هايد بارك

بيروت تستحق من الجميع عدالة كاملة - عبد الرحمن قنديل

تم النشر في 4 آب 2021 | 00:00

كتب عبد الرحمن قنديل:

سنة مرت على نكبة ٤آب التي أصابت بيروت بمقتل في شريانها الحيوي نتيجة نيترات من الأمونيوم مخزن في مرفئها لسنين طويلة أدى بها إلى إنفجار زلزل عاصمة

كاملة،فمن قوة الإنفجار وصل صداه إلى قبرص.

مرفأ بيروت الذي كان يشكل تاريخياً ممرًا لعبور اساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب، وأهم محطة للتجارة الدولية مع الدول العربية المحيطة كان لجميع اللبنانيين وكان وجه إقتصادياً رائداً لبيروت وكل اللبنانيين،إلى أن تدمر هذا الوجه وأفجع بيروت وأهلها شيباً وشباباً نتيجة للعقول الإجرامية المتحكمة بهذه الدولة ونتيجة للإجرام المتعمد لأصحاب باخرة النيترات وغرضهم الإجرامي الذي دمر ثلث العاصمة.

سنة مرت على جريمة"العصر"الثانية التي قتلت مدينة وأهلها ان كانت جسدياً أو نفسياً لمجرد أن ترى"بيروت" تلك العاصمة الجميلة التي ابهرت العالم بجمالها، وحبها للحياة أصبحت مدينة "أشباح" ووسطها المليء بالحياة بات وسطاً فارغاً محطماً،فمن عايش زمن الحرب الأهلية التي امتدت خمسة عشر عاماً يشابه الدمار الذي حل بوسط بيروت بعد زلزال ٤ آب بالدمار الذي حل بها بعد الحرب عام ١٩٩٠ لكن هذه المرة يقولون من عايشو فترة الحرب وما بعدها أين هو"رفيق الحريري" لينقذها من كل هذا الخراب الآن؟

أصبحو اللبنانيون يفتقدون لرجال دولة تأخذ على عاتقها زمام الإنقاذ،كما أتى رفيق الحريري عام ١٩٩٢ و أصبح بنظر اللبنانيين رجل الدولة المنقذ،باتو اللبنانيين عامة وأهل بيروت خاصة بعد نكبة ٤ آب و في ظل وجود العهد التعطيلي يفتقدون و يترحمون على رجال دولة من طينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ويتمنون أن يولد رفيق حريري جديد لإنقاذهم من كبوتهم كما أنقذهم الرئيس الشهيد من تداعيات ما بعد الحرب الأهلية.

لا شك أن في ظل عهد يصف نفسه بالقوي غير مبالٍ لما حصل بعد كل هذا الدمار الذي لحق ببيروت فسيده في السابق أي في أواخر الثمانينيات سبق ودمرها بحروبه الفاشلة والهدف بقي ذاته وهو بقائه في قصر بعبدا، والآن الهدف لم يتغيير ولكن هذه المرة مع ضمان مستقبل صهره السياسي على حساب الدمار و الضحايا على مبدأ "أنا و صهري و من بعدنا الطوفان".

فماذا ننتظر من رئيس جمهورية في بلد منكوب يلملم أشلائه بعد هذا الزلزال وهو يفاخر بأنَّ:"إنفجار المرفأ ساهم بفك عزلة لبنان"؟!

و ماذا ننتظر من رئيس جمهورية يعتذر عن استقبال رئيس حكومة مكلف للبحث بتشكيل حكومة المهمة ويستمر هو وصهره في تعطيل تشكيلها منذ تسعة أشهر حتى الآن وذلك بسبب ارتباطات الرئيس وإنشغاله بالتحضير لمؤتمر المانحين الذي يعقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ذكرى "٤ آب" لمساعدة الشعب اللبناني لتخطي المحن الذي يعانيها في ظل عهد بائس؟

وكأنه نسي بأن من الشروط اللازمة لتقديم المساعدة للدولة اللبنانية هي تشكيل حكومة إختصاصيين مقبولة لدى المجتمع اللبناني، والدولي ومن بعدها القيام بالاصلاحات لمساعدة الدولة اللبنانية ،ومساعدات هذا المؤتمر ذاهبة للشعب مباشرة عبر اليات،ومعايير محددة مسبقاً.

سنة مرت ولم تتغيير ذهنية هذا العهد المتحكمة في مفاصل هذا البلد حتى أصبح عاجزاً و مترهلاً،سنة على اعتراف رئيس هذا العهد بأنه "كان يعلم" متحججاً لحماية إهماله و إهمال حاشيته بنغمة تعطيلية سئم منها الشعب اللبناني وهي نغمة " الصلاحيات".

سنة مرت على إهمال حكومة العهد الأولى التي بات يعلم القاسي والداني،بأنَّ رئيسها كان يعلم ولم يحرك ساكناً على الرغم من فرحة سيد العهد،وصهره بها سابقاً معتبرين أنها ستكون مختلفة عن حكومات الثلاثين عاماً وشهدنا في عصرها الإنهيارات المتتالية للهيكل اللبناني على رأس شعبه الأعزل ومن ثم تنصلوا منها بعد فشلها.

لكن مهما حاولت الدولة بكافة وجوهها سواء بتحريف مسار الحقيقة،من خلال ممارسة لعبة تجارة الدم بحق الضحايا،والإستثمارفي قضية انفجار المرفأ إما لدعايات مذهبية أوإنتخابية أو خطابات شعبوية رنانة أو متاجرات اعلامية لا تغني ولا تثمن من جوع فالثابت أننا نريد الحقيقة كاملة،وأن من أدخل النيترات مروراً بالمقصرين في مهامهم من الأجهزة الأمنية الموجودة في المرفأ وصولاً إلى رفع الحصانات عن المسؤولين السياسيين الذين كانوا يعلمون من رأس الهرم إلى أدناه،إنَّ بيروت الجريحة من هول إنفجار الرابع من آب التي أصبحت صدمة وقوعه مرافقة لحياة اللبنانيين عموماً و أهالي بيروت بشكل خاص فجرح بيروت لم يندمل و آثار الإنفجار وضرره ما زال قائماً أمام أعين اللبنانيين المجردة وفي نفوسهم،لذلك بيروت تستحق منا أن نرد اعتبار جرحها العظيم بعدالةٍ كاملة.

‏فلا عدالة من دون حساب ولا حساب من دون حقيقة ولا حقيقة من دون تحقيق دولي شفاف او تعليق بعض المواد الدستورية لرفع الحصانات… كل الحصانات من اعلى الهرم الى ادناه. نعم لعدالة الحقيقة الكاملة…