ثمّة إجماع في الكواليس السياسية على انّ المبادرة الفرنسية قد سقطت نهائياً، وجاءت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بمثابة مراسم الدفن لها.
بعيداً عن نشوة المعطلين الذين كان لهم ما أرادوه في إعدام فرصة الحل التي أتاحتها المبادرة الراحلة، وعن إحباط المراهنين على هذه المبادرة وحدادهم عليها، تبرز الحقيقة الموجعة التي تحكي عن بلد خارت قواه نهائياً، وصار معلّقاً في الفراغ تتجاذبه احتمالات خطيرة وغليان يضعه على منصّة العدّ التنازلي للحظة الانفجار الاجتماعي الكبير والفوضى التي هي بلا حدود وعلى كل المستويات.
يعدمون البلد
البلد يُعدَم من داخله، على أيدي لصوص مجرمين مكمّلين لبعضهم البعض ومتآمرين مع بعضهم البعض. من جهة، هناك قراصنة السياسة ومدّعو العفة من مواقعهم الرسمية والسياسية ذبحوا البلد واهله على مذبح مصالحهم، وعطّلوا وما زالوا يُمعنون في تعطيل كل فرصة حلّ. ومن جهة ثانية، هناك لصوص اللقمة ومجرمو التجارة والاحتكار ورفع الاسعار واخفاء الاساسيات، واعادة اللبنانيين الى اسوأ من ايام الحروب، بطوابير مصطفة امام الافران ومحطات المحروقات.
هي الجريمة الكاملة ترتكب بحق البلد ولا أحد ممن يقبضون على الحكم تحرّك ماء وجهه وخجل من نفسه وبادر الى ما تقتضيه مسؤوليته. وتبعاً لذلك، من يراقب المشهد الداخلي في الساعات الاخيرة يرى بأم العين ان مقدمات الانفجار الاجتماعي والمعيشي الكبير تلوح في الافق، الناس لم تعد تملك شيئاً، فكما فقدت قوتها ومدخراتها، فقدت طاقتها على الاحتمال وبلغت ذروة الاحتقان، الى حد ان انفجاره صار واردا في اي لحظة، وقد لا يبقى محصورا في شقه الاجتماعي
والمعيشي، إذ ربما يتوسّع الى ما هو اخطر وادهى، ولا يلام الناس ابداً إن اجتاحوا كل مغاور اللصوص واوكارهم.
العطلة
في السياسة، بدأ البلد يدخل شياً فشيئاً في عطلة عيد الفطر، ومن الممكن انّ الاستغراق سلفاً في العطلة قد يخفف بعضاً من الارباك الطاغي على كل المستويات الداخلية، والذي أعقب زيارة الوزير الفرنسي.
وذروة الارباك تكمن في ان لا احد من الطاقم القابض على الدولة يملك السرّ الذي دفع الفرنسيين الى إطلاق رصاصة الرحمة على مبادرتهم وبعد ما يزيد عن 8 اشهر على اطلاقها، ولماذا انتظروا كل هذا الوقت حتى قالوا كلمتهم هذه، ودفع اللبنانيين الى ان يقلّعوا أشواكهم بأيديهم؟ وهل يملك اللبنانيون القدرة على ذلك؟ او بمعنى ادق، هل يمكن افتراض ان اللبنانيين بلغوا من المسؤولية والادراك ما يخوّلهم وحدهم لابتداع حل لمأزق بلدهم؟.. وللتذكير هنا، فإن التجربة مع الأزمات التي مرّت على البلد تكمن في انّ اللبنانيين لم يعتادوا سوى على التسخين والتوتير وإشعال الجمر السياسي وغير السياسي تحت البلد، وفي نهاية المطاف، وبعد افتضاح عجزهم لا بد لهم من الاستعانة بصديق يعينهم على العبور من كل ازمة.
إتصالات
على المستوى الحكومي، صمتٌ مطبق وليس هناك من حراك معلن، سوى استعداد من قبل كل الاطراف للانصراف الى عطلة عيد الفطر، في وقت اكدت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» ان محاولات تجري لإعادة اطلاق قطار التأليف من جديد. وثمة محاولات تواصل بين بعبدا وبيت الوسط عبر اصدقاء مشتركين. وبحسب المعلومات فإنّ هذه المحاولات لم تثمر بعد، وينبغي في هذه الحالة انتظار فترة ما بعد العيد لعل امراً ما يتبلور في ذلك الحين.
