المصدر: الراي الكويتية
حظيتْ الدعوةُ التي وجّهها البابا فرنسيس إلى القادة الروحيين المسيحيين في لبنان، إلى اجتماعٍ يُعقد في الفاتيكان في الأول من تموز المقبل، باهتمام محلي وعالمي، كونه الحَدَث الأبرز الذي يتعلق بـ«بلاد الأرز» على هذا المستوى الجامع منذ السينودوس من أجل لبنان الذي عُقد أيام البابا الراحل يوحنا بولس الثاني والذي أتى في ظروف سياسية مختلفة، وكان للجو السياسي الضاغط بسبب الوجود السوري والمطالبة بانسحابه حينها أَثَرٌ بارز في تحرك البابا لمساعدة لبنان وزيارته له (العام 1997).
ورغم أن الظروف التي يعيشها لبنان حالياً، مختلفة في المعنى السياسي، إلا أنها لا تقلّ خطورةً عما حصل في تلك المرحلة، تضاف إليها الهموم الاقتصادية والمالية.
إلا أن الفاتيكان الذي استقبل أخيراً الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، حرص على إبعاد الإطار السياسي عن الدعوة للقاء الأول من تموز، فحصرها بالشق الكنسي البحت، عبر توجيهه الدعوات إلى القادة الروحيين فحسب، لكنه وَضَعَ الجوّ السياسي العام كأحد عناوين المناقشات.
تهدف الدعوة إلى البحث في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إضافة طبعاً إلى اللقاء الروحي الذي يجمع البابا ببطاركة لبنان، والصلاة - كما قال البابا - من أجل «السلام والاستقرار فيه».
ومن المنتظر أن يَعقد هؤلاء القادة الروحيون الأسبوع المقبل اجتماعاً تنسيقياً في بكركي (مقر البطريركية المارونية في لبنان) تحضيراً للقاء الفاتيكان.
وتشكّل الدعوة محطةً أساسيةً في مسار علاقة الفاتيكان بلبنان وبكنائسه وطوائفه كافة.
إذ أنها ليست المرة الأولى يولي فيها الكرسي الرسولي اهتماماً بلبنان وبالسلام والاستقرار فيه، وهو حرص منذ أيام الحرب على إطلاق مبادرات حوارية وإيفاد مبعوثين خاصين إليه.
إضافة إلى الاهتمام بالمساعدات الإنسانية خلال الحرب، وصولاً إلى حملة إغاثة كبرى أخيراً إثر الانفجار الهائل في مرفأ بيروت (أغسطس 2020) وتقديم البابا صلاته من أجل الضحايا، وإيفاد مبعوث خاص للاطلاع على حجم الكارثة.
أما بالنسبة إلى العلاقة مع الكنائس، فالبابا الحالي يصرّ على مشاركة جميع الكنائس في حواراتٍ سبق أن بدأها على صعدٍ كنسية وروحية مع كنائس شقيقة في دول العالم، فكيف بالحري في لبنان الذي تربطه علاقة وثيقة ببعض بطاركته غير الكاثوليك.
فالدعوةُ ليست موجَّهةً إلى الكنائس التي تتبع التقويم الغربي، أي تلك التي تنتمي إلى كنيسة روما، بل إنها موجّهة إلى الكنائس التي تتبع التقويم الشرقي وهي المستقلّة عن الفاتيكان.
وتشمل الدعوة بطاركة الموارنة، الروم الملكيين الكاثوليك، السريان الكاثوليك، الأرمن الكاثوليك، الروم الأرثوذوكس، السريان الأرثوذكس، الأرمن الأرثوذوكس، الكلدان واللاتين.
وقالت مصادر مهتمة بمجريات هذا الحَدَث لـ «الراي» إن «الفاتيكان يعوّل على هذا اللقاء، من أجل تبيان حقيقة ما يعيشه المسيحيون واللبنانيون في شكل عام، في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يحرص البابا في كل مناسبةٍ على التذكير بخطورتها وانعكاسها على اللبنانيين»، مشيرة إلى أنه رغم تلقي الباب أكثر من دعوة رسمية لزيارة بيروت، فهو لم يحدد بعد موعداً لها، لكنه أكد أثناء عودته من زيارته الأخيرة للعراق «ان لبنان هو رسالة، ولبنان يتألم، ولبنان يمثل أكثر من توازن، لبنان فيه بعض الضعف الناتج من التنوع، بعض هذا التنوع الذي لم يتصالح، لكن لديه قوة الشعب المتصالح، كقوة الأرز».