أخبار لبنان

‏"النهار": البلد ذاهب بسرعة جنونية نحو الانهيار الكبير

تم النشر في 19 حزيران 2021 | 00:00

كتبت "النهار" تقول: عادت أزمة تشكيل الحكومة ومعها مجمل الوضع الداخلي الى دوامة ‏الاستنزاف العقيم الذي يرتب مزيداً من التداعيات البالغة السلبية على مختلف المستويات والصعد ‏المالية والاقتصادية والخدماتية والاجتماعية، وسط انطباعات واسعة تنظر بتشاؤم كبير وشكوك ‏متعاظمة حيال أي احتمال إيجابي من شأنه إعادة احياء الآمال في تشكيل الحكومة الجديدة. فاذا ‏كانت الساحة الإعلامية شهدت في اليومين الأخيرين هدنة غير معلنة بين رئاستي الجمهورية ‏ومجلس النواب بعد حرب السجالات العنيفة التي انفجرت بينهما في منتصف الأسبوع، فان هذه ‏الاستكانة لا تعني ان ثمة "انسحابات" متبادلة الى مواقع التهدئة تمهيداً لاعادة تعويم مبادرة رئيس ‏المجلس نبيه بري التي باتت في أقل الأحوال مجمدة واقعياً بعد إصابة العلاقات بين بعبدا وعين ‏التينة بعطب هو الأخطر والاكبر في تاريخ العلاقة المتوترة والكيمياء المفقودة بين الرئيسين عون ‏وبري. ‏

وما ينطبق على بعبدا وعين والتينة ينسحب بقدر اكبر وأعمق على حالة الاشتباك الدائمة بين ‏بعبدا وبيت الوسط حتى لو انكفأت في الفترة الأخيرة السجالات المباشرة بينهما وسط اشتعال ‏جبهة الرئاستين الأولى والثانية. وتقدّم أوساط سياسية معنية بكل مجريات الأسبوع المضطرب ‏منذ نهاية الأسبوع الماضي حتى بداية عطلة نهاية هذا الأسبوع صورة بالغة القتامة حيال ما آلت ‏اليه الازمة السياسية والحكومية من منطلق الأضرار العميقة التي اصابت آخر قناة داخلية كان ‏يعول عليها كفرصة أخيرة لتشكيل الحكومة من خلال مبادرة بري. ‏

بيد ان هذه الأوساط تحزم تقريباً بأن القطيعة الثلاثية بين كل من بعبدا وعين التينة وبيت الوسط ‏لم تعد مسألة عابرة قابلة للمعالجة بوساطات محلية عادية بل ان ما نجم عن ثمانية اشهر من ‏معارك التعطيل والمد والجزر والمماحكات واسقاط الوساطات والمبادرات تباعاً، ومن ثم اقتحام ‏الازمة كل ما تبقى من عرى العلاقات بين المراجع والجهات المعنية بالتأليف والشراكة في ‏التمثيل الحكومي العتيد. كل هذا أدى الى بلوغ الطريق المسدود فعلاً وواقعاً كما لم يحصل من ‏قبل في الأيام الأخيرة. والاسوأ من ذلك في رأي هذه الأوساط، ان مجمل التقارير الدقيقة عن ‏الوقائع اليومية للازمات الكارثية التي تحاصر اللبنانيين لا تدع أي مسؤول لا يدرك سلفاً ان البلد ‏ذاهب بسرعة جنونية نحو الانهيار الكبير ومع ذلك سقطت آخر الرهانات على تدوير الزوايا ‏ونزع الغام التعطيل من امام تشكيل الحكومة الجديدة التي يستحيل الكلام عن انقاذ لبنان ‏واستدراك سقوطه في الانهيار الكبير الا من خلال تشكيلها كوسيلة وحيدة مسلم بها داخليا ودوليا ‏لمهمة الإنقاذ.‏

زيارة بوريل

ووسط هذه المناخات تحديدا تأتي زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية ‏والسياسة الامنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل لبيروت اليوم وغداً كمحطة ‏مهمة وبارزة لهذا المسؤول الأوروبي الرفيع المستوى الامر الذي يعكس دلالات دقيقة جداً لجهة ‏ما يمكن ان تتركه زيارته لاحقا من نتائج. فمعلوم ان زيارة بوريل تسبق اجتماعا للاتحاد ‏الأوروبي مطلع الأسبوع المقبل سيبحث في الوضع اللبناني من جهة كفتي الميزان المتصلتين ‏بتشكيل الحكومة وبالعقوبات الأوروبية التي تكمل العقوبات الفرنسية على مسببي التعطيل في ‏لبنان .‏

في المعلومات الرسمية الأوروبية ان بوريل يقوم "بزيارته الرسمية الأولى لبيروت، في لحظة ‏حرجة للغاية للبلاد التي تعاني من أزمات عدة، كما تأتي زيارته، في وقت يتعين فيه بإلحاح على ‏القيادة السياسية اللبنانية تشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات رئيسية، وسيحمل بوريل رسائل أساسية ‏للقيادة اللبنانية، ويعرب عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع الشعب اللبناني في هذه الأوقات البالغة ‏الصعوبة".‏

وتشير هذه المعلومات الى انه "خلال زيارته، سيعقد بوريل اجتماعات مع المسؤولين السياسيين ‏والعسكريين اللبنانيين، وكذلك مع ممثلين عن منظمات من المجتمع المدني، وسيلتقي رئيس ‏الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال ‏حسان دياب، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ووزيرة الخارجية في حكومة تصريف ‏الأعمال ونائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع الوطني زينة عكر".‏

وتتوقع جهات محلية معنية ان ينهج بوريل المنهج الفرنسي إياه لجهة التلويح للمسؤولين الرسميين ‏والسياسيين بضرورة تجاوز صراعاتهم بسرعة وتشكيل الحكومة والا فإن العقوبات الاوروبية ‏جاهزة وسيتم الاتفاق عليها والمباشرة في تطبيقها، بعد اجتماع مسؤولي الاتحاد في بروكسيل ‏الثلثاء المقبل.‏

مواقف

وفي المواقف الداخلية غرد رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على "تويتر" ‏قائلا: "لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة الانتظارية من قبل بعض المسؤولين وحالة البلاد ‏تتراجع في كل يوم في غياب الحكومة. آن الاوان لجعل التسوية فوق كل اعتبار بعيداً عن ‏الحسابات الشخصية الضيقة. ان مبدأ التسوية ليس بدعة بل اساس في الحياة وفي السياسة، ‏وتذكروا ان الحقد يقتل صاحبه اولا".‏

اما في التحركات المتصلة بالازمة الحكومية فالتقى الرئيس المكلف سعد الحريري امس في بيت ‏الوسط السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي عادت من إجازة سريعة في بلادها. كما ‏لفتت زيارة نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في ‏حكومة تصريف الأعمال زينة عكر لبكركي تلبية لدعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار ‏بشارة بطرس الراعي الى مأدبة الغداء، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والتطورات في ‏لبنان، لا سيما الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في ظل الأزمة الراهنة والتي يرزح تحتها ‏اللبنانيون بشكل عام والجيش اللبناني بشكل خاص.‏

وأفادت مصادر مطلعة على الاجواء البطريركية ان الراعي مستاء جداً مما آلت اليه كل ‏محاولات الانقاذ كما مبادرته ونداءاته المتكررة للمعنيين بتشكيل حكومة، وهو لا يتوانى عن ‏التعبير عن غضبه واشمئزازه امام من يلتقيهم من الزوار، حاملا على المسؤولين الذين يعرقلون ‏التشكيل.‏

وفي هذا السياق، وجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "شكراً كبيراً وكبيراً جدا لدولة ‏فرنسا وللدول التي شاركت البارحة في مؤتمر دعم الجيش اللبناني"، مضيفا "وخزي كبير على ‏رئيس الجمهورية، رئيس حكومة تصريف الأعمال، وحكومة تصريف الأعمال، لتركهم أوضاع ‏الجيش تصل إلى حد تهبُّ معه الدول الصديقة لمساعدته فيما همّ إما لا يفعلون شيئا، أو يفعلون ‏سوءا".‏

من جهة ثانية، أفادت "وكالة الانباء المركزية " ان رئيس الجمهورية ميشال عون اطلع امس من ‏رئيس وفد لبنان الى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل العميد بسام ياسين على اجواء ‏ايجابية ازاء امكان استئناف المفاوضات قريباً، واشارت المعلومات الى ان حركة الوسيط ‏الاميركي جون دوروشيه تبدو كأنها اثمرت ايجاباً لجهة اعادة الزخم للمفاوضات انطلاقا من ‏الثوابت اللبنانية المتمثلة بالتفاوض من خط هوف صعوداً في اتجاه الخط 29.‏




النهار