في هذا الوقت، ابلغت مصادر معنية بملف التأليف الى «الجمهورية» قولها من الآن وحتى يؤكد الفرنسيون علناً انّ مبادرتهم ما زالت قائمة، فهي تعتبر منتهية ولم يعد لها وجود بعد زيارة لودريان. ومن هنا يمكن القول انّ الاساس الذي حَدّدته هذه المبادرة لتشكيل الحكومة قد انتهى مع انتهاء المبادرة، وصار السؤال المطروح هو التالي: إذا كانت هناك رغبة بتشكيل الحكومة، فعلى اي اساس ستتشكل، وهل ما زال شعار حكومة الاختصاصيين من غير السياسيين يصلح لمرحلة ما بعد المبادرة الفرنسية، ام سيتبدل الحال وترتفع المطالبة بحكومة تكنوسياسية، ونكون بالتالي امام عنوان جديد للاشتباك السياسي حول شكل الحكومة؟
الحريري لن يعتذر
الى ذلك، لم يتغيّر المشهد في القصر الجمهوري لناحية انتظار مبادرة الرئيس المكلف الى تَلقّف دعوات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتفاهم على حكومة وفق المعايير والاصول، ومغادرة السلبية والتجميد اللتين يقارب فيهما الحريري الملف الحكومي. فيما الصورة في المقابل تظهر ان الصمت هو العنوان الاساس لبيت الوسط في هذه الفترة، والذي دخله منذ لقاء الرئيس المكلف بوزير الخارجية الفرنسية في قصر الصنوبر.
ولا تحمل المعلومات ما يؤكد ان الحريري قد يبادر الى طرح مسودة حكومية بعد العيد، فبحسب المصادر المعنية بهذا الملف فإنّ المسألة بعد انتكاسة المبادرة الفرنسية صارت الآن اصعب، والشروط اكثر تعقيدا. ويبدو انّ هذا الحال سيستمر الى أمد طويل.
وعن المدى الذي قد تبلغه المراوحة، اكدت المصادر ان لا شيء يحول دون استمرار هذا التعطيل الى آخر العهد فلا احد مستعجلاً، فرئيس الجمهورية ليس مستعجلاً على التأليف فهو اليوم في احسن حالاته، وهو الرئيس الاوحد للبلد في غياب حكومة جدية، ويدير الامور كما يشاء، وعلى ما يبدو هو مرتاح جدا بهذه الوضع، ولا ننتظر منه سوى التصلب في مواقفه وشروطه ورفع سقفها اكثر فأكثر.
امّا الرئيس المكلف، فتؤكد المعلومات انه لن يقدم على الاعتذار خلافاً لكل الاجواء التي احاطت ذلك في الأيام الاخيرة. وعلى ما يقول مقرّبون: «سعد باقي الى ما شاء الله، ولن يترك الساحة لعون وجبران».
قلق أوروبي
الى ذلك، أعربَ الاتحاد الاوروبي عن قلقه حيال الوضع في لبنان.
وذكرت وكالة فرانس برس مساء أمس انّ الاتحاد الأوروبي «أعربَ عن استيائه إزاء المراوحة السياسية التي يشهدها لبنان، وبدأ التحضير لفرض عقوبات على مسؤولين سياسيين يعتبرهم مسؤولين عن العرقلة، وفق ما أعلن وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل».
وقال بوريل، إثر اجتماع لوزراء خارجية دول التكتل في بروكسل: «نعمل على اتّباع سياسة العصا والجزرة. كل الخيارات مطروحة من أجل الضغط على الطبقة السياسية التي تحول دون الخروج من المأزق».
وأشار، قبل بدء مباحثات وزراء الخارجية، الى أنه بحث الأزمة مع وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، الأحد الماضي، معبّراً عن أسفه لعدم تحسن الوضع في لبنان.
