دعا الزعيم الشيعي العراقي، مقتدى الصدر، مساء اليوم الاثنين، للإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، فيما رحب بمصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
ودعا الصدر في تغريدة له إلى "الحفاظ على السلم والسلام، فالوطن أمانة في أعناقنا، وذلك بالإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية، يضيء نورها من أرض الوطن وليفيء على الشعب بالخدمة والأمان".
وصادقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق في جلسة الاثنين على نتائج الانتخابات التشريعية، التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، بعدما كانت ردّت دعوى تقدّمت بها قوى سياسية ممثلة للحشد الشعبي للدفع إلى إلغاء النتائج.
وتفتح المصادقة على النتائج المجال الآن أمام البرلمان الجديد لعقد جلسته الأولى خلال الأسبوعين المقبلين، ثمّ انتخاب رئيس له ورئيس للجمهورية، قبل أن يتمّ اختيار رئيس للحكومة في عملية تعتمد على المفاوضات السياسية بين القوى المختلفة.
وأعلن مسؤول إعلامي في المحكمة في بيان مقتضب أن "المحكمة الاتحادية العليا تصادق على نتائج انتخابات مجلس النواب"
وكانت المحكمة قد ردّت في وقت سابق الدعوى المقدمة من تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي، تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في القوات الرسمية، لإلغاء نتائج. وحصل تحالف الفتح على 17 مقعداً بعدما كان يشغل في البرلمان المنتهية ولايته 48 مقعداً
وأعلن القاضي جاسم محمد عبود، رئيس المحكمة، "رفض طلب المدعين إصدار أمر ولائي لإيقاف إجراءات المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات"، وأن "الحكم بات ملزما للسلطات كافة".
واعتبر القاضي قبيل تلاوته الحكم أن "اعتراض بعض الكتل السياسية وقسم من المرشحين على نتائج الانتخابات لعام 2021، بغض النظر عن أساليبه وأسبابه، ينال من قيمة الانتخابات ويضعف ثقة الناس بها"
وأكد أن "ذلك سيؤثر على السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتبارهما نتاجاً لتلك الانتخابات".
قبول حزبي بالحكم ونتائج الانتخابات
وفي رد فعل عقب المصادقة على نتائج الانتخابات، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، للإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية.
وبعيد المصادقة، أعلن رئيس تحالف الفتح هادي العامري في بيان صادر عن مكتبه قبول قرار المحكمة رغم "إيماننا العميق واعتقادنا الراسخ بأن العملية شابها الكثير من التزوير والتلاعب".
وورد في البيان: "من باب حرصنا الشديد على الالتزام بالدستور والقانون وخوفنا على استقرار العراق أمنياً وسياسياً، وإيماناً منا بالعملية السياسية ومسارها الديمقراطي من خلال التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات، نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية".
كما أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، أن "الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية واحترام السياقات القانونية والدستورية بخصوص المصادقة على نتائج الانتخابات خطوة باتجاه تحقيق المسار الديمقراطي بعيدًا عن خيارات الفوضى والانفلات".
من جهة أخرى، نقلت قناة "العهد" الفضائية العراقية، اليوم الثلاثاء، عن جماعة عصائب أهل الحق أسفها لرد دعوى إلغاء نتائج الانتخابات "رغم كثرة الأدلة القانونية والفنية".
وقالت عصائب أهل الحق إن "المحكمة الاتحادية قبلت الدعوى شكلاً وردتها بعد ثلاث جلسات بحجة عدم الاختصاص". وأضافت: "المحكمة الاتحادية تعرضت لضغوط داخلية وخارجية".
هذا وتصدّرت الكتلة الصدرية بزعامة رجل الدين الشيعي، الصدر، النتائج بحيازتها على 73 مقعداً، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها المفوضية الانتخابية.
وعلى الرغم من تