أكد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أنه "يجب إدراك مصلحة لبنان وموقعه ودوره. مصلحتنا أن نكون بعيدين عن سياسة المحاور، حريصون على التضامن العربي، نحترم وثيقة الوفاق الوطني، ونربَأ عن الدخول كطرف في أيّ صراعات وتحويل لبنان ساحة للمعارك، أكانت هذه المعارك إقليمية أو دولية».
ولكن، ينبّه الرئيس السنيورة، في حديثه الى «الجمهورية»، إلى أنّ دعوته إلى «تحييد» لبنان استناداً الى ما تم الاتفاق عليه في اعلان بعبدا تختلف عن «الحياد» الذي ينادي به البطريرك الماروني ولو أنّه يؤيّده بالعمق. فالتحييد يسهل الوصول إليه، فيما الحياد مسألة تراكمية تتطلّب عملاً طويلاً ودؤوباً وموافقة العالم أجمع على حياد لبنان، ومثالنا على ذلك سويسرا».
في الملف الحكومي، يشدد على ضرورة العودة إلى الدولة. ويقول: الدولة اللبنانية اليوم مخطوفة من قبل «حزب الله». والحزب يتلطّى خلف رئيس الجمهورية لعدم تأليف حكومة، وهمّه ابقاء لبنان مصدر وجع، على غرار ما يحصل في اليمن والعراق، لأنه يستعمله مادة لتعزيز القدرة التفاوضية لايران في المفاوضات الجارية مع اميركا. من هنا نحن في ازمة وجودية، وهذا الامر يتطلب موقفاً وطنياً لبنانياً».
لا يَستسيغه الكلام عن ان سعد الحريري سلّم أمر الحكومة لبري وباسيل لنصرالله، وكأنه تفويض غير مباشر من الحريري لـ»حزب الله» بعملية التشكيل، فيعتبر انّ التفاهم بين الحريري وبري جيد للمصلحة الوطنية اللبنانية وبما يحترم الدستور اللبناني، مشدداً في الوقت نفسه على ان «موقف الحريري يستند إلى أحكام الدستور. اي أن رئيس الحكومة هو الذي يؤلّف، ولكن يحق لرئيس الجمهورية أن يسأل ويعطي رأيه في اي وزير من الوزراء ولكن هذا لا يسحب من رئيس الحكومة حق التأليف»، معتبرا أنه «عندما تسود النوايا الحسنة يستطيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ان يتواصلا للوصول إلى تركيبة حكومية».
التركيبة الحكومية الملائمة
ويضيف السنيورة: «في غمرة هذه التصريحات نضيّع البوصلة. هناك مشكلة سادت على مدى سنوات، تتجسد بما سُمي حكومات «الوحدة الوطنية» التي كانت تتألف لترضي السياسيين. هذه الحكومات خرّبت النظام الديموقراطي وأصبحت الحكومة انعكاساً لتركيبة المجلس النيابي».
ويضيف: «النظام الديموقراطي مبني على قاعدة أساسية ان هناك أكثرية تحكم وأقلية تعارض، وهذه الأقلية تصوّب عمل الحكومة. ووجود أقلية تعارض أمر مهم جداً، فهذه الأقلية تسعى لقلب الحكومة وتصبح هي السلطة، وهذا الأمر كان مفقوداً كلياً في السنوات الماضية وباتت الحكومات انعكاساً لتركيبة المجلس، ففقدنا إجراءً مهماً ألا وهو مراقبة عمل الحكومة. وتحولت الحكومة إلى حكومة «الفيتوات المتبادلة» وبالتالي «المقايضات المتبادلة». فيما الحكومة ليست مكاناً للفيتوات بل مكان لاتخاذ القرارات».
ويتابع: «حكومات الوحدة الوطنية ظاهرة في النظام الديموقراطي لكنها ظاهرة استثنائية، بينما في لبنان استمررنا بها لتحقيق أمر أساسي وهو أن تتحكم الأقلية بالأكثرية. وهذا كان بداية لأمر اعمق وأخطر وهو السيطرة على الدولة وهيمنة السلاح على القرار السياسي، فأطبق «حزب الله» على الدولة وباتت مخطوفة. واليوم نرى نتيجة هذه الممارسات الخاطئة التي أوصلتنا الى هنا، وإلى تعطّل النظام الديموقراطي».
ويعود السنيورة ويؤكد أنّه «انطلاقاً من الحقائق التاريخية والجغرافية، إنّ تسلّط ايران على باقي الدول العربية لا يمكن أن يستمر. ومهما توسع نفوذ «حزب الله» لا بد من نهاية. اليوم نحتاج إلى حل. كل شيء غير طبيعي لا يُكتب له العيش».
ويبدي السنيورة رهاناً على تطورات الأحداث، فيستذكر ما جرى في شباط 2005، عندما اجتمع السفير الأميركي آنذاك ديفيد ساترفيلد مع ما سمّوا لاحقاً مجموعة 14 آذار، أي قبل استقالة الرئيس عمر كرامي، وطلب منهم ساترفيلد بما معناه «دبّروا حالكم مع السوريين». لكن، بعدها بأسبوع فُرضت استقالة عمر كرامي، وتبدلت كل المعطيات. وفي المغزى انه لا يجب ان نستهين بقوتنا. فنحن شعب لدينا قضية، وقضيتنا هي لبنان، ووجود لبنان في المنطقة وما يعنيه هذا الوجود. من هنا، نؤكد التمسك باتفاق الطائف. وأي تغيير لهذا الاتفاق بالقوة والعضلات سيؤدي إلى مشاكل كبيرة»، معتبراً أن «أكثر مَن يُمعن بضرب الطائف هو رئيس الجمهورية وتياره. فهو لم يؤمن يوماً بهذا الاتفاق، رغم أنه أقسم يميناً عليه ليصبح رئيساً».
وعن دور رؤساء الحكومات السابقين، يؤكد أنه «يجب أن يُدعم بموقف من خلال منصة وطنية». ولا يرى الرئيس السنيورة حكومة في الأفق، لكنه يعتبر ان «لا خيار إلا عبر تأليف حكومة. ولا بديل حالياً عن الحريري، ويجب الآن إعادة الاعتبار للدستور».
الجمهورية