وكان ديبلوماسي أوروبي قد أفاد «العربية» نهاية الأسبوع الماضي بأنّ قسم العمل الخارجي الأوروبي وزّع ورقة خيارات على الدول الأعضاء، تشمل حوافز لتفعيل الشراكة مع لبنان، إذا تزود بحكومة إصلاحات»، مؤكداً أن «الورقة لا تستبعد خيار العقوبات». وأضاف: «إننا نتقدم خطوة خطوة باتجاه إجراءات ملموسة».
الى الداخل
الى ذلك، أبلغت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية انّ زيارة الوزير لودريان الى بيروت كانت مدروسة بكل تفاصيلها، ويخطىء اللبنانيون اذا اعتبروا انّ رئيس الديبلوماسية الفرنسية حضر ولم يكن يحمل شيئاً معه. بل على العكس من ذلك، جاء ليؤكد بما لا يقبل أدنى شك بأنّ باريس متعاطفة مع الشعب اللبناني، وستبقى حاضنة له ولن تتخلى عنه كما تخلى عنه القادة السياسيون، وستبقى الى جانبه على كل المستويات.
وعكست المصادر شعوراً متزايداً بالغضب لدى الادارة الفرنسية على خلفية تعامل السياسيين في لبنان مع الازمة التي تعصف ببلدهم، لافتة الى انّ المشمولين بالعقوبات الفرنسية في لبنان ينتمون الى اطراف عديدة وليسوا محصورين بجهة واحدة بعينها، جازمة في هذا السياق ان هذه العقوبات لم توفر تيار المستقبل ولا التيار الوطني الحر، الا انها لم تَشأ الدخول في اسماء، قائلة: هذه الاسماء لن تبقى محجوبة لزمن طويل.
باريس إجازة
على انّ اللافت للانتباه هو ان المصادر الديبلوماسية من باريس لم تؤكد وفاة المبادرة الفرنسية، بل اشارت الى انّ الفرنسيين لا يستطيعون ان ينهوا مبادرهم، او بالاحرى دورهم في لبنان، والذي تشكل المبادرة القاعدة الاساسية له في هذه المرحلة. ولكن ما ينبغي الالتفات اليه هو ان باريس قد منحت نفسها اجازة، ربما طويلة من الملف الحكومي اللبناني. وهو امر يلقي الكرة مجددا في ايدي اللبنانيين، لعلهم في ظل الامر الواقع الجديد يتمكنون من ابتداع مخرج لأزمتهم بدءاً بتشكيل حكومة تضع لبنان على سكة الانقاذ والانفراج.
الى ذلك، كشفت مصادر مسؤولة ما سمعته من معلومات موثوقة حول زيارة لودريان تفيد بأنّ فرنسا لم تخرج مبادرتها، بل انها ما زالت تعتبرها الاساس الصالح لمعالجة الازمة في لبنان وفرصة الحل الوحيدة. وما عبّر عنه لودريان ليس اكثر من اعلان عدم ثقة باريس بالطاقم السياسي وخصوصا من هم معنيون مباشرة بملف تأليف الحكومة، ويتقاذفون بأسباب وعوامل تعطيلها.
ولفتت المصادر الى انّ جُل ما أقدمت عليه الادارة الفرنسية، لجهة العقوبات على شخصيات لبنانية، هو تصحيح خطأ فرنسي ارتكب منذ ايلول من العام الماضي. اذ انّ الجانب الفرنسي قرّر الآن ان ينتصر لكرامة رئيسه ايمانويل ماكرون الذي طرح مبادرته وتلقى وعودا كاذبة من اللبنانيين، وها هو يواجه الكاذبين بالعقوبات.
أخطأوا 4 مرات
وتبعاً لذلك، اكد مرجع سياسي لـ»الجمهورية» ان الفرنسيين أخطأوا 4 مرات، المرة الاولى عندما اعتقد انّ لبنان مبني على رؤى سياسية واحدة ونظرة واحدة الى الامور والقضايا، وفاتَه انّ اجواء لبنان متقلبة منذ نشوئه، ورماله متحركة تبلع الاخضر واليابس.
والمرة الثانية، يضيف المرجع، عندما طرح مبادرته في آب الماضي من دون ان يضع آلية تطبيقية لها، او ان يواكب تطبيقها بشكل مباشر بل تركها تحت رحمة اللبنانيين الذين أوّل ما فعلوه بها هو انّ كل طرف فَصّلها على مقاسه وقارَبها بما يخدم توجهاته حتى أفرغها من مضمونها.
والمرة الثالثة حينما أعطى ماكرون، بعد طرحه المبادرة، مهلة 15 يوما لتشكيل حكومة مصطفى اديب، ومن دون ان يبادر الفرنسيون الى مدَّها بقوة الدفع اللازمة لتشكيلها سريعاً، خصوصاً انّ كل الاطراف كانت محشورة آنذاك ومتهوّلة من انفجار مرفأ بيروت، وتريد الخلاص. ومع ذلك لم تبادر باريس الى الدفع الجدي بل الى بيان التقريع الصادر عن الرئيس الفرنسي آنذاك واتهم فيه القادة اللبنانيين بالخَوَنة لبلدهم.
اما المرة الرابعة، يتابع المرجع، فكانت عندما انتظر الجانب الفرنسي كل هذه المدة التي تزيد عن 8 اشهر ليُريَ عينه الحمراء لمعطّلي الحل في لبنان. هذا الامر كان يجب ان يتم في الايام الاولى للمبادرة، وتحديدا بعد انقضاء مهلة الـ15 يوماً السالفة الذكر، ولا ينفع اليوم بعدما تبدلت الظروف واصيبت المبادرة الفرنسية منذ اشهر بوَهن واضح تدرّج من سيّئ الى أسوأ منذ ذلك الحين وحتى اليوم.
وبحسب المرجع ان العقوبات التي تحدث عنها الفرنسيون غير مبررة اساساً، الّا انها قد تكون أخفّ وطأة ان كانت منطلقة من غضب فرنسي على كذب القادة في لبنان على الرئيس ماكرون وعدم إيفائهم بالتزامهم. الا انها لا تكون منطقية ابداً اذا ارتكز فيها الجانب الفرنسي على ابعاد سياسية، اي انه لا يستطيع ان يفرض عقوبات على جهة لها وجهة نظر سياسية مختلفة، ثم انّ في لبنان لعبة ديموقراطية كل طرف يطرح ما يريده عند تشكيل الحكومة او في محطات اخرى. قد يطرح الرئيس المكلف ما يريده من ضمن هذه اللعبة، وقد يطرح وجبران باسيل ما يريده، هذه لعبة سياسية وضمنها يطرح كل طرف ما يريده أسوةً بما يجري في كل دول العالم. فهل يقابل ايّ من هؤلاء بالعقوبات؟ هذا لا يسمّى عقوبات بل يسمّى افتراء.
أمل: طبيعة النظام؟
الى ذلك، اكدت حركة أمل، في بيان لمكتبها السياسي امس، «أنّ تطورات المنطقة والحوارات القائمة بين دوَلها تفرض من جديد التركيز على الإسراع في الوصول إلى حلحلة».
واشار البيان الى انّ قلق اللبنانيين يزداد ليصل إلى حدود اليأس نتيجة مواقف الأطراف والتذاكي في رمي الاتهامات بالتعطيل السياسي الذي تجاوز حدود المعقول، ولم يضرب صورة العهد والسلطة وقدرتهما على المعالجة، بل بدأ يطرح أسئلة أكثر تعقيداً حول طبيعة النظام، والقدرة على الاستمرار والحفاظ على وجود اللبنانيين وحمايتهم سياسياً واجتماعياً، وعلى الثقة بالنهوض من جديد بعد تضييع الفرصة التي كانت مدخلاً لتجاوز الأزمة وبدء مساعي الحل الاقتصادي والمالي والاجتماعي، عبر الالتفاف على مبادرة الرئيس نبيه بري والعودة لطرح صيَغ تعيدنا إلى مربّع الثلث المعطل بشكل أو بآخر، وتُبعدنا عن الوصول إلى تفاهم وتسوية يجب أن تبقى قائمة على قاعدة المبادرة الفرنسية.
واكد اليبان «انّ تطورات المنطقة والحوارات القائمة بين دولها تفرض من جديد التركيز على الإسراع في الوصول إلى حلحلة العقد، والابتعاد عن الحسابات المصلحية والخاصة وإنجاز تشكيلة حكومة قادرة على مواكبة ما يجري، والإستفادة من الفرص حتى لا تكون نتائج ما يجري في الإقليم على حساب لبنان وشعبه، ولننقذ ما يمكن بعد الانهيارات الواسعة في تأمين مقدرات عيش اللبنانيين وحياتهم والتي أصبحت بأبشع صورها مع فقدان المواد الاساسية والارتفاع الحاد بالأسعار. واقتراحات القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وتبييض الأموال والاثراء غير المشروع والتي سبقت كل المطالبات القائمة اليوم، تسأل القيّمين على السلطة التنفيذية والقضائية أين هم من تطبيق هذه القوانين والالتزام بمضمونها، والسير نحو كشف وتحديد المسؤولين عن الفساد وهدر المال العام، وإقرار العقوبات اللازمة؟
الدعم توقّف
نظرياً، لم يصدر قرار رسمي حتى اليوم بوقف الدعم. وعملياً، توقف الدعم عن كل السلع من دون الحاجة الى اعلان، ولو انّ الرسالة التي بعث بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس الى وزير الاقتصاد راوول نعمة كانت بمثابة إبلاغ غير مباشر بتجميد الدعم. إذ أحاط سلامة، نعمة عِلماً بتغيير آلية الدعم بحيث أصبح المستورد بحاجة الى موافقة مسبقة. وبما انّ الآلية غير واضحة، وهي تحتاج الى اجتماعات وتنسيق بين المركزي والاقتصاد، يمكن القول ان الدعم توقف، بانتظار ما يُثبت عكس ذلك.
مصادر معنيّة أوضحت لـ»الجمهورية» انّ قرار البنك المركزي جاء بعد بلوغه سقف الاحتياطي الالزامي وعدم تمكّنه من السير بسياسة الدعم القائمة من خلال مَنح موافقات مباشرة لكافة الطلبات التي ترده عبر الوزارات المختصة، أو من خلال اضطراره الى تسديد قيمة فواتير المستوردات التي يقوم التجّار باستيرادها وبيعها بالسعر المدعوم قبل تقديم الطلبات والحصول على مواقفات الوزارات او مصرف لبنان. ووفقاً للآلية الجديدة، سيحظّر على الشركات والتجار الاستيراد قبل الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان، مما اعتبرته المصادر بمثابة «ترشيد للترشيد» حيث سيتقلّص عدد السلع الغذائية المدعومة الى مستويات متدنية جدّاً قد لا تتخطى أصابع اليد الواحدة، مقدّرة ان يستمرّ الدعم فقط على السلع التي تمسّ بالأمن الغذائي، مثل القمح والخميرة والسكر وحليب الاطفال. (ص 9)
وأخيراً... المنصّة
بعد طول انتظار، أعلن مصرف لبنان امس إطلاق العمل في المنصة الالكترونية للتداول عبر 3 تعاميم وقّعها حاكم المركزي رياض سلامة. ومن خلال مضمون التعاميم، يتضح ما يلي:
اولاً - انّ طريقة عمل المنصة ستكون شبيهة بطريقة عمل السوق السوداء من حيث حرية التداول بيعاً وشراء، وعدم حصر العمليات بفئة محددة.
ثانياً - ستكون العمليات مسجلة بأكملها وسيتم إرسالها الى المصرف المركزي بما يعني إضفاء الشفافية على عمليات السوق، بحيث سيصبح المركزي قادراً على الاطلاع على ما يجري يوميا وساعة بساعة في سوق الصرف.
ثالثاً - لم يُشر التعميم الى تمويل للمنصة، لكنه تحدث عن احتمال تدخل مصرف لبنان وفق قدراته لضبط وضع الصرف بما يمكن تفسيره بأن المركزي يترك لنفسه فرصة ضَخ الاموال ولكن بكميات محدودة وفي ظروف محددة فقط.
يبقى انّ محدودية تدخّل المركزي هو أمر جيد من الوجهة المالية، لأنه يعني انه لا اموال اضافية لدعم سعر الصرف. لكن في المقابل، هذا الوضع يطرح تساؤلات حول السقف الذي قد يبلغه سعر صرف الدولار عندما سيتم رفع الدعم.
الجمهورية