عرب وعالم

زيارة أميركية خاطفة إلى ليبيا.. هذه أسبابها وأهدافها

تم النشر في 19 أيار 2021 | 00:00

زيارة خاطفة أجراها وفد أميركي رفيع المستوى إلى ليبيا، تحمل في ظاهرها رسائل دعم ‏لحكومة الوحدة الوطنية وخارطة الطريق، إلا أنها تركز بالأساس على ملف إخراج الميليشيات ‏المسلحة من البلاد‎.‎

وزار وفد أميركي برئاسة النائب الأول لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جوي ‏هود، طرابلس، الثلاثاء، حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ووزيرة الخارجية نجلاء ‏المنقوش‎.‎

وتأتي الزيارة في توقيت حساس بالنسبة لليبيا، خاصة بعد أيام من اقتحام ميليشيا مسلحة في ‏الغرب فندق كورنثيا بطرابلس الذي يجتمع فيه المجلس الرئاسي الجديد، احتجاجا على تصريحات ‏وزيرة الخارجية المطالبة بطرد المرتزقة من ليبيا، مما عرض خريطة الطريق إلى خطر ‏استشعرته واشنطن‎.‎

كما أن الزيارة جاءت بعد أيام من تعيين السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، مبعوثا ‏أميركيا خاصا إلى البلاد، بالإضافة إلى مهمته كرئيس للبعثة الدبلوماسية، بهدف تعزيز الدعم ‏الدولي لإيجاد حل سياسي وشامل ومتفاوض عليه يقوده الليبيون وتيسره الأمم المتحدة، بحسب ‏بيان سابق للخارجية الأميركية‎.‎

وخلال مؤتمر صحافي جمع الوزيرة مع هود، جددت المنقوش مطالبتها بخروج كافة القوات ‏الأجنبية والمرتزقة من بلادها‎.‎

وأكدت وزيرة الخارجية الليبية أنها اتفقت مع المسؤول الأميركي على "ضرورة الحفاظ على ‏بلادها موحدة وخاضعة للسيادة الوطنية، وإطلاق مصالحة وطنية شاملة" في البلد الذي مزقته ‏سنوات من الاقتتال الداخلي‎.‎

وقال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الزيارة الأميركية ‏الخاطفة تدل على تعرض جهود واشنطن نحو إعادة الاستقرار في ليبيا إلى الخطر، مشيرا إلى ‏أن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة "لم تتقدم خطوة واحدة في خارطة الطريق ‏التي أقرها ملتقى الحوار"، مما جعل إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، 24 كانون الاول ‏المقبل، محل شك‎.‎

وأوضح المرعاش أن "الزيارة تأتي بعد الهجوم الميليشياوي على مقر إقامة رئيس المجلس ‏الرئاسي، ورفض كيانات ميليشياوية قرارات المجلس الرئاسي بشأن التعيينات في أجهزة أمنية ‏حساسة، في محاولة من هذه العناصر للسيطرة عليها‎".‎

وأشار إلى أن واشنطن دشنت بالزيارة بداية عمل نورلاند كمبعوث أميركي خاص إلى ليبيا، في ‏محاولة لـ"الانفراد بالأزمة الليبية وتوظيفها في صراع النفوذ مع روسيا"، محذرا من "عواقب ‏الممارسات الأميركية التي ستزيد أمد الأزمة وتعمق الانقسامات الدولية، مما يجعل من الصعب ‏على الأطراف المحلية التوصل الى تسويات ترضي الجميع"‏‎.‎

وحول دعوة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش لافتتاح السفارة الأميركية في ليبيا، قال المحلل ‏السياسي إن "الخطوة إن تمت فستمثل رمزية قوية بأن الولايات المتحدة متمسكة بالانفراد بالملف ‏الليبي، خصوصا بعد تعيين رجل أميركا القديم-الجديد ريتشارد نورلاند، الذي بات الآن بريمر ‏ليبيا"، تشبيها له بمبعوث واشنطن إلى العراق بعد الغزو الأميركي بول بريمر‎.‎

طرد المرتزقة

من جهة أخرى، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي إن الزيارة تضع إشارات عدة حول ‏الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة لحكومة الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، بدءا من العمل ‏معها على ملف خروج المرتزقة وصولا للانتخابات المرتقبة‎.‎

وأشار الأوجلي في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن هذه الزيارة تعد رسالة لكافة ‏الدول المتدخلة في ليبيا بأن الملف "أميركي بامتياز"، لا سيما قبيل انعقاد مؤتمر برلين الثاني في ‏النصف الثاني من شهر يونيو المقبل، مما سيؤثر بشكل مباشر على مخرجاته‎.‎

من جهة أخرى، توقع المحلل السياسي أن يشهد ملف خروج المرتزقة تطورا بعد هذه الزيارة، ‏فالضغوط الأميركية ستكون كبيرة تجاه هذا الملف الذي يعد أحد العراقيل أمام إجراء الانتخابات‎.‎

واعتبر أن واشنطن قدمت "دفعة كبيرة" لوزيرة الخارجية الليبية في موقفها الثابت من أزمة ‏المرتزقة، مما "سيخفف الضغط عليها بشكل كبير عقب الحملة الإعلامية الشرسة التي شنها ‏تنظيم الإخوان وقادة الميليشيات في ليبيا"، متوقعا إغلاق ملف المرتزقة وحسمه قريبا بعد التوافق ‏الليبي الأميركي‎.‎

توحيد الجيش

أما عن توحيد المؤسسة العسكرية، فرغم استبعاد الأوجلي أن تؤثر الزيارة بشكل مباشر عليه ‏كونه معقدا ويرتبط بشكل رئيسي بحل الميليشيات المسلحة في المنطقة الغربية، فإنه عبر عن ‏اعتقاده بـ"حلحلة قريبة لفتح الطريق الساحلي، التي ربما تكون بداية لتوحيد المؤسسة العسكرية‎".‎

في السياق ذاته، تحدث المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري لموقع "سكاي نيوز عربية"، ‏مشيرا إلى إن "واشنطن تقصد برحيل القوات الأجنبية من ليبيا المرتزقة والقوات التي جلبتها ‏تركيا بموجب اتفاقية أثارت ردود فعل غاضبة في حينها‎".‎

وتساءل الفيتوري عن كيفية تسمية القوات التركية التي وصفها بـ"المحتلة"، بقوات شرعية، ‏مشيرا إلى أن "الزيارة جاءت لدعم الموقف الليبي ممثلا في وزارة الخارجية المطالب بإخراج ‏فوري للقوات الأجنبية‎".‎

ورغم تفاؤله بأن حلحلة ملف القوات الأجنبية في ليبيا سيؤثر إيجابا على خارطة الطريق، فإنه ‏أكد أن بلاده أصبحت "لا تنخدع كثيرا بتصريحات العمالقة الكبار مثل أميركا وروسيا‎".‎

وقال المحلل السياسي: "القوات الأجنبية لن تخرج من ليبيا إلا بالقوة، سواء بقوة السلاح التي ‏سيقودها من الداخل الجيش الليبي، أو بضغط المجتمع الدولي على تركيا الذي سيكون نابعا من ‏تخوفات اشتعال المنطقة"‏‎.‎




سكاي نيوز عربية ‏