أخبار لبنان

‏ هم الأساس

تم النشر في 18 أيار 2021 | 00:00

النهار - قفا نحكِ


راشد فايد


أيا يكن ما تخلص إليه المواجهة الراهنة في فلسطين المحتلة، بين أهل الدار والمحتل، فالثابت أن ‏وقائع الأيام المنصرمة، والمقبلة، نقلت، بالدم والدمار وأرواح الشهداء، القضية الفلسطينية من ‏المراوحة تحت مماحكات اتفاقات أوسلو (1993 و1995) وخلافات اهل القضية وتعنت ‏الإسرائيلي، وتمييع التزاماته، إلى حضن الإهتمام العالمي الشعبي الصادق. ولم يواز انفجارات ‏الصواريخ الفلSطينية في مناطق الإحتلال الصهيوني، سوى انفجار الغضب في كبرى المدن ‏والعواصم العالمية في مسيرات وتظاهرات حاشدة، ترفع لواء حق الشعب الفلSطيني في دولته ‏المستقلة ذات السيادة‎.‎

إذاً، اخرجت قضية حي الشيخ جرّاح في القدس المعاناة الفلسطينية المتمادية من الأنين الذي لا ‏يود الإسرائيلي أن يستجيب له العالم، إلى صراخ لا يستطيع هذا العالم أن يتجاهله، وبات يقرع ‏ضمائر الشعوب ويهز صدقية الحكام، لاسيما منهم من يزعم التمسك بالعدالة والحقوق الإنسانية ‏إلا للشعب الفلSطيني‎.‎

أعادت المواجهات إلى النقاش حل الدولتين الذي أراد الرئيس الأميركي السابق الجمهوري دونالد ‏ترامب طيه تحت غطاء "صفقة القرن"، وتجاهله طيلة فترة ولايته الرئاسية، التي لم ينجح في ‏تجديدها، ليحل في البيت الأبيض جو بايدن الذي يتابع نهج أسلافه الديموقراطيين في دعمها، من ‏دون أن يعني ذلك أي استعداد لديه لإرغام اسرائيل على القبول بها من دون تلبية ما تزعمه ‏حقوقا لها، أو ما تسعى إلى إنجازه ولو برغم اعتراض جُل المجتمع الدولي، كحال اصرارها ‏على تهو..يد القدس، التي ليس حي الشيخ جراح سوى آخر نماذج طرد سكانها واحتلال بيوتهم ‏لمصلحة مستوطنين من كل بقاع العالم. فيما تبدو الإدارة الأميركية الجديدة تتجنب اتخاذ موقف ‏واضح من مصير القدس والذي كان فرقاء أوسلو اتفقوا على تركه للمراحل الأخيرة من ‏مفاوضات حل الدولتين، ولذا لم تسهل لمجلس الأمن يوم الأحد الفائت بأعضائه الـ 15، وفي 3 ‏إجتماعات، إصدار بيان مشترك يستهدف وقف أعمال القتال ويجدد تأييد حل دولتين تعيشان ‏جنب إلى جنب، وفق منطوق قرارات الأمم المتحدة المتتالية‎.‎

هل من سبب إسرائيلي آخر يؤخر وقف النار؟

الواضح أن الثمن الذي تتكبده حكومة تل أبيب لمواصلة المواجهة، برغم ضخامته، تدميرا وقتلى ‏وإنفاقا، لا يبعد عن تفكيرها السعي لفرض وقائع جديدة على الأرض تخدم تصورها لمصير ‏القدس، وعزمها على جعل حياة الفلSطينيين أكثر صعوبة لا سيما في قطاع غ ز ة، وهو ما ‏يفسر الرفض الأميركي لإصدار بيان عن مجلس الأمن بمبادرات صينية وتونسية ودانمركية، ‏كأنما تريد واشنطن وقف القتال من دون إدانة مشعله، وربما تسعى لتجهيله، وتحميل أهالي الشيخ ‏جراح المسؤولية لتمردهم على أحكام الطرد من بيوتهم، بينما الإعلام الدولي، بكل وسائله، لم ‏يترك سترا للفظائع الإسرائيلية لم يفضحه‎.‎

ما شهدته فلSطين التاريخية أخيرا رسالة واضحة أن من يأتي بفلسطين من المحتل ليس سوى ‏الفلسطينيين أنفسهم، وليس أي طرف آخر من وراء الحدود ومكبرات الصوت، فإن لم يتحركوا ‏هم لن يكون لردود فعل الآخرين أي مبرر ولا جدوى. هم الأساس‎.‎