هايد بارك

العشائر... والمشروع العربي بقيادة السعودية (الجزء الاول) - علي الشاهين

تم النشر في 2 حزيران 2021 | 00:00

كتب علي الشاهين (*) :

منذ عقد و نيف ما زالت شريحة العشائر العربية في لبنان تتقدم رويدا رويدا نحو المشهد السياسي و الإعلامي و الثقافي في لبنان ،فهذه الشريحة التي يقدر عددها بحوالي ٤٥٠ ألف نسمة و حوالي 105 ألاف ناخب ( ثلث الطائفة السنية ) و هم المنتشرين في معظم المحافظات اللبنانية، ما زالت تسجل ما بين الفينة و أخرى خطوات و مواقف تحمل مدلولات و أبعاد عديدة ، و أبرزها هو انها غقدت العزم على تعزيز دورها في مسألة المشاركة الوطنية في سياسات و مكتسبات و حقوق و واجبات عديدة..

و يرى بعض المتابعين و المراقبين ان العشائر و مع دخولها الندوة النيابية في انتخابات ٢٠١٨ من خلال النائب محمد سليمان( عكار ، كتلة المستقبل )، قد أعلنت العشائر من خلال سليمان ( و هو الذي نفذ عهدا ل " ربعه " و دخل أول جلسة نيابية للمجلس الحالي بالكوفية العربية ) انها و بعد أن امتلكت عناصر صلبة و عديدة كغيرها من الشرائح لتعزيز مكانتها أصبحت تطلق المواقف و الرؤى تجاه مختلف المسائل الوطنية، و خصوصا انها بانفتاحها على كثير من المكونات السياسية و الطائفية بروح المسؤولية و الانفتاح و العيش المشترك ، فهي تؤكد أن الأمور تتجه نحو المحافظة و التحصين ، و هي بالتالي لا تسمح و لن تسمح لأحد بتضيبع الفرص أمامها في هذا الوطن الذي من أهم مميزاته هي التعددية.

قد يسأل القارىء ما مناسبة هذا الطرح حول العشائر في هذه الظروف الحرجة و المصيرية و التاريخية التي يمر بها لبنان خصوصا و المنطقة العربية عموما (و هي منطقة _ بالمناسبة _ تكوينها الاجتماعي يتشكل أكثر من نصفه من العشائر و الكثير منها تربطها رابط قرابة و عصب مع عشائر لبنان) .

.....و هنا نوضح أن تصريحات وزير الخارجية شربل وهبة ما قبل الاسبوع الماضي التي أعلنها في مقابلة مع قناة الحرة تناول فيها دول الخليج و السعودية و شريحة البدو بأسلوب لا يتلائم مع القواعد و الأعراف الدبلوماسية و السياسية و الحضارية ، و هذه المناسبة قد شكلت منصة جديدة و إطلالة للعشائر العربية قي لبنان و ذلك على المسرح السياسي و الإعلامي، و تجسد ذلك في إقبال و أقدام لافت من قبل وجهاء و مشايخ و نخب من مختلف عشائر لبنان نحو دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة منددين و مستنكربن ما صدر عن الوزير وهبة تجاه المملكة السعودية وتجاه البدو ، معلنين مواقف الدعم و التعاطف مع المملكة ، و قد اعتبر البعض أن هذه المقابلة لوهبة مع الحرة كانت تجربة مرة و مريرة حيث إخرجته من قصر بسترس بعد أقل من أربع و عشرين ساعة على تصربحاته.

في هذه المقالة نحاول أن نعرض أمرين :

الأول آراء و تصريحات لنخب عشائرية تتناول تصريحات وهبة و علاقات العشائر مع السعودية، إضافة إلى تصريحات السفير البخاري خلال استقباله وفد العشائر الاسبوع الماضي .

أما الأمر الثاني ، نحاول ان نقدم مجموعة تساؤلات حول المسار أو خط السير السياسي التي تسلكه هذه الشريحة ( العشائر ) في لبنان ، و ما هي المحطات المتوقع أن تصلها ، و ذلك ربطا بالتطورات و التحولات الجارية في لبنان خصوصا و المنطقة عموما، و ذلك تحت عنوان كبير و هو العشائر إلى اين على مسرح الأحداث ؟

حول ما جاء أعلاه يرى الشيخ عارف شخيدم رئيس بلدية برج العرب ( قضاء عكار ) و هو الذي يصفه الأخصائيون في مسائل العشائر بأنه من المخضرمين و الناشطين العارفين ، حيث يقول شخيدم " أنه على الصعيد السياسي و الشأن العام و الثقافي ، ان هذه الشريحة اللبنانية و رغم تعرضها للمظلومية من ذوي القربى في الداخل الا انها قطعت أشواطا نوعية على مستوى امتلاك شبابها و شاباتها درجات و شهادات علمية في مختلف التخصصات مما اعطاها دفعا للانخراط في تبوأ مراكز وظيفية مميزة في القطاعين العام و الخاص ناهيك عن بنائها مؤسسات و شركات في عدة مجالات اقتصادية و تجارية، ناهيك ايضا عن بدء ولوجها العمل الحزبي و السياسي و كانت طبعا دخول الصديق النائب محمد سليمان الندوة النيابية في الانتخابات الأخيرة هي الانطلاقة القوية للعشائر "..

و يضيف شخيدم " ان تواجد و انتشار العشائر في معظم أقضية و محافظات لبنان قد اعطاها ميزة الفاعلية و التأثير في مسائل وطنية عديدة و من أبرزها الانتخابات النيابية حيث يسجل لها أهمية حيوية في نتائج هذه الانتخابات داخل الكتل النيابية المرشحة ، ناهيك عن التماسك و العصبوية و الصلات الروحية و القرابة فيما بينها تعطيها أيضا أهمية و فعالية و قد ظهرت في عدة محطات و ملفات سياسية على مستوى الوطن ككل حيث في خلال ساعات تاخذ موقفا موحدا نسبيا تجاه الكثير من الأحداث أو القضايا على ساحات الوطن .

(التعاطف و التماسك النوعي و الفوري من قبل العشائر في لبنان في مسألة اعتداء حزب الله على العشائر في خلدة في شهر آب الماضي _ كاتب السطور _ ).

..علاقات العشائر العربية في لبنان مع المملكة العربية السعودية و دول الخليح :

في هذا المحور نحاول أن نستعرض اقوالا و مواقف و تصريحات لعدد من النخب و الوجوه و مشايخ العشائر ، إضافة إلى تصريح للسفير السعودي وليد بخاري أثناء لقائه وفد العشائر الاسبوع ما قبل الماضي ، فمن جهته النائب محمد سليمان ( قضاء عكار، و هو من مشايخ عشائر وادي خالد في الشمال اللبناني ) يقول التالي من للنقاط :"

١_ العلاقة بين العشائر في لبنان و دول الخليج علاقة اخوة و دم و قربى ، لن نسمح لأحد أن يؤثر عليها ابدا، و لأي جهة انتمى، و ما صدر من تصريحات ما هي إلا بعيدة عن أصول اللياقات الدبلوماسية .

٢_بالنسبة للتصريحات التي صدرت حول البدو ، فنحن بدو و نفتخر بأن نكون بدو، و هم الذي عندهم صفات راقية. و هناك كثير من الأنبياء و الرسل من البدو وبنوا حضارات .

٣_ دول الخليج و المملكة العربية السعودية لم تقصر في دعم لبنان غلى مختلف الأصعدة و خصوصا على مستوى السيادة و الاستقرار.

٤_ لن يسمح لأحد أن يعمل على قطع العلاقات مع دول الخليج و مع مملكة الخير و نقول له " ليخيط بغير مسلة " و لأي جهة انتمى .

٥_ نتمنى على المملكة العربية السعودية أن تصنع لفتة خاصة للعشائر في لبنان و ذلك على مختلف الأصعدة.

من جهته ، أكد سفير المملكة العربية السعودية الأستاذ وليد بخاري امام وفد العشائر العربية الموحد الذي زاره الاسبوع ما قبل الماضي في دارته في اليرزة " حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز العلاقات العريقة والمتحذرة مع لبنان" ، وشدد خلال هذا اللقاء على نقطتين هامتين تتلخصان بالتالي :

الأولى: طمأن جميع اللبنانيين الذين يعملون في المملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج العربي بشكل عام على استمرارهم في اعمالهم ووظائفهم ومصالحهم ضمن القوانين والإجراءات المعتمدة لديها في كافة القضايا التي تحفظ امنها واستقرارها وازدهارها تجاه جميع المقيمين على اراضيها"، مؤكدا ان ما جرى من اساءة بالغة للمملكة وللعرب جميعا، لن ينسحب عليهم باي شكل من الأشكال، فالمملكة دولة تحترم عهودها ومسؤولياتها تجاه مواطنيها وتجاه المقيمين على أراضيها بكل شفافية ومسؤولية ، وهي بالتالي لا تسمح لأي ظرف سياسي عابر أن يؤثر على هذا المبدأ أبداً، ومنهجها في ذلك مضمون الآية القرآنية الكريمة "ولا تزر وزر أخرى" ، بل هي تحرص على العدالة الاجتماعية وإعطاء كل ذي حق حقه غير منقوص من دون تمييز أو تحيز.

النقطة الثانية: الثابت لدينا أن الجالية اللبنانية الشقيفة في المملكة العربية السعودية هي من أقل الجاليات التي يقع أفرادها في مخالفات او مشاكل قانونية، ولا يعدو حجم المخالفات المسائل العادية تتعلق بالحياة اليومية الروتينية و حلها بسيط ، كما أن اللبنانيين في المملكة حريصون أشد الحرص على التزام وتطبيق القوانين المرعية الإجراء، وهذا موضع تقدير لدى المسؤولين في المملكة، لذلك لا احد من الجالية اللبنانية يقلق على وضعه طالما هو ملتزم القوانين ".

اما الشيخ عارف شخيدم فتراه أعتمد الواقعية و المنطق و الرؤيوية خيث يقول " فيما يتعلق بالعلاقة مع السعودية و الخليج عموما فهي علاقات مودة و ما تقتضيه روابط و مكونات العروبة و وشائج حضارية عديدة ، و إنما و لحتى الآن و رغم خصوصية و تميز الروابط مع السعودية لم تأخذ حتى الآن المملكة نظرة ابوية تجاه هذه الشريحة اللبنانية، ، و هنا نأمل من الدوائر المختصة في المملكة أن تميز العشائر في لبنان بمستوى خاص على صعيد الدعم و خصوصا مجالات الثقافية و التعليمية و الإنماء ، مع الإشارة انها و على مدى عقود لم تقصر في دعم لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي" ..

من جهنه يشير الاستاذ رفعت النمر مختار بلدة شهابية الفاعور ( البقاع ) و رئيس الاتحاد العربي للتدريب التابع للجامعة العربية انه " منذ قديم الزمان كانت المملكة العربية السعودية منبعاً وملاذاً للعشائر العربية والتي تعود جذورها بأغلبها الى الجزيرة العربية ولا ننسى مواقف المملكة تاريخياً مع مختلف القضايا العربية و الإسلاميه لا سيما القضية الفلسطينية ولا يستطيع احد ان ينكر مواقف الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز تجاه القضايا المصيريه وكوننا كلبنانيين فالمملكه على بلدنا الحبيب لبنان الكثير من بصمات الخير والدعم المستمر وبشتى المجالات ، اما بالنسبة للعشائر العربيه في لبنان كانت العلاقه مستمرة وجيدة ولا زالت ولكن تطورت هذه العلاقه مع المملكه في عهد سعادة السفير وليد البخاري الذي تواصل مع العشائر وفتح باب السفارة بوجههم " .

.

وفي سياق العلاقة مع السعودية يعتبر الشيخ بدر عبيد من تجمع العشائر العربية في لبنان انه " رغم أن الدولة السعودية تتعامل مع الدولة اللبنانية من خلال المؤسسات و الهيئات الرسمية و لا تتعامل مباشرة مع كيانات سياسية أو طائفية أو مجموعات أو أطراف كالعشائر انما نحن كعشاير تربطتا مع المملكة علاقات قربى و عصب و دم و عروبة " ؛ و هنا يوضح عبيد انه " نتمنى أن تعود العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها من تعاون و مودة و كما كانت عليها من تميز و اخوة. ، و هنا تشير إلى أن الطبقة السياسية الحاكمة قي لبنان حاليا هي التي تتحمل مسؤولية ما وصلت إليه هذه العلاقات و هي التي لم تعتمد أدنى معايير الدبلوماسية و المصلحة القومية و الوطنية" .

ويستطرد عبيد في تحديد و توصيف موقف العشائر على مستوى السياسة الخارجية حيث يشير إلى أن العشائر " نحن كعشاير ضمنا لن نكون الا مع المشروع العربي بوجه مشروع الآخر الذي تأخذه السلطة الحاكمة و هو المشروع الفارسي ".

(*) إعلامي ومتخصص بقضايا العشائر العربية في لبنان