أتوا من بلدان في الشرق الأوسط قاطعين أميالاً في الجو، لتتقطع بهم السبل عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.. هذا حال آلاف المهاجرين، جلهم من العراقيين الذين علقوا منذ أسابيع عدة على الحدود، بدرجات حرارة تحت الصفر ليلاً.
فأزمة المهاجرين التي تفجرت بين البلدين خلال الأسابيع الماضية دون أن تهدأ، علقت مصير آلاف الأشخاص الذين أملوا يوما في البحث عن مستقبل أفضل خارج بلدانهم، إلا أن الرياح الأوروبية جرت بما لا تشتهي سفن أحلامهم.
أسابيع في العراء
إلا أن مأساة هؤلاء لم تقتصر، على انتظارهم أسابيع في العراء بالبرد القارس مع أطفالهم ونسائهم، بل كمنت أيضا في دفعهم كل ما يملكومن لسداد تكاليف تلك الرحلة، على الرغم من أن رحلتهم تبدأ غالبا بـ"عروض سفر شاملة" تقدمها لهم شركات متخصصة.
في هذا السياق، قال المواطن العراقي بكر البالغ 28 عامًا والمتحدر من الأنبار على عكس آلاف المهاجرين العراقيين الأكراد الذين يخيمون على الجانب البيلاروسي في ظل ظروف مروعة: "نحن متعبون ونعاني المرض".
"دفعنا أموالا طائلة"
كما أضاف عبر الهاتف لوكالة فرانس برس "وصلنا إلى هنا بتأشيرة سياحية قبل نحو أسبوع، عن طريق بلد آخر غير العراق، وقد دفع البعض منا ثلاثة آلاف دولار، فيما دفع آخرون لغاية 35 ألف دولار لمكاتب تنظم رحلات سياحية من بغداد".
بدوره، أكد سنكر وهو كردي عراقي، أنهم متعبون ومرهقون، قائلا "أنا مستعد "للذهاب إلى أي بلد يقبل بي وبأطفالي الثلاثة".
أما في بغداد، فأوضح أحد مدراء مكاتب تنظيم الرحلات مفضلا عدم ذكر اسمه، لوكالة فرانس برس أن "كل شيء بات يتم الآن عبر روسيا". وأضاف أن "التأشيرة السياحية لروسيا تبلغ قيمتها 700 دولار، بينما يحتاج الراكب لدعوة وكفيل. ويستغرق الحصول عليها قرابة عشرة أيام."
كما أشار إلى أنه "بمجرد وصول المسافرين إلى روسيا، يقوم المهربون بتهريبهم برا إلى الحدود مع بيلاروسيا بمبلغ 500 دولار". وهكذا تبلغ قيمة الرحلة حوالي ألفي دولار، وهو مبلغ كبير إذ يبلغ متوسط الراتب في العراق 300 دولار تقريبا.
3500 إلى 4000 آلاف دولار
وبحسب ميرا جاسم بكر، الباحثة العراقية المتخصصة في تدفقات هجرة أكراد العراق، فقد أصبحت أنقرة "المنصة" للحصول على التأشيرات، مشيرة إلى أن الأكراد العراقيين يقدمون في كثير من الأحيان جوازات سفرهم لوكلاء السفر الذين يرسلون الوثائق إلى مندوبين لهم في العاصمة التركية حيث تصدر لهم التأشيرات البيلاروسية.
كما أضافت "هذه عروض شاملة وقبل شهرين كانت تكلفتها 2500 دولار، أما اليوم فهي تتراوح بين 3500 و4000 دولار".
يذكر أنه قبل إغلاقها بناء على طلب الحكومة العراقية منذ ما يقرب من أسبوعين، أصدرت القنصليات البيلاروسية في ربيل بكردستان العراق وبغداد تأشيرات سياحية تسمح للزوار بالسفر إلى مينسك من ثم إلى الحدود مع بولندا، إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وكانت رحلات الخطوط الجوية العراقية المباشرة بين بغداد ومينسك علقت بأمر من حكومة بغداد في آب/أغسطس الماضي.
في ذلك الوقت، كان مئات المهاجرين، ومعظمهم من العراقيين، قد تجمعوا عند الحدود الليتوانية البيلاروسية على أمل العبور إلى ليتوانيا.
ومنذ ذلك الحين، تحول مركز ثقل الأزمة إلى الحدود مع بولندا، حيث لا يزال الآلاف عالقون هناك.
إلا أن السلطات العراقية أعلنت أنها ستبدأ غدا الخميس تسيير رحلات إعادة إلى الوطن لهؤلاء المهاجرين.
العربية.نت