهج الغوغائي الذي يتبعه العونيون في شق صفوف الأجهزة القضائية، يبدو أنه ‏آخذ في التمدد باتجاه محاولة شق صفوف الأجهزة الأمنية من خلال منح رئيس الجمهورية ‏حصانة رئاسية - قضائية - أمنية، لعمليات التخريب والاعتداء على الممتلكات التي يقوم بها ‏مناصروه العونيون، مقابل تحذيره الأجهزة الأمنية من مغبة التعرض لهم في أي تحركات ‏مستقبلية يقومون بها على الأرض كما حصل في عوكر".‏

وإزاء ذلك، استرعى الانتباه موقف ناري لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع رأى فيه ‏أنّ "التيار الوطني الحر أدخل مفاهيم جديدة إلى قاموس السياسة في لبنان، فحماية حقوق ‏المسيحيين تكون بمهاجمة وتكسير شركات خاصة، ومحاربة الفساد تكون بتجهيل الفاعل في ‏الكهرباء والاتصالات والجمارك وعلى المعابر غير الشرعيّة وممارسة الزبائنيّة في الدولة، ‏وتسليط الضوء على تفاصيل صغيرة مقارنة بالجرائم الكبيرة تلك، وبطرق استنسابية غير محقّة ‏وخارج كل قانون"، محذراً من أنّ "ما نشهده في الآونة الأخيرة يذكّرنا تماماً بما كان يقوم به ‏النازيون في ألمانيا حيث كانوا يقومون بعمليات إلهاء جانبيّة، من مهاجمة مؤسسات إلى التعدي ‏على ملكيات خاصة ومهاجمة أشخاص بحجة الفساد، وكل ذلك لحرف الأنظار عن المجرمين ‏الحقيقيين وعن طريقة إدارتهم للأمور".‏




نداء الوطن ‏