عرب وعالم

قرارات قيس سعيّد الجديدة تثير جدلاً وانقساماً في الساحة السياسية

تم النشر في 23 أيلول 2021 | 00:00

أثارت قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد، التي ألغى بمقتضاها أبوابا كاملة في دستور البلاد ‏ومنح لنفسه صلاحيات واسعة، وأقر فيها مواصلة تجميد البرلمان وتجريد الحصانة من أعضائه ‏وإيقاف منحهم و امتيازاتهم، انقساما في الساحة السياسية بين مناصر ومؤيد يعتبر أنّها ستنهي ‏حالة الفوضى والتشتت بين مؤسسات الحكم، ورافض لها يرى أنها تكرس الانفراد المطلق ‏بالسلطة، في وقت أعلنت فيه عدة أحزاب عن تكوين جبهة لعزل الرئيس‎.‎

ولم تكن ردود أفعال المكونات السياسية والاجتماعية الوطنية وخبراء القانون منسجمة بين ‏الرفض الشديد والوصف بـ"الانقلاب الدستوري" و"إلغاء النظام الجمهوري" والقلق من "العودة ‏إلى نظام الحكم الفردي المطلق" وبين المساندة التامة، واعتبار قرارات الرئيس "طريقا لتصحيح ‏مسار الثورة‎.‎

في هذا السياق، اعتبرت حركة النهضة، أن عزم الرئيس قيس سعيّد المضي في التدابير ‏الاستثنائية يهدد "بتفكيك الدولة" ويزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، محذرة من أن ‏‏"إقرار أحكام انتقالية منفردة" يمثل " تصميما على إلغاء الدستور" وهو ما لا توافق عليه‎.‎

ونسج حليفها في البرلمان حزب "قلب تونس" على منوالها، وقال إنّ الإجراءات التي اتخذها قيس ‏سعيّد، تشكلّ " خرقا جسيما للدستور وتعدّ انقلابا على الشرعية وتأسيسا لدكتاتورية جديدة"‏‎.‎

وأعلن كل من حزب التيار الديمقراطي، حزب آفاق تونس، حزب التكتل والحزب الجمهوري، أن ‏القرارات الجديدة التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، تمثل "خروجا على الشرعية وانقلابا على ‏الدستور"، وعبّرت في الآن نفسه عن رفضها إلى العودة إلى الفساد والفوضى التي ميزت ماقبل ‏‏25 يوليو/تموز‎.‎

واعتبرت هذه الأحزاب، في بيان مشترك، اليوم الخميس، أن "رئيس الجمهورية فاقدا لشرعيته ‏بخروجه عن الدستور وأن كل ما بني على هذا الأساس باطل ولا يمثل الدولة التونسة و شعبها و ‏مؤسساتها"، محملة إياه مسؤولية كل التداعيات الممكنة لهذه "الخطوة الخطيرة"، وقالت إنّها ‏ترفض "استغلال الرئيس للإجراءات الاستثنائية لفرض خياراته السياسية الفردية كأمر واقع ‏وذلك على حساب الأولويات الحقيقية وعلى رأسها مقاومة الفساد ومجابهة التحديات الاجتماعية ‏والاقتصادية والمالية والصحية‎".‎

وبدى موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات النقابية في البلاد، أكثر حدّة هذه المرة، ‏وأعلن لأول مرة معارضته لقرارات الرئيس قيس سعيّد، حيث عبرّ على لسان أمينه اعام ‏المساعد سامي الطاهري عن استيائه من القرارات الأخيرة لسعيّد، وندّد بنعته نحو الحكم الفردي ‏المطلق‎.‎

في المقابل، أعلنت عدّة أحزاب سياسية تفهمها لإجراءات الرئيس قيس سعيّد الجديدة، باعتبار ‏الأوضاع المتردية التي أصبحت عليها البلاد، بعد 10 سنوات من الثورة، واعتبرت أنها تعبيرا ‏عن إرادة الشعب، وخطوة هامة في اتّجاه بناء تونس الجديدة وتصحيح المسار الثّوري‎.‎

في هذا السياق، أكد حزب التيار الشعبي، على ضرورة تغيير النظام السياسي للقطع مع الفوضى ‏وازدواجية السلطة التنفيذية وتغيير القانون الانتخابي وكل التشريعات ذات الصلة بالحياة السياسية ‏بما يمكن الأغلبية الاجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير من الوصول إلى السلطة وبما يحول ‏دون أن تتمكن منظومة النهب والعمالة من تغيير واجهتها وإعادة الكرة على الشعب التونسي من ‏جديد

اعتبرت قيادات حركة الشعب، أن قرارات سعيد جاءت لإنقاذ البلاد، وأعلنوا أنهم ضدّ عودة ‏البرلمان، الذي كان في خدمة المافيا والفاسدين، داعين الرئيس إلى تحديد آجال الفترة الاستثنائية ‏وتحديد مواعيد المحطات الانتخابية القادمة‎.‎

من الناحية القانونية، أكد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، أن "رئيس الجمهورية تعهد ‏بموجب الأمر الرئاسي الذي أصدره أمس بإرساء دولة القانون والمؤسسات وهو الأمر الذي فشل ‏في تحقيقه تجار الدين والانتهازيون من تجار الديمقراطية"‏‎.‎

وأوضح محفوظ، في تدوينة نشرها على حسابه بفايسبوك ، أن "الفصل 22 ينص على أن يتولى ‏رئيس الجمهورية إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم ‏تنظيمها بأمر رئاسي مع ضرورة أن تهدف مشاريع هذه التعديلات إلى التأسيس لنظام ديمقراطي ‏حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب ‏منتخبين أو عبر الاستفتاء ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي بينها ويكرس ‏دولة القانون ويضمن الحقوق والحريات العامة والفردية وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر/كانون ‏أول 2010 في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ويعرضها رئيس الجمهورية على الاستفتاء ‏للمصادقة عليها‎".‎

في الأثناء، أعلنت 4 أحزاب وهي كل من الاتحاد الشعبي الجمهوري، حراك تونس الإرادة، ‏حزب الإرادة الشعبية وحركة وفاء عن تشكيل "جبهة"، للتصدي لما وصفته بـ"انقلاب الرئيس" ‏والدفاع " عن إرادة الشعب التونسي ومصالحه العليا وعن الحريات العامة والدستور وحكم ‏القانون"، وقالت إن "عزل الرئيس أصبح واجبا"‏‎.‎




العربية.نت