تتكاثرُ الازمات بشكلٍ غير مسبوق في لبنان، لدرجة أنَّ المواطنَ بات يعجزُ عن لملمة تداعياتها التي تُلقي بثقلها على مختلف نواحي حياته ويوميّات عائلته الصّغيرة.
أزمةُ التَّعليم هي واحدةٌ من المصائب التي حلّت بنا، فقد أصاب وابلٌ من الضربات هذا القطاع في الصّميم، طارحاً جملة تحدِّيات وتساؤلات أبرزها: هل من عامٍ دراسيّ في أيلول؟
في هذا السيّاق، أعلن نقيب المعلّمين في المدارس الخاصّة رودولف عبّود، في حديث لموقع mtv، أنّ "المعلّمين لن يتمكّنوا من العودة إلى المدارس في شهر أيلول، كما لن يتمكّن الأهل من إرسال أولادهم إلى الصفوف، مع تفاعل المأساة المعيشيّة وتدهور القدرة الشرائيّة للرواتب واستمرار تفشّي فيروس كورونا".
وأفاد عبود بأنّ "اجتماعات متلاحقة ستُعقَد في الساعات المقبلة في وزارة التربية لإيجاد المخارج بالنسبة إلى الأزمات المتراكمة، وعل رأسها مشكلة النقل في ظلّ أزمة البنزين والمازوت".
من جهته، إختصر مصدرٌ تربوي لموقعنا الاشكاليّات العديدة التي قد تؤدّي في نهاية المطاف الى انهيار هذا القطاع وحرمان العديد من الاطفال في لبنان من حقّ التعليم إن كان حضوريّاً أو من المنازل، أبرزها:
المحروقات
إنّها الازمة المُستجدّة التي تنقسم الى شقّين، البنزين والمازوت. فمن جهة، لن يتمكّن الاساتذة والمعلّمون من الحضور الى المدارس للتعليم في حال رُفع الدّعم كليّاً عن البنزين، ومن جهة أخرى، لن يستطيع الاهل إرسال أولادهم للسّبب نفسه، فضلاً عن أنّ تكاليف النّقل المشترك في الحافلات المدرسيّة باتت مرتفعة جدّاً. فقدان المازوت سيُحتّم بدوره إطفاء المولّدات، وبالتالي غياب الانارةوالتدفئة والانترنت عن المدارس والمنازل على حدٍّ سواء.
كورونا
رغم تشديد لجنة متابعة فيروس كورونا خلالاجتماعاتها على أهميّة تحصين قطاع التّعليم صحيّاً عبر التطعيم، إلاّ أن المتحوّرات الجديدة والبطء في حملة التّلقيح والمؤشّرات الخطيرة التي عادت لتظهر تؤكّد أنّ المدارس قد تكون قنابل موقوتة خصوصاً بعدما كشفته تقارير أخيرة عن أنّ الاصابات بمتحوّر "دلتا" زادت 5 أضعاف عند الاطفال الذين أصبحوا النّاقل الاساسي والصّامت للفيروس. أضف الى ذلك، إرتفاع أسعار موادّ التّعقيم بشكلٍ كبير على وقع الغلاء الفاحش، وعدم قدرة الاهل والمدارس على شراء كميّات كبيرة من هذه المواد لحماية التلامذة والمعلّمين.
الاقساط والقرطاسيّة... والاكل!
إنه التحدّي الاكبر أمام الاهل وإدارات المدارس. فالاقساط بما تساويه بالدّولار باتت لا تكفي لدفع رواتب المعلّمين والاداريّين وتأمين المُستلزمات الاساسيّة لتشغيل المدارس، كما أنها، ومع إستفحال الازمة الاجتماعيّة تُشكّل حملاً كبيراً على الاهل الذين قد لا يتمكّنون من دفع ليرة واحدة ممّا يترتّب عليهم، لانّ مسؤولياتهم كبيرة، والمطلوب منهم، بالاضافة الى دفع أقساط أولادهم، شراء القرطاسيّة والكتب والثياب والحاجات الاساسيّة لاطفالهم وأهمّها "الطعام"، لانّنا وصلنا الى نقطة فاصلة حيث بات من المُمكن أن يحضُرتلامذة الى المدارس من دون "ساندويش"!
مشاكلٌ جمّة تعترض العام الدراسي المُقبل، قد يكون من البديهي إضافة إليها مشكلة غياب الادارة الحكيمة في هذا القطاع، خصوصاً في وزارة التربية، التي، ورغم الجهود التي تبذلها في ظلّ هذه الظروف الاستثنائيّة، إلاّ أنها لم تصب في غالبيّة قراراتها التي لم ترقَ الى مستوى الازمات.
وقبل أن يُفارقنا آب اللهّاب بمصائبه ليُسلّم الحِملَالى أيلول، يستحّقُ الاساتذة والاهالي والتلامذة أن تُقال لهم الحقيقة المُجرّدة رغم مرارتها: لا تعليمَ بعد اليوم!
المركزية