عرب وعالم

بدأت مسيرته بالوئام المدني وانتهت بالحراك.. بوتفليقة يوارى الثرى

تم النشر في 19 أيلول 2021 | 00:00

ووري الثرى ظهر اليوم الأحد بمربع الشهداء بمقبرة العالية (الجزائر العاصمة) ‏جثمان الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي وافته المنية أول أمس ‏الجمعة عن عمر ناهز 84 عاما‎.‎

وقد حضر مراسم الجنازة إلى جانب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، كبار ‏المسؤولين في الدولة، أعضاء الحكومة وكذا أفراد من عائلة الفقيد‎.‎

وبالمناسبة ألقى وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة كلمة تأبينية ذكر فيها ‏المسيرة النضالية للفقيد وأبرز محطات حياته السياسية‎.‎

وتوفي بوتفليقة الذي تنحى تحت ضغط الشارع عام 2019 بعد 20 عاماً في الحكم، ‏في مقر إقامته المجهّز طبّيًا في زرالدة في غرب الجزائر العاصمة، حيث كان ‏يعيش في عزلة منذ عامين ونصف العام‎.‎

ودفن في مربع الشهداء في مقبرة العالية التي يرقد فيها جميع أسلافه إلى جانب ‏شخصيات كبيرة وشهداء حرب الاستقلال (1954-1962‏‎).‎

وتدهورت صحة بوتفليقة وأصبح عاجزاً عن الكلام نتيجة إصابته بجلطة دماغية ‏عام 2013، وأُرغم على الاستقالة في الثاني من أبريل/نيسان 2019، إثر شهرين من ‏التظاهرات الحاشدة لحراك شعبي رفضاً لترشحه لولاية خامسة على التوالي‎.‎

وأصدر الرئيس عبد المجيد تبون الذي كان رئيساً للوزراء في عهد بوتفليقة، ظهر ‏السبت، بياناً أعلن فيه تنكيس الأعلام "ثلاثة أيام" تكريماً "للرئيس السابق المجاهد ‏عبد العزيز بوتفليقة‎".‎



من الوئام إلى الحراك

أهم ما شهدته عهدة بوتفليقة الأولى الاستفتاء الشعبي للوئام المدني الذي نال فيه ‏أكثر من 98 بالمئة من أصوات الناخبين، وكذا أحداث منطقة القبائل وفضيحة بنك ‏الخليفة، إلا أنه شرع في تلك الفترة في برنامج عمل واسع لتعزيز مختلف ‏مؤسسات الدولة، وباشر حملة واسعة لإصلاح هياكلها ومهامها ومنظومتها القضائية ‏والتربوية وقطاعات أخرى، كما اتخذ جملة من الإجراءات الاقتصادية شملت على ‏وجه الخصوص إصلاح المنظومة المصرفية لتحسين أداء الاقتصاد الجزائري ‏ومحاولة دخول اقتصاد السوق ورفع نسبة النمو الاقتصادي‎.‎

وامتدت عهدته الرئاسية الثانية من 2004 إلى 2009، والتي نال فيها 85 بالمئة من ‏الأصوات، حيث استطاع إقناع الناخبين عبر الترويج للنتائج الإيجابية المحققة في ‏العهدة الأولى والدفاع عن مشروع المصالحة الوطنية، ومراجعة قانون الأسرة ‏والدفاع عن حقوق المرأة، وصوّت الجزائريون بنسبة 97.36 بالمئة بنعم لمشروع ‏المصالحة الوطنية، وكان أهم ما أطلقه الرئيس في عهدته الثانية مشروع المليون ‏سكن والطريق السيار شرق غرب، وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2005 أصيب بوتفليقة بوعكة ‏صحية ظلت لشهرين‎.‎

عهدة ثالثة ورابعة وأراد الخامسة

ورغم أن الدستور الجزائري كان يمنع الرئيس الترشح لعهدة رئاسية ثالثة، إلا أن ‏عبد العزيز بوتفليقة قام بتعديله، لتمكين نفسه من هذه الفرصة، واكتسح الانتخابات ‏بنتيجة عادلت 90.24 بالمئة سنة 2009، وأعلن آنذاك عن مواصلة مشاريع السكن ‏والطرقات والإصلاحات وكشف عن مشروع "الجامع الأعظم" الذي أثار الكثير من ‏الجدل وقتها

وسنة 2012، أعلن بوتفليقة عدم نيته في الترشح لعهدة رابعة في خطاب شعبي ‏بولاية سطيف وقال صراحة عبارة "طاب جناني، رحم الله امرؤا عرف قدر ‏نفسه"، وتعرض بعدها بأشهر لجلطة دماغية إقفارية سنة 2013، أبعدته عن الحكم ‏تطبيقيا وجعلته مقعدا ومكتفيا بمخاطبة الجزائريين عبر رسائل مكتوبة يقرأها ‏مستشاروه نيابة عنه، وخطابات وتوجيهات على لسان الوزراء وتمرّر في الإعلام‎.‎

إلا أن عبد العزيز بوتفليقة عاد وفاجأ الجميع بنيته للترشح لعهدة رابعة سنة 2014، ‏ورغم المعارضة التي تخللت هذا الإعلان، بسبب ظروفه الصحية المتدهورة، ‏وفساد شقيقه السعيد وتنديد الكثيرين باستمراره في الحكم، إلا أنه ظفر بـ82 بالمئة ‏من أصوات الناخبين، متجاوزا بذلك مطب حالته الصحية وتمكن بوتفليقة من أدائه ‏اليمين الدستورية بصعوبة‎.‎

لفظه الحراك

ولم تكن العهدة الرابعة الأخيرة في حياة الرئيس بوتفليقة لولا الحراك الشعبي، حيث ‏شهدت سنة 2019 مساندة للعهدة الخامسة من طرف أحزاب الموالاة والعديد من ‏الجمعيات والشخصيات السياسية آنذاك، انتهت بإيداع ملفه بالمجلس الدستوري ‏للترشح رسميا رغم مرضه الشديد وعدم قدرته على تسيير أمور البلاد، وهو ما ‏أثار سخط الجزائريين وأخرجهم في مظاهرات شعبية صاخبة بداية من الجمعة 22 ‏فيفري 2019 حملت تسمية "الحراك"، وألزمت الرئيس على الاستقالة بتاريخ 2 ‏أبريل/نيسان من نفس السنة، وختم مسيرته برسالة وداع وجهها للشعب يطلب من خلالها ‏الصفح‎.‎

وبقي بوتفليقة بعيدا عن الأضواء والتصريحات الرسمية بعد انسحابه من الحكم ‏تحت ضغط الشارع، ولم يدل بأي تصريح هو أو أي فرد من عائلته إلى غاية ‏وفاته، في حين تمت متابعة شقيقه السعيد في قضايا فساد كبرى، رغم أنه لم يتم ‏استدعاء الرئيس السابق في أي من تلك القضايا التي سجنت عشرات الوزراء ‏والمسؤولين والإطارات في فترة حكمه‎.‎

وتوفي بوتفليقة مساء أمس الأول، عن عمر ناهز الـ84 سنة، لتكون فترة حكمه بكل ‏إيجابياتها وسلبياتها إحدى أهم المراحل في تاريخ الجزائر المستقلة‎.‎



العربية.نت