عرب وعالم

استنساخ "الحرس الثوري" في العراق.. غضب بعد تصريحات رئيس "الحشد"‏

تم النشر في 14 آب 2021 | 00:00

أثارت تصريحات رئيس الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، عن تجربة الحرس الثوري ‏الإيراني وضرورة الاستفادة منها، غضبا شعبيا وسياسيا واسعا، وسط دعوات لتحرير خطاب ‏بغداد من "الصنائع الإيرانية".‏

ودعا الفياض، خلال زيارته إلى إيران مؤخرا، إلى الاستفادة من تجربة الحرس الثوري ‏الإيراني، فيما أشاد بـ"دعم الشعب الإيراني والحرس الثوري للشعب العراقي والحشد الشعبي".‏

وقال الفياض، إن الحشد الشعبي يسعى إلى تطبيق نموذج الحرس الثوري في العراق.‏

أضاف خلال لقائه قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي في طهران، على هامش مراسم ‏تنصيب الرئيس الإيراني الجديد: "نفتخر بالحرس الثوري، ونرى من مسؤوليتنا أن ندرس ‏الاستفادة من تجربة الحرس وفق قوانين وخصائص العراق".‏

وأثارت تصريحات رئيس هيئة الحشد الشعبي غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط ‏مطالبات بإبعاده عن رئاسة الحشد، وإعادة هيكلة المنظومة الأمنية وفق المعايير العالمية، بعيدا ‏عن سطوة الأحزاب والميليشيات.‏

الكاظمي يدخل على خط "حرب الكهرباء".. ويتوعد

وتساءل محللون ونشطاء عراقيون عن ميزة تجربة الحرس الثوري والإيجابيات التي تتضمنها ‏وفق رأي الفياض، ليسعى الأخير إلى الاستفادة منها في العراق، خاصة أن الحرس لا يمثل قوة ‏عسكرية وفق مهام محددة، وإنما تجاوزها ليصبح شبه دولة داخل إيران، وتتبع له كل قطاعات ‏المؤسسة العسكرية، بل ومؤسسات أخرى.‏

وارتفعت الأصوات التي تطالب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بإبعاد الفصائل ‏المسلحة التي لا تنضوي ضمن هيئة الحشد الشعبي وتجاهر بالولاء لإيران، وتحييدها، وتصفية ‏المؤسسة العسكرية منها.‏

محاولة واضحة لاستنساخ الحرس الثوري

وأعاد هذا الجدل إلى الواجهة، علاقة وشبه الحرس الثوري الإيراني بالحشد الشعبي، الذي تشكل ‏لمواجهة داعش في بادئ الأمر، غير أن بعض الفصائل تمردت لاحقا على الدولة ورفضت ‏التخلي عن أسلحتها والانخراط في الأعمال الأخرى، خاصة أن كثيرا من الفصائل المسلحة تؤمن ‏بما يعرف باسم "ولاية الفقيه" وتجاهر بذلك.‏

الخبير في الشأن العراقي رمضان البدران، قال إن الفياض المدرج على لائحة العقوبات ‏الأميركية، ينتمي فكريا إلى مدرسة الولي الفقيه، وعمليا يرأس مؤسسة الحشد التي بنيت على ‏فكرة نظام الحرس الثوري والباسيج الإيراني، لذلك "دعوته إلى أن يكون الحشد الشعبي كالحرس ‏الثوري تعني أن يكون الحشد أعلى سلطة عسكرية، لكنه عقائدي ويأتمر بأمره الأجهزة الأمنية، ‏على أن يدار الملف الأمني ومفاصل الدولة من قبل تلك المؤسسة".‏

ويرى البدران في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هذا التصريح يؤكد أننا أمام محاولة ‏عملية واضحة وصريحة لاستنساخ التجربة الإيرانية في العراق، وإخراج البلاد من كونها دولة ‏مدنية إلى دولة تُحكم من قبل دولة أخرى عقائدية، وطبعا تلك الدولة لا تكون في العراق وإنما ‏في إيران، مما يؤشر بوجود مساع حقيقة لتطبيق ذلك، وتطبيع الدولة العراقية وإخضاعها إلى ‏دولة الفقيه في إيران. هذا هو جوهر المشروع الجديد الذي قد نشاهده في المرحلة المقبلة، خاصة ‏مع ظهور الكثير من المحاولات التي تسعى إلى زرع هذا الفكر داخل الشارع العراقي".‏

و"مع وصول الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في إيران، انعكس ذلك بشكل سريع ‏على الداخل العراقي عبر نشاط ملحوظ للفصائل المسلحة، مثل استهداف البعثات الأجنبية، فيما ‏رصدت زيارات متكررة لقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، مع إطلاق حملة واسعة لتصفية ‏المعارضين الإيرانيين المتواجدين في إقليم كردستان"، وفق الخبير.‏

ويرى البدران أن "الحرس الثوري أعاد ترتيب العلاقة مع الفصائل المسلحة، وتطويعها لمواصلة ‏دورها في عهد رئيسي كإحدى أهم أدوات تنفيذ السياسة الإقليمية لإيران، وكرأس حربة لها في ‏صراعاتها ضد الولايات المتحدة على الأراضي العراقية".‏

وباعتبار رئيسي من معسكر المتشددين، فإنه "سيحتاج أكثر لدور الميليشيات لتنفيذ سياسة إقليمية ‏أكثر تشددا وهجومية في كل من العراق وسوريا ولبنان، الأمر الذي يتحتم معه إعادة انضباط ‏مختلف الفصائل والتزامها بالتنسيق الكامل مع الحرس الثوري وتطبيق تعليماته، خصوصا عندما ‏يتعلق الأمر بالمهمة الأكثر دقة وحساسية، المتمثلة في ممارسة الضغوط على واشنطن عبر ‏التحرش بمصالحها وقواتها العسكرية في العراق".‏

رفض برلماني

نائب في البرلمان العراقي بلجنة العلاقات والشؤون الخارجية، أكد أن "اللجنة ناقشت تلك ‏تصريحات الفلاح خلال حواراتها الداخلية، وشددت على استقلال القرار العراقي وانحيازه إلى ‏مؤثرات وضعه الاجتماعي والديني، والخصوصية العراقية من دون النظر إلى تجارب الدول ‏الأخرى، التي تمارس أحيانا قمعا فكريا على مواطنيها، وتقيم دولتها على أساس ثيوقراطي بعيدا ‏عن المبادئ المدنية".‏

ويضيف النائب الذي تحدث إلى موقع "سكاي نيوز عربية" لكنه طلب إخفاء اسمه، أن "اتفاقا ‏جرى في لجنة العلاقات الخارجية على توجيه سؤال شفوي إلى رئيس هيئة الحشد الشعبي بشأن ‏سبب إطلاق تلك التصريحات والمغزى المراد منها، خاصة أنها تعارض الصحيح من الرأي ‏الجمعي السياسي العراقي، وتتجه بالبلد إلى مسارات غير واضحة ورؤى لا تنسجم مع التطلعات ‏الوطنية الهادفة إلى سيادة دولة القانون والمؤسسات".‏

ولفت المصدر إلى أن "لجنة الأمن والدفاع دخلت على خط تلك التعليقات، ومن المقرر أن تتخذ ‏إجراءات كذلك، لكن هذا مرهون بعودة جلسات مجلس النواب المتوقفة منذ عدة أسابيع".‏




سكاي نيوز عربية