أخبار لبنان

هل تذكرون الدستور؟

تم النشر في 15 حزيران 2021 | 00:00

راشد فايد – النهار ‏



نعيش منذ سبعينات القرن الفائت، وربما منذ الإستقلال، حوارا عقيما يقفز فوق ‏‏"المرض"، أيا يكن، لينقذ "اللحظة" من الإنفجار، على أن تتدبر الأيام الآتية ما ‏يستجد من المصائب. أفليس تاريخنا حافلا بالخيبات لتغييب سلطة الدستور، ‏وإحلال تبويس اللحى مخرجأً؟ أفليس"إتفاق الطائف" ثم الدوحة"، و"التسوية ‏الرئاسية"، وقبلها "إتفاق القاهرة"، واتفاقات وقف إطلاق النار على مدار حروب ‏بيروت، وقبلها، وحروب الجبل والمناطق، بعدها، أليست تصميما على نحر الدولة، ‏فيما ندفن الاختلاف بدل حله تحت سقف الدستور. فالمعادلة الراسخة في اللاوعي ‏الوطني هي الفوضى حتى المواجهة، أو التواطؤ المصلحي لمن استطاع إليه سبيلا، ‏وحسب الأحجام.‏

ولا مرة إحتكم المتناحرون إلى الدستور، بل دائما إلى لغة المكاسب الآجلة ‏والعاجلة. فإن يرضيك اليوم أن أتواطأ مع مصالحك على حساب كلمة الدستور ‏الفصل، فلأنني أنتظر أن ترد لي الأجر غدا، وقد لا ترد، إذا توافر لك التحكّم في ‏مصالح الجميع،وما حال "حزب الله" اليوم إلا من هذا القبيل: يمسك بتلابيب كل ‏القوى، كبيرها والصغير، ويتحكم بقراراتها، بلطف لا يحتاج إلى نقيضه، فأهمية ‏القوة في ألا تسخدمها. لكن مشكلة الحزب، وربما هي مكسبه أنه يمنح حليفه ‏الصغير، جبران، حماية لأطماعه، لا يجيزها الدستور ولا أي فهم للديموقراطية، ‏وهو القائل (الحزب) بلسان رئيس كتلته النيابية: لا حكومة إن لم ترض "المقاومة"، ‏فهل هي راضية عن صهرها الحليف، وفي أي نظام، ولو ديكتاتوري، يصر رئيس ‏كتلة نيابية على عدم تسمية الرئيس شبه المجمع عل تكليفه، ويمتنع عن منح ‏حكومته الثقة، لاحقاً، لكنه يصر على تسمية 8 وزراء من أعضائها، ومصادرة ‏حقائب وزارية بعينها. والشخص نفسه يحول القصر الجمهوري لكازينو سياسة لا ‏تزيد ألعابها البلاد إلا توترا، بينما لا يرد خصومه على تجديفه السياسي بدعوة ‏مجلس الوزراء إلى الانعقاد في مقره قرب المتحف، فلا يبدو الوزراء ضيوف ‏فخامته والصهر. في المقابل، يملي الإلتزام الوطني على رئيس الحكومة المكلف أن ‏يوسع إطار التشاور ليطلع المراجع الروحية على ما يعقد مهمته، فهو رئيس حكومة ‏كل لبنان، لا دار الفتوى.‏

ليس الأمين العام بعيدا عن المشهد: فهو يوقظنا فجأة على خلاصات زمن سيطرته: ‏فنحن وراء رمّان الكابتاغون، ونحن من استعدينا العرب والعجم على لبنان، ومن ‏شنينا الحملات المسعورة على السعودية ودول "مجلس التعاون" منذ 2015، ‏و"نتشهى" النفط الإيراني. فإيران لم تنجد حليفها بشار، فمن أين للبنان هذه ‏الحظوة؟ وقد أدرك المجتمع الدولي مغزى الإلتفات شرقا، فانكبت فرنسا مع عدد ‏من شركائها الدوليين على انشاء آلية مالية معروفة بـ ‏currency board‏ من ‏اجل حماية النظام اللبناني وضمان سداد المشتريات الأساسية ولدعم الشعب ‏اللبناني.‏

ما الكلام على نفط أيران، مع تحدي الدولة واتهام العرب بالتخلي عن لبنان، ونية ‏الحزب "ضخ 20 ألف "مجاهد" في بنية الدولة إلا رسالة عاجلة إلى من يسمع، كي ‏يواجه أو ينكفئ. وفرنسا أعطت أول الجواب.‏