عرب وعالم

قادة البنتاغون يُكذّبون بايدن.. ماذا يحدث بالبيت الأبيض؟

تم النشر في 1 تشرين الأول 2021 | 00:00

ما فتئت أصداء الانسحاب الأميركي - المثير للجدل- من أفغانستان مستمرة، لجهة اللغط الواسع ‏لدى الرأي العام الأميركي جراء آلية الانسحاب وتداعياته على واشنطن، ما يدفع إلى اتهامات ‏واسعة تلاحق البيت الأبيض وقادة البنتاغون‎.‎

في سياق التجاذبات الداخلية، كذّب قادة بالبنتاغون الأميركي الرئيس جو بايدن، أمام لجنة القوات ‏المسلحة في الكونغرس، ووصفوا الانسحاب بأنه بمثابة "فشل استراتيجي". وقال قائد القيادة ‏المركزية الأميركية كينيث ماكينزي، إنه نصح بايدن بإبقاء 2500 جندي في أفغانستان، بما ‏يتعارض وتصريحات بايدن والآلية التي تم بها الانسحاب‎.‎

ويعتقد محلّلون بأن تلك التصريحات تأتي في إطار التجاذبات الحالية في ظل الضغوطات ‏الممارسة من قبل الرأي العام وداخل الكونغرس الأميركي، وأن جميع الأطراف تسعى إلى تبرئة ‏ساحتها أمام الرأي العام الأميركي‎.‎

وأمام ذلك المشهد، يتصور محللون أن إدارة الرئيس بايدن تواجه تحديات جسام، تؤثر بشكل ‏مباشر على شعبيتها، ينعكس ذلك بالتبعية على انتخابات التجديد النصفي القادمة، وهو ما تطرقت ‏إليه عديد من استطلاعات الرأي، بما يؤثر بشكل مباشر على الإدارة الأميركية وتعاملها مع عديد ‏من الملفات‎.‎

تصدّع واضح

يقول خبير العلاقات الدولية، أيمن سمير، إن ثمة تصدعاً واضحاً داخل الإدارة الأميركية؛ نتيجة ‏الضغوط من جانب الرأي العام، وترى معظم الاستطلاعات أن الرئيس جو بايدن خسر سبع نقاط ‏منذ تاريخ انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وأمام هذا المشهد "يحاول كل طرف أن ينأى ‏بنفسه ويبعد المسؤولية عنه"، وذلك في معرض تعليقه على تصريحات قادة البنتاغون مؤخراً‎.‎

ويوضح سمير في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" أن البنتاغون كان يطالب ‏بالفعل ببقاء القوات الأميركية، بدليل أن الإدارة الأميركية في بداية توليها أعلنت عن أنها ‏ستراجع الاتفاق الذي وقع إبان عهد ترامب، لكن في النهاية لم يحدث أي تغيير في الاتفاق سوى ‏ترحيل موعد الانسحاب إلى 31 أغسطس "بما يؤكد أن البيت الأبيض ليس لديه رؤية للمخاطر ‏التي تتعرض لها الولايات المتحدة في آسيا الوسطى، كما لم يضع رؤية لمساعدة القوات ‏الأفغانية‎".‎

هذه التشققات داخل الإدارة الأميركية بين البيت الأبيض والبنتاغون يعتقد خبير العلاقات الدولية ‏بأنها "سوف تتصاعد في الفترة المقبلة، وستكون هناك تطورات جديدة في إطار هذه التجاذبات ‏الحادثة‎".‎

ويوضح أن ما يصفه بـ "المساحات الرمادية" التي تتحدث بها إدارة الرئيس بايدن تسهم في ‏إضعاف مصداقية تلك الإدارة بشكل كبير لدى الرأي العام الأميركي وكذلك لدى أعضاء ‏الكونغرس، ناهيك عن الرفض الخارجي، مشيراً إلى أن "إدارة بايدن تعاني من مشكلات كثيرة، ‏ويبدو أنها لا تملك تصوراً أو رؤية استراتيجية فيما يخص آسيا الوسطى والشرق الأوسط وحتى ‏العلاقات مع حلفائها الأوربيين -بدليل ما حدث مع فرنسا أخيراً‎".‎

