ارتفع علم فلسطيني عملاق مساء اليوم على احد ابراج قلعة صيدا البحرية في رسالة تضامن لبنانية فلسطينية من عاصمة الجنوب ومخيماتها لأبناء الشعب الفلسطيني الصامدين والمقاومين في القدس وغزة واستنكارا للعدوان الاسرائيلي على القطاع.
منذ اليوم الأول لبدء المواجهات بين المقدسيين وقوات الاحتلال الاسرائيلي في احياء القدس واكناف بيت المقدس لم تتوقف في مخيمات لبنان كما في العديد من مدنه التحركات التضامنية مع المنتفضين في حي الشيخ جراح وباب العمود ومحيط المسجد الأقصى بوجه محاولات الكيان الصهيوني اخراج سكان هذه الأحياء من بيوتهم واحيائهم ومنعهم من الدخول الى الأقصى .
وشهدت عاصمة الجنوب صيدا ومخيماتها ولا تزال اشكالاً مختلفة من هذه التحركات تنظمها قوى واحزاب لبنانية وفصائل فلسطينية او أطر مشتركة وتتوزع بين وقفات تضامنية ومسيرات ليلية تتصاعد وتيرتها تباعاً لا سيما مع الردود الصاروخية للمقاومة الفلسطينية في الداخل ومن غزة على الاعتداءات والممارسات الاسرائيلية .
ليست المرة الأولى التي يهب ابناء صيدا ومخيماتها دعماً لأهلهم في القدس وغزة والتضامن معهم واستنكار وشجب ما يتعرضون له من ارهاب اسرائيلي ، فصيدا لطالما اعتبرت عاصمة اللجوء الفلسطيني في لبنان وقلعة القضية الفلسطينية والمدافعة عنها ، كونها تضم اكبر التجمعات الفلسطينية فيه وحاضنة لكل التنوع الفلسطيني المتداخل مع النسيج الاجتماعي في المدينة.. لكن هذه المرة بالنسبة لكثير من الفلسطينيين كما من اللبنانيين ، يتسم التضامن الصيداوي مع فلسطين بوهج وزخم مزدوج فيمتزج الاستنكار والحزن على سقوط الشهداء والجرحى والتعبير عن الغضب والدعم لأخوتهم الصامدين في ارض الرباط ، بقدر عال من المعنويات التي ضختها في نفوسهم مشاهد قصف المقاومة الفلسطينية لعمق تل ابيب وعسقلان وسواهما من معاقل الاحتلال ومدنه الحيوية .
في مخيم عين الحلوة، يتخذ الغضب الفلسطيني شكل "استنفار" هذه المرة سياسي وشعبي.. ليال وايام عدة مرت وابناء المخيم لم يغمض لهم جفن عما يجري في وطنهم الأم .. قلوبهم كما عيونهم شاخصة الى قلب القلب وارضا الأباء والأجداد ، يتابعون لحظة بلحظة عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي التطورات المتسارعة في القدس وغزة ، ويخرجون الى الشوارع والساحات والطرقات رافعين العلم الفلسطيني والصوت الفلسطيني صادحا بحناجر لاجئيه الغاضبين على وقع الاناشيد الوطنية والحماسية والتكبيرات التي ترتفع من مآذن المساجد بين الحين والاخر، بينما تجوب الشوارع سيارات مع مكبرات الصوت تدعو الى المشاركة في مسيرة هنا او اعتصام هناك ، داخل المخيم او في مدينة صيدا.
ورغم ذلك يجد كثير من الشباب الفلسطيني ان المسيرات والوقفات التضامنية غير كافية لنصرة اهلهم في الداخل الفلسطيني . وبهذا المعنى يعبر وسام اللداوي ( مسقط رأسه "اللد" في فلسطيني والتي هجر منها والده قسراً وهو صغير ابان نكبة فلسطين في 15 ايار من العام 1948 )فيقول : تمنيت ان اكون في اللد واشارك في انتفاضة الشرف ضد الاحتلال الاسرائيلي. ويضيف بفخر واعتزاز "نحن من جبل النار، موئل الثوار والاحرار الذين اذاقوا العدو الاسرائيلي مرارة الاحتلال . نحن نرى ان العودة باتت اقرب الى فلسطين، فالنصر آت لا محالة وسنقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
ويقول ابراهيم الشهابي ان هذا التضامن الواسع مع اهلنا في فلسطين يثبت اننا حيثما كنا شعب واحد في الداخل والخارج، وان هذه الوقفات رغم رمزيتها لها أثر كبير في دعم صمودهم ، وان المخيمات هي خزان الثورة. ونقول لهم " لن نترككم وحدكم وسنصلي معا في القدس قريباً".
رأفت نعيم