هايد بارك

العشائر... والمشروع العربي بقيادة السعودية (الجزء الثاني) - علي الشاهين

تم النشر في 3 حزيران 2021 | 00:00

كتب علي الشاهين (*) :

تساؤلات  و تكهنات  حول  رؤية مستقبلية لدور و مكانة العشائر  في لبنان؟

هل ستأخذ  العشائر  حيزا جديدا من  الساحة  السنية  تسهم فيه بتعزيز  وحدة الصف والمصلحة العليا لهذه الطائفة و ذلك تحت عناوين و مضامين وثيقة الثوابت الإسلامية _ الوطنية  التي أعلنتها دار الفتوى  في   العام ٢٠١١  ؟  و  هل من تمني أو  رغبة سعودية   في ذلك  ؟ 


حول هذه التساؤلات  أعلاه، ،  ليس في حوزتنا معلومات أو معطيات  دقيقة أو كاملة،  انما  ننطلق من  زوايا  المراقبة الحيادية و اعتماد  غربال  المنطق و اسلوب  الموضوعية و التحليل العلمي  و المسؤول، ، بالإضافة  إلى  مناخات و أجواء الناشطين و المعنيين لدى العشائر  و هي التي توحي  أنه  و  ربطا بالتطورات و التحولات و  تعامل و تفاعل هذه الشريحة اللبنانية  معها  يرى المراقب   بأنه   هناك دور  و حيز  مسووليات  ستتحملها  العشائر  على خريطة  هذا الوطن ، هذا  من جهة  العشائر  ذاتها  ، أما  من جهة  المملكة العربية السعودية ، و هي التي   نحتاج   لصفحات  هائلة لتناول  علاقتها  مع لبنان منذ  خمسينيات  القرن الماضي وصولا إلى المرحلة الحساسة والمصيرية  الحالية  التي يمر بها  الاثنان غلى السواء( لبنان و السعودية ) مرورا بدور المملكة  المحوري بكثير من المحطات السياسية  و الاقتصادية اللبنانية ( مؤتمر الطائف ) ، يرى المراقبون  أن صناع القرار في  السعودية  و  كأنهم  هم في  وضع الانكفاء و الترقب الحذر لما يحصل على الساحة  اللبنانية ، حيث يكتنف هذه السياسة السعودية  الكثير  من الصمت والتروي  و ذلك  لحسابات  معقدة  محليا  و اقليميا.

و تأسيسا  على كل ذلك  أعلاه،   يرى  كاتب السطور  انه   و من خلال اللقاء  بناشطين لديهم الدراية  و المتابعة يعملون على مسرح  العشائر  ، وباعتماد  منطق الفهم  السليم لمصلحة الدول ، و بعد  أن وصل  المشهد اللبناني الداخلي  إلى درجة عالية  من الانسداد و التعقيد  و ما   له  من   شظايا  عديدة على العلاقات  بين  البلدين  و حتى على حرارة  و ودية  و خصوصية هذه العلاقة ....و انعكاس كل ذلك  على الأمن  المعيشي و الاقتصادي  فيما يتعلق  بلبنان ، و أيضا  فيما يتعلق  بالأمن  القومي الاستراتيجي  للمملكة(  وجود و مصير  الجالية  اللبنانية  في السعودية ،  تهريب المخدرات إليها،  سياسة  حزب الله  تحاه الخليج،  تحديات وصعوبات تواجهها الطائفة السنية عموما و الرئاسة الثالثة خصوصا في السنوات القليلة الأخيرة  ) و انعكاس كل ذلك  على المشهد العام  و الحيوسباسي للعلاقات بين البلدين )  يرى  كاتب  السطور  انه  في هذا الجانب هناك  نقطتان هما  البوصلة  فيما  يتعلق بالدور  القادم  للعشائر  .

أما  النقطتان  فهما على الشكل  التالي :

النقطة الاولى ، و تتعلق  بالمملكة السعودية ،،لا شك أن السعودية  " مشغولة " و منهمكة كثيرا  في ملفات اقليمية عديدة ( اليمن ، الوضع مع إيران ، العراق ، عملية السلام  في الشرق الأوسط )  و انعكاس كل ذلك على أمنها الاستراتيجي  و دورها الإقليمي، حيث بالتاكيد هي الان في إعادة بناء استراتيجية  شاملة و  أحد جزئياتها  هي العلاقة مع لبنان ...و هو البلد المازوم سياسيا و اقتصاديا و يمر في مأزق تاريخي ، حيث تأمل المملكة  أنفراجات على هذا الصعيد  ، و ساعتئذ  ستعتمد  خارطة طريق  مع  كل تشعباته  و منها دور  وحجم  و فعالية كل مكونات  و  شرائح و  الأطراف في لبنان ،  و منها  بالطبع  العشائر  العربية و هي التي كما ذكرنا  في مطلع  هذا المقال  انها تشكل  ثلث الطائفة السنية، إذن من منطلق  كل  هذا  نتوقع و باعتماد   الحدس السياسي  أنه هناك دور  نوعي و جديد  للعشائر في لبنان   في المستقبل المنظور على مستوى  إلمشاركة السياسية  و الوطنية في  البلد   و ذلك  تحت سقف الدستور .

.أما النقطة  الثانية، و هي تتعلق  بالعشائر ذاتها  ،  في هذا الجانب  الأمر يتوقف   على  مدى  الجهوزية الاستراتيجية  لما  وصلت  إليه  هذه  العشائر، حيث يرى  أحد  وجهاء  العشائر،   بانه "  بقدر  ما   نتزود  بمتطلبات  و مستلزمات  الدور  الناجح   و تمنعنا  بقيادات مؤهلة و مثقفة  و واعية  للعبة  الإقليمية  في المنطقة و تداعياتها على الوضع  الداخلي  في لبنان ،  و  بقدر  ما  نحسن إدارة و استثمار  و توسيع   حجمنا السياسي  و الجغرافي  و الثقافي و الديمغرافي  و فهمنا السليم  للتركيبة  اللبنانية  ، بقدر كل هذا يعطينا  فرصة   أكبر  و مصداقية  أكثر  في المشاركة  السياسية  على مستوى الوطن. " .


  هنا  يتلمس  كاتب السطور  وذلك  من  خلال  تصريحات  و آراء   ناشطين  من  العشائر  انه قد طرحت  مؤخرا  أفكارا  كثيرة  في العديد  من النقاشات  داخل  الديوانيات  و المجالس  و الجلسات الضيقة  لهذه الديوانيات  ،  و من  هذه  الأفكار  أن  تعطى  فرصة  ما  للعشائر على  مستوى  مسؤوليات  الطائفة السنية، في  إطار  عبارة "  لنجرب"  هذه الشريحة  في عملية القيادة  و  المسؤولية،  خصوصا  في السنوات  القليلة الماضية، انما لا شك  هذه الأفكار  تحتاج لدراسة  معمقة.

تأسيسا  على كل  ذلك أعلاه  ؛ يتوقع  المراقبون  بأن  هناك دوراً  جديداً للعشائر  في لبنان ، و خصوصا  ان  العمل الحزبي فيه   يمر  في أزمة وجود و دور و مصداقية  ، ناهيك أنه  من جانب آخر،   أنه على مستوى  العالم  العربي  قد   تلاشى  الفكر القومي   و  رافق  ذلك أيضا   مصاعب  جمة  يعاني منها   الإسلام السياسي،  فهل فرصة  العشيرة  قادمة  و  تأخذ الدور؟ .


الإجابة في طيات الأيام  القادمة ، و هي ايضا  في ملعب الشخصيات  و النخب الواعية و المخلصة و المثقفة  عند العشائر  و أيضا  هي  في ملعب  النوايا الحقيقية  و سلامة التفكير و المنهج السلبم  و الحضاري عند  دوائر  صنع القرار لدى المرجعيات السنية  السياسية  و الروحية  على السواء ،و في طليعتها طبعا الشيخ  سعد الحريري، و هو الذي حمل في مضامين و سطور خطابه الأخير  مؤشرات  و مبشرات تشير إلى تطور منهجي سياسي جديد  في التعامل مع الملفات  الحساسة  و المصيرية ..

للإطلاع على الجزء الأول إضغط (هنا).


(*) إعلامي ومتخصص بقضايا العشائر العربية في لبنان