عرب وعالم

تحديات الطاقة في الحوض الشرقي للمتوسط (ج2) ‏

تم النشر في 2 أيلول 2021 | 00:00

محي الدين الشحيمي، استاذ في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا


‏ ‏

هناك إمكانية هائلة لتطوير الطاقة المتجددة , فدبي على سبيل المثال تجري العمل على ادارة ‏جانب الطلب للحد من استهلاك الطاقة ومن الممكن لمعايير الكفاءة أن تساعد هنا أيضا بالحد من ‏الطلب على الطاقة التقليدية وفتح مجالات التحدي تصاعديا .‏

لذا فان زيادة الشفافية وتبادل البيانات أمران أساسيان لفهم أفضل لتطورات السوق على المدى ‏الطويل ولاستيعاب ما ينطوي عليه نشهد الطاقة والذي يزداد تعقيدا .‏

حيث قد انخفضت تكاليف الطاقة المتجددة لا سيما الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط ‏وشمال افريقيا في العشر السنوات الاخيرة , اذ أصبح الغاز الطبيعي مكلفا أكثر , لكن ما هو مهم ‏وجدير للملاحظة من أن الطاقة الشمسية وعلى الرغم من أن تكلفتها أصبحت تنافسية الا أنها لا ‏تزال غير قادرة وحدها على دعم شبكة توزيع للطاقة .‏

فيفترض بنا اذا المهنية ودراسة أسواق الطاقة على المدى الطويل ومن أجل العمل ضمن بيئة ‏متغيرة باستمرار تبرز لنا الحاجة لجمع البيانات بصورة مثالية أكثر , مع تبادل للمعلومات ومزيد ‏من الشفافية , حيث أن المؤسسات القائمة حاليا مجهزة فقط لتقديم جزء من هذه المعلومات , لكن ‏ثمة حاجة ماسة لادخال تحسينات كبيرة وبصفة مستعجلة .‏

هناك تحديات جمة فارضة لنفسها لنظام الطاقة في الحوض الشرقي للمتوسط والذي سوف يتغير ‏لا محالة في المستقبل, حيث بات من الواضح أن الطاقات المتجددة ستصبح مكونا أساسيا ومهما ‏من مزيج الطاقة الكلاسيكية في منطقة الحوض الشرقي للمتوسط ومنه للعالم أجمع ويمكن ‏حصرها ضمن أربعة مندرجات وركائز :‏

وتتمثل الركيزة الأولى بالفرص الاستثمارية الهائلة السنوية والمطلوبة من أجل توسيع امكانيات ‏توليد الطاقة الكهربائية ونقلها والتعزيزالتصاعدي لكفاءة الاستعمال .‏

حيث تخطى على مستوى عالمي مختلف مشاريع التنمية الاقتصادية في منطقة الحوض الشرقي ‏للمتوسط وأسواقها الناشئة نموا سريعا وملحوظا فهي المنطقة الاستراتيجية الهامة والتي تربط ‏الشرق بالغرب صلة الوصل ذات الأهمية الجيوبوليتكية التصاعدية , باعتبارها تستحوذ على ‏الجزء الأكبر من حجم الطلب على الطاقة في المستقبل , بتميز نوعي لظهور مدن كبيرة جديدة ‏وتوسع صناعي متسارع مع نمو متوقع للطبقة الوسطى مما سيجعل لطبيعة الطلب على الطاقة ‏مختلفة عن النمط الحالي المعاصر .‏

فيما يخص الركيزة الثانية فان قوامها تقنيات الطاقة المتجددة والتي يمكن استخدامها للاستفادة من ‏هذه الفرص الكبيرة , والتي تثبت فعاليتها يوما بعد يوم , والتي باتت متاحة بتكلفة معقولة حيث ‏تمثل هنا ثقافة تعزيز كفاءة الاستهلاك وادارة الطلب الجانب الوازن لمعادلة ردم ثغرة الطاقة في ‏المستقبل , اذ تولي الاقتصادات المتقدمة في دول الحوض الشرقي للمتوسط والناشئة أهمية بارزة ‏لأمر كفاءة استهلاك الطاقة .‏

وتتلخص الركيزة الثالثة بالفرص العديدة والمتنوعة أمام المستثمرين والمطورين المحليين على ‏الساحة العالمية بيد أن التعامل مع معادلة العرض والطلب يتخطى السوق المحلي فان التقنيات ‏المتطورة والحلول التمويلية المبتكرة تنطوي على فرص عالمية , فوضع الحكومات لأهداف ‏طموحة للمستقبل باتت ضرورية, تلك المتمثلة في تعزيز مساهمة الطاقة البديلة ( الشمسية ‏والرياح ) في تلبية النمو المتوقع في الطلب على الطاقة في منطقة الحوض الشرقي للمتوسط , ‏وهي توفر أيضا فرصا لبناء أسواق محلية ومتجددة كبيرة للطاقة البديلة والمستدامة اضافة الى ‏بناء وتعزيز قدرات سلاسل التوريد لتقنيات الطاقة البديلة في المنطقة والذي بدوره من شأنه ان ‏يفتح المجال امام تصدير الخبرات والحلول المحلية للخارج , حيث الوقت أكثر الحاحا لايجاد ‏حلول غير تقليدية وابتكارية .‏

وتتصف الركيزة الرابعة بالتعاون بين الحكومات والمؤسسات كافة والتي تعتبر ضرورة لا ‏مناص منها للاستفادة المثالية من قطاع الطاقة وتحدياته القادمة , حيث يفترض بالحكومات ‏الاقدام على وضع خطط ومسودات طموحة وصياغة استراتيجيات فعالة للتصدي لظاهرة تغير ‏المناخ والحد من الانبعاثات الملوثة لسلامة العالم , وللوصول للسلامة المرجوة للاقتصاد العالمي ‏بالتعاون الجدي مع القطاع الخاص والذي بامكانه أن يلعب دورا مهما وكبيرا خاصة لجهة ‏التمويل وبتحويل هذه الطموحات الى حقيقة واقعة .‏

حيث تستطيع بحزم أن تقدم وصفا لنظام الطاقة الحالي وتحدياته في دول منطقة الحوض الشرقي ‏للمتوسط , وأن تحدد بدقة ما يجب القيام به للاستفادة من التحديات القادمة وبلورتها ايجابيا بشكل ‏عملي بالتيقن التام بأحداثها اللامتوقعة لتخفيف التوازن , وصون العوامل والتي يمكن أن تسهم ‏في تغيير ايجابي لمشهدية الطاقة الحالية بالنمو الاقتصادي والزيادة في عدد السكان وتوافر النفط ‏والغاز وتقلبات أسعارهم , اضافة الى المناخ الاقليمي والسياسات , ومسودات التقريرية للطاقة ‏المستدامة , وباعادة هيكلة الاقتصادات المحلية بما من شأنه أن يحفز لتوسيع قاعدة النشاطات ‏ومواجهة التحديات والاستفادة منها ايجابيا لمجتمع استمراري ولحوض متوسطي ريادي .‏