عرب وعالم

أزمة روسيا والناتو.. هل يعود العالم لعصر 1955؟

تم النشر في 9 تشرين الأول 2021 | 00:00

‏"حالة من عدم اليقين يعيشها العالم" وسط تراشقات روسيا وحلف الناتو، ما بين ‏تهديدات بالتصعيد ومحاولات تهدئة، مما أفرز سيناريوهات متضاربة عن شكل ‏العالم غدا، هل يعود لعصر المعسكرين، أم يصبح متعدد الأقطاب، أو تتشكل قوة ‏عدم انحياز في قلب أوروبا.‏

وأعلن الناتو، الأربعاء الماضي، تقليص عدد الأعضاء المعتمدين للبعثة الدبلوماسية ‏الروسية لديه من 20 إلى 10 أشخاص، وطرد 8 روس بتهمة أنهم ضباط ‏استخبارات متخفيين.‏

وعلى الفور أبدت روسيا استياءها فأعلن نائب وزير الخارجية، ألكسندر غروشكو، ‏أن طرد الناتو لدبلوماسيين روس يبطل تصريحاته السابقة عن تطبيع العلاقات، ‏وأنه اليوم لم يعد أحد يصدق الناتو.‏

في المقابل، اتجهت تصريحات الأمين العام للناتو ينس ستولتنبيرغ نحو التهدئة مع ‏روسيا تجنبا لعودة الحرب الباردة (1947- 1991) وسباق التسلح، فأعرب عن ‏قناعته بأهمية التواصل مع موسكو، والحفاظ على العلاقات التي انخفضت لأدنى ‏حد.‏

اهتزاز استراتيجية الناتو

ويفسر الخبير الاستراتيجي العميد سمير راغب، في حديثه لموقع "سكاي نيوز ‏عربية"، سبب تناقض تصريحات أعضاء الناتو بأن "ما نشهده من مسؤولي الحلف ‏هو ترجمة لحالة الصراع القائم بين الاحتفاظ بالمبادئ التي تأسس عليها الناتو، ‏وهي العداء لروسيا، وميل بعض الأعضاء من الدول الأوروبية لبناء علاقات مع ‏روسيا والتخلي عن العداوة المطلقة معها".‏

ويشرح راغب انقسام مواقف دول أوروبا سياسيا نحو روسيا تبعا لموقعهم منها ‏جغرافيا، فدول شرق أوروبا مثل بولندا وليتوانيا تتفق مع سياسة أميركا في عداء ‏الروس، وتتجه سياسة جنوب أوروبا مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا لتجاوز الأزمة مع ‏الروس، كما يتضح في قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بضرورة تخطي ‏العداء مع موسكو، بينما تعتبر دول غرب أوروبا بعيدة عن المواجهة وموقف ‏الفريقين.‏

الانعتاق من واشنطن

وبعد أن خسر الناتو تركيا كخط دفاع ضد موسكو بانخراطها في صفقات تسلح ‏معها، طرحت باريس وبرلين فكرة توفير قوة دفاع أوروبية غير مرتبطة بسياسة ‏واشنطن ضد موسكو، بحسب راغب.‏

ولفت إلى أن هذا يثير تخوف واشنطن من تكوين أوروبا قوة منافسة منفتحة على ‏الصين وروسيا؛ لذا تفرض قيود لتحجيم العلاقة الأوروبية– الروسية.‏

العالم غدا؟

تشير التحركات في منطقة المحيط الهادي بتحالف "أوكوس" الذي تقوده واشنطن ‏وصفقة الغواصات مع أستراليا، وأزمة الصين وتايوان، والمناورات الأميركية– ‏اليابانية، والتدخل الروسي في القرم، إلى احتمالين، الأول هو تشكيل عالم جديد ‏متعدد الأقطاب، والثاني تكوين عالم متصارع بأقطاب متصارعة، بحسب راغب.‏

ويؤكد الخبير الاستراتيجي على أن العالم "لن يبقى رهن استراتيجية واشنطن".‏

وعن احتمالية تكون تحالفات جديدة، يتوقع إعادة تكوين التحالفات بناء على نتائج ‏الحرب في أفغانستان وسوريا والعراق، حيث يتشكل معسكر الشرق (الصين ‏وروسيا وكوريا الشمالية وإيران وربما باكستان) ومعسكر الغرب بقيادة أميركا ‏التي تنضم لها أستراليا والهند لخلافها الحدودي مع الصين.‏

عودة روح عدم الانحياز

ويتوقع أن يشهد معسكر الغرب تغيرات بقيادة ألمانيا بتأسيسها معسكر عدم ‏الانحياز، وتشكيل فرنسا كيانا أوروبيا يبدأ بتوجه عدم الانحياز، ثم ينطلق إلى ‏توطيد العلاقات مع معسكر الشرق في مجال الأسلحة.‏

وعدم الانحياز سياسة شهيرة تبنتها مصر والهند وإندونيسيا في مؤتمر باندونج ‏الشهير 1955، معلنين عبرها عدم التبعية ولا العداء لا للاتحاد السوفيتي ولا ‏للولايات المتحدة، وأن سياستهم ستكون وفق المصالح المشتركة الساعية لتقليل ‏فرص الحرب.‏

وعلى حد وصف راغب، فإن "العالم يعيش حالة عدم اليقين" لاستمرار التصعيد ‏وعدم وضوح إستراتيجية أطراف الصراع.‏




سكاي نيوز عربية