أخبار لبنان

نصرالله يورّط لبنان تكراراً.. والعهد يهرب

تم النشر في 20 آب 2021 | 00:00

‏ كتبت صحيفة "النهار" تقول: قد تكون المغامرة الجديدة التي قرّر "حزب الله" زجّ لبنان في ‏تداعياتها الخطيرة أقرب ما تكون إلى المغامرة المدمّرة التي تورّط فيها الحزب وورط لبنان معه ‏في الحرب السورية. كما قد يكون اللقاء المفاجئ الذي عقد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بناءً على طلب من عون مساء أمس محاولة التفاف من ‏جانب العهد على الأصداء السلبية التي أثارها قرار الحزب باستيراد المحروقات من إيران إلى ‏لبنان لتجنّب اتّخاذ العهد الموقف الحاسم الواجب اتخاذه من عدم تعريض لبنان لهذه المغامرة. ‏ذلك أنّ إعلان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في خطاب عاشوراء أمس بدء استيراد ‏حزبه النفط الإيراني شكّل خطوة خطيرة ومنفردة وأحادية استهان فيها بالدولة بشكل مثبت ‏ومتكرّر ورمى بقفاز التحدّي في وجهها ووجه سائر القوى الداخلية، كما شكلت في المقلب ‏الخارجي مزيداً من زجٍّ بالغ الخطورة للبنان في حرب المحاور وتحدّياً سافراً للعقوبات الأميركية ‏في ما يعرّض لبنان لأضرار لا قبل له بتحملها. ولذا بدا طبيعياً أن تثير هذه الخطوة عاصفة ‏رافضة كما رسمت معالم سيناريوات سلبية ما لم يبادر العهد تحديداً إلى اتخاذ موقف رافض ‏لتصرف فريق لبناني بهذه الرعونة المفرطة في التصرف منفرداً بقرار بهذه الخطورة وكأنه ‏الآمر الناهي والمتحكّم الأول والأخير بمصير اللبنانيين.‏

وكان السيد نصر الله أعلن في خطاب يوم العاشر من محرم انطلاق السفينة الأولى من إيران ‏التي تحمل المحروقات باتجاه لبنان، موضحاً أنّ "ما يفصلنا عنها مسافة ساعات فقط، وهي ‏أنجزت كل أعمالها"، مؤكداً أنّ سفناً أخرى ستتبعها فالمسألة ليست مسألة سفينة واحدة". وشدّد ‏على أنّ "الأولوية في السفينة الآتية من إيران هي للمازوت بسبب الأهمية الحياتية القصوى"، ‏محذّراً "العدو والأميركيين من المساس بها"، واعتبر "السفينة الإيرانية المتوجهة إلينا أرضٌ ‏لبنانية"، وتابع: "من فرض علينا اتخاذ هذا القرار هو من فرض علينا الحرب الاقتصادية. لا ‏يخطئنّ أحدٌ أن يدخل في تحدٍ معنا لأن الأمر بات مرتبطاً بعزّة شعبنا ونرفض أن يُذلّ هذا ‏الشعب".‏

وسرعان ما استدعى إعلان نصرالله لهذا الموقف ردّاً من الرئيس سعد الحريري الذي سأل في ‏بيان، "هل ما سمعناه هذا الصباح عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين أم هو ‏إعلان خطير بزجّ لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟". وقال: "يعلم حزب الله أنّ سفن ‏الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة العقوبات التي ‏تخضع لها فنزويلا ودول أخرى. إنّ اعتبار السفن الإيرانية أراضٍ لبنانية يشكّل قمة التفريط ‏بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية. ونحن بما نمثّل ‏على المستوى الوطني والسياسي لن نكون تحت أيّ ظرف غطاء لمشاريع إغراق لبنان في ‏حروب عبثية تعادي العرب والعالم".‏

وأضاف: "أيّ حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام مع ‏المجتمع الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان الى حكومة تحظى بدعم الاشقاء والاصدقاء".‏

كما أصدر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بياناً توجه فيه "إلى فخامة رئيس ‏الجمهورية" سائلاً "هل يا فخامة الرئيس تتركون الحزب الذي صادر القرار الاستراتيجي ‏والعسكري والأمني، يصادر اليوم القرار الاقتصادي ضارباً اللبنانيين ومصالحهم عرض الحائط ‏ومسقطاً القطاع الخاص نهائياً، وقاطعاً عن اللبنانيين كل سبل العيش الكريم والمقبول؟ إنكم ‏تتحملّون يا فخامة الرئيس المسؤولية الكاملة عمّا يمكن أن يلحق بالبلد من جراء عدم تحرير ‏استيراد النفط والأدوية وغيرها في الوقت الذي تتركون فيه "حزب الله" يقوم بالأمر بوسائل ‏ملتوية وغير قانونية دولياً ستعرِّض لبنان لكارثة حقيقية".‏

شيا واستجرار الطاقة

أمّا التطوّر اللافت الآخر الذي برز في هذا السياق فتمثّل في إعلان بعبدا أن رئالجمهوريّة تلقّى ‏اتصالاً هاتفياً من السفيرة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيايس الجمهوريّة تلقّى اتصالاً هاتفياً من ‏السفيرة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيا أبلغته فيه أنّها تلقّت قراراً من إدارة بلدها بمساعدة لبنان ‏لاستجرار الطاقة الكهربائيّة من الأردن عبر سوريا، عبر تسهيل نقل الغاز المصري إلى شمال ‏لبنان، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن تمكّنه من إنتاج كميات ‏إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا. وكشفت أنه ‏كذلك سيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى شمال لبنان. ولفتت ‏السفيرة شيا إلى أنّ الجانب الأميركي يبذل جهداً كبيراً لإنجاز هذه الإجراءات، وأنّ المفاوضات ‏جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها ‏والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز.‏

وأعلنت شيا لـ"العربية" أنّ هناك اتصالات مع البنك الدولي ومصر والأردن لحلّ أزمة الطاقة". ‏وقالت: "خطة حلّ الطاقة تُبحث منذ عدة أسابيع، ونرفض اتهامنا بالأزمة". وأضافت: "هل ‏الاتهامات غير المثبتة أفضل ما يمكن أن يفعله نصرالله؟"، مشيرة إلى أنّ "لبنان لا يحتاج لنفط ‏إيران فهناك ناقلات كثيرة تنتظر تفريغ الوقود، وخطة الطاقة التي كشفنا عنها أوفر وأنظف ‏ومستدامة".‏

وشكر الرئيس عون السفيرة الأميركية على الجهد الذي تبذله لتحقيق هذه الخطوة التي تصبّ في ‏مصلحة جميع اللبنانيين الذين يمرّون بأزمة اقتصادية ومعيشية حادة، واعداً ببذل الجهد المطلوب ‏من لبنان لتحقيق هذا المشروع.‏

وسط هذه العاصفة وعدم صدور أي موقف رسمي من خطوة نصرالله بادرت رئاسة الجمهورية ‏إلى حرف الأنظار عمّا يفترض بها اتخاذه من موقف فأصدرت بياناً "تصالحياً" مع الرئيس ‏المكلف نجيب ميقاتي الذي ردّ على التحية بمثلها ثم عُقد اجتماع بينهما في بعبدا بعد اتصال من ‏عون بميقاتي وأعلن أنهما سيكملان البحث في اجتماع آخر اليوم.‏

وممّا جاء في البيان الذي أصدره مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة أنه "لم يرد يوماً في ‏حساب الرئيس عون المطالبة بالثلث المعطّل، والرئيس المكلّف يدرك هذا الأمر من واقع وأوراق ‏المحادثات بينهما، وبالتالي فإنّ كلّ ما قيل عن طلب رئيس الجمهوريّة تسعة أو عشرة وزراء ‏عارٍ من الصحة جملةً وتفصيلاً ولا أساس له، بل اختلقه البعض للتشويش على الاتصالات ‏القائمة بين الرئيسين عون وميقاتي في سبيل تشكيل الحكومة، وذلك تحقيقاً لغايات لدى البعض ‏لمنع ولادتها.‏

ولم يقدّم الرئيس عون إلى الرئيس المكلّف أيّ اسم حزبيّ لتوليّ حقيبة وزاريّة أو أكثر، وكل ‏الأسماء التي عرضها تتمتّع بالخبرة والكفاءة والاختصاص المناسب للوزارات المرشحّة لها. ‏واستطراداً فإنّ استبدال هذه الأسماء بأسماء أخرى لا مبرّر له طالما أنّ المواصفات المتفّق عليها ‏متوافرة، إلّا أنّ الرئيس كان إيجابيّاً ولا يزال وهو يدرك أنّه من حقّ رئيس الجمهوريّة ورئيس ‏الحكومة المكلّف إعطاء ملاحظات على أيّ اسم يرد منهما أو من أيّ من الكتل المشاركة، ‏وصولاً إلى الاعتراض عليها، وهو والرئيس المكلّف يتعاطيان بانفتاح كامل مع هذا الأمر.‏

واجه الرئيس المكلّف مطالب من أفرقاء آخرين كانت تتزايد وتتبدّل يوماً بعد يوم، ما انعكس ‏تأخيراً في الاتفاق على إصدار التشكيلة الحكومية، لأن أيّ تعديل في حقيبة كان يستوجب إعادة ‏النظر في حقائب أخرى. وهذا الأمر لا يزال قائماً ومتكرراً على أمل التمكّن من تذليله بتعاون ‏الرئيسين.‏

إنّ رئيس الجمهورية مصمّم على الاستمرار في التعاطي بانفتاح وتعاون وإيجابيّة مع الرئيس ‏المكلّف، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيّون وتلاقي دعم المجتمع الدولي، وهو قدّم ويقدّم ‏لدولة الرئيس ميقاتي كلّ التسهيلات اللازمة من دون التوقّف عند حقيبة أو اسم".‏

وعلى الإثر أصدر المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي بياناً "قدّر" فيه مضمون البيان الذي أصدره ‏عون وتأكيده استمرار التعاون لتشكيل حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع ‏الدولي. وأكّد أنه "سيستمرّ في مسعاه لتشكيل الحكومة وفق الأسس المعروفة، كما أنه ليس في ‏صدد الدخول في أيّ سجال أو نقاش على الإعلام، متمنياً على الجميع إقران الإيجابيات المعلنة ‏بخطوات عملية لتسهيل مهمته وتشكيل الحكومة في أسرع وقت".‏




النهار ‏