اسعد حيدر
"تسونامي " المرشحين ً للانتخابات الرئاسية في اليوم الأخير من فترة الترشيح ، ونوعيتهم المميزة من حيث الأهمية والانتماء والمواقع، تؤشر الى انه ليس طبيعيا ولا عاديا ، اذ جرى تحت المياه العميقة ضغطا مدروسا لينتج ما شهدته مكاتب التسجيل في ساعات وكأنها كانت مقفلة او ممنوعة . جردة موضوعية للقائمة الطويلة من المرشحين التي تضم ٥٩٢ مرشحا من بينهم ٤٠ امرأة لن يبقى٤ وكما جرت العادة اي واحدة منهن، لانه وان كان لا يوجد نص على منع المرأة بالترشح وانتخابها رئيسة للجمهورية الا انه رغم كل خطابات موقع المرأة المميز في المجتمع الاسلامي الايراني الا انه لم ينتج ذلك المساواة المرتجاة سوى في مواقع وزارية غير وازنة اومؤثرة ، والاهم ان عشرات وبعضهم من المرشحين البارزين سينسحبون لانهم ترشحوا احتياطا للحلول مكان المرشح الفعلي لتياره في حال منع "مجلس صيانة الدستور" لأي حجة يقررها منع المرشح من متابعة ترشحه ، علما ان عدد أعضاء هذا المجلس هو ١٢ عضوا نصفهم يختارهم " الرهبر" اي القائد اية الله علي خامنئي ، مما يعني ان قرار الشطب يعود لخامنئي كما حدث في الدورة الماضية مع السيد حسن حفيد الامام الخميني ولذلك اكتفى هذه الدورة بنصيحة او بطلب من خامنئي بالا يترشح فلم يترشح.
قائمة مرشحي اليوم الأخير تضم عددا من الأوزان الثقيلة وحتى ما يمكن وصفهم ب"الدناصير" في الجمهورية الاسلامية في ايران لانهم يتنقلون في المواقع الرسمية بدون اي عائق خصوصا الذين يتمتعون بثقة "الرهبر" خامنئي … ومن ابرز الثلاثة عشر :
• السيد ابراهيم رئيسي المرشح الفاشل امام حسن روحاني رغم حصوله كما قيل على ١٦ مليون صوت ، ورئيس القضاء المعين وعضو لجنة الموت في صيف العام ١٩٨٨ كما يصفه اية الله حسين منتظري والمقرب جدا من "الرهبر" خامنئي ،والطامح لان يكون خليفته …
• علي لاريجاني رئيس مجلس النواب عدة دورات وعضو سابق في المكتب السياسي للحرس الثوري وشقيق صادق لاريجاني الذي بقي عشر سنوات رئيسا للقضاء قبل ان يتسلم رئيسي الموقع …
• إسحاق جهانغيري النائب الحالي للرئيس روحاني وكان في الدورة مرشحا عن الاصلاحيين وانسحب لمصلحة روحاني … جهانغيري قدم ترشيحه بالحديث عن "المشكلات المزمنة التي تضرب ايران " وهي مشكلات تكاد تكون في معظمها مما يعيشه اللبنانيون وتدفعهم للمطالبة برحيل كل السياسيين والمسؤولين في الشعار الشعبي "كلهن يعني كلهن " ، ومما عدده جهانغيري للمشكلات " الفقر،ارتفاع نسبة البطالة ، تعطل عجلة الانتاج، تراجع الانتاج، تراجع الاستثمار ، أزمة المياه، نمو الفساد، المشكلات الناتجة عن القطاع المصرفي والموازنة ، مشكلات القطاع الصناعي والزراعي واخيرا وليس آخرا تراجع امل الناس في صناديق الاقتراع " .
• احمدي نجاد الرئيس السابق الذي منع من الترشح وكان قد جاء الى الرئاسة في مواجهة هاشمي رفسنجاني وبدعم كامل من خامنئي وصل الى درجة التزوير كما قال بنفسه ثم انقلب على ولي نعمته ا
"الرهبر " وهو رغم منعه في الدورة الماضية ترشح هذه المرة مهددا بالدعوة لمقاطعة الانتخابات اذا منع من الترشح وهو بهذا يعرض الهدف الأساسي للانتخابات لمزيد من خطر فقر الإقبال الشعبي …
• محسن رضائي الجنرال الذي رغم تقاعده وترشحه للرئاسة سابقا فانه ما زال مصرا على خوض الانتخابات
•سعيد جليلي مسوؤل ملف المفاوضات النووية الذي حقق نجاحا ملحوظا فيه عام ٢٠١٣ …
•ايضا وايضا. عبد الناصر همتي محافظ المصرف المركزي سابقا ، ومحسن شريعتمداري ، وعلي رضا زنكاني النائب المتشدد ومصطفى كواكبيان النائب الاصلاحي والجنرال عزت الله ضرغام رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون وطبعا يوجد سابقا من الحرس الجنرال سعيد محمد رئيس "مجمع خاتم الأنبياء " الذي يسيطر ويدير معظم المشاريع الاقتصادية للحرس الثوري والتي تقدر قيمتها بحوالي ٩٦ مليار دولار … والجنرال رستم قاسمي نائب قائد الحرس للشؤون الاقتصادية والجنرال علي رضا الشار قائدالباسيج والجنرال حسين دهقان قائد الحرس السابق ومستشار "الرهبر "…
و عود المرشحين كثيرة ولو استطاع احدهم تحقيق البسيط منها يكون من انجح الرؤساء لكن ولا واحد قادر من القابع في " باستور " حيث مقر رئاسة الجمهورية العثور على الدواء للبكتيريا وحتى الفيروسات المعششة والمتكاثرة داخل جسم النظام وصولا الى ايران العميقة ، اذا ماهي الغاية من هذا الحشد من المرشحين ؟
الجنرال رئيس مجلس الشورى محمد قاليباف وضع يده على الجرح الموجع للنظام عندما قال عن تدفق المرشحين : "انها بداية مشجعة لمشاركة عالية " … عقدة النظام الحالية ان يمتنع الناخبون عن الاقتراع فتنكشف لاول مرة انهيار الثقة الشعبية بالنظام … طبعا النظام المتمرس باللعبة الانتخابية ( الدورة الثالثة عشرة للانتخابات الرئاسية ) جمع بين الانتخابات الرئاسية والبلدية التي يقع فيها إقبال تفرضه الحساسيات داخل المدن والأحياء والقرى ومع ذلك ماذا عن الدورة الثانية اذا وقعت ؟
من يأتي رئيسا لن يصيغ معجزة لحل المشاكل والأزمات التي بدأت قبل اربعين عاما وهي تتعمق يوما بعد يوم ، وهو ايضا لن يفعل اكثر من التوقيع على اي اتفاق نووي اخر سواء كما هو او معدلا فالأمر يعود اولا واخيرا الى الرهبر والحلقة الضيقة من معاونيه خصوصا من جنرالات "الحرس الثوري"… لذلك الحدث مستمر والفلكلور سيكتمل.