التجديد النصفي

ويعتقد سمير بأنه "من المؤكد أن هذا المشهد سوف يلقي بظلاله على انتخابات التجديد النصفي ‏في نوفمبر 2022، والتي تميل لصالح الجمهوريين الآن، أو على أقل تقدير خسارة الديمقراطيين ‏لجزء كبر من مقاعدهم وربما عودة الأغلبية للجمهوريين (..) وهناك استطلاعات رأي تقول إنه ‏لو أجريت انتخابات الآن بين بايدن وترامب سيفوز ترامب.. يدفع ذلك المشهد إدارة بايدن إلى ‏عدم التركيز في قضايا استراتيجية مهمة أخرى‎".‎

وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميلي، قد قال في شهادته إن موقفه منذ خريف العام ‏الماضي كان يتمثل في الإبقاء على 2500 جندي في أفغانسان، ومع إمكانية رفع العدد إلى ‏‏3500 جندي. وأوضح أن بلاده "خسرت الحرب في أفغانستان" وأن الانسحاب يشكل "فشلاً ‏استراتيجياً‎"‎‏.‏

في السياق، يشير أستاذ العلوم السياسية في القاهرة رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية ‏بمركز دراسات الشرق الأوسط، طارق فهمي، إلى أن ثمة تباينات واسعة وتجاذبات داخل ‏الإدارة الأميركية فيما يتصل بعملية الانسحاب من أفغانستان، ويثير هذا الملف لغطاً كبيراً يدفع ‏لمسائلات مختلفة تطول قادة البنتاغون، وهو الملف الذي يفرض نفسه على الساحة الأميركية‎.‎

ويلفت في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى وجود خطر حقيقي يواجه السياسة ‏الأميركية فيما يتعلق بملء الفراغ في أفغانستان ومخاوف من تمدد تنظيم داعش‎.‎

وعن توجيه قادة بالبنتاغون لاتهامات للرئيس بايدن، يوضح فهمي أن "الاتهامات تطول قادة ‏وزارة الدفاع أنفسهم الذين نفذوا قرار الانسحاب.. ومن المقرر أن يتم استدعاؤهم للتحقيق ‏واستماع شهادتهم حول آلية أو أداء الخروج وليس القرار نفسه"، معتبراً في الوقت نفسه تكذيب ‏قادة بالبنتاغون للرئيس بايدن يأتي في إطار "الاتهامات المباشرة الموجهة لعدد من القادة ‏الأميركيين من لجنة القوات المسلحة، وكيف تم تنفيذ الانسحاب بتلك الطريقة العشوائية بما شكل ‏مساساً بهيبة الأمة الأميركية‎.‎

‎"‎فضلاً عن مسائلات عن دور أجهزة المخابرات التي فشلت في توقع ما سيحدث، ما أدى لدخول ‏طالبان بسهولة". ويقول فهمي إن الاتهامات تطول وزير الدفاع نفسه وليس فقط قادة الأفرع ‏المركزية، وأن "كل ما يحدث الآن هو محاولة لإبراء الذمة من عملية الانسحاب نفسه‎".‎

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، بأن "الخاسر الأكبر إدارة الرئيس جو بايدن، والذي تهبط شعبيته ‏بصورة كبيرة سياسياً وجماهيرياً، ومن المتوقع أن يكون هناك انعكاس كبير على الحزبين في ‏معركة التجديد النصفي التي ستكون أول اختبار حقيقي للإدارة الأميركية، بما يحمله ذلك ‏الاختبار من انعكاسات خطيرة على استقرار الأوضاع في البيت الأبيض، لا سيما مع فشل ‏الإدارة الأميركية في أول اختبار خارجي لها". ويتوقع فهمي في هذا السياق أيضاً استمرار دفاع ‏قادة البنتاغون عن أنفسهم‎.‎





سكاي نيوز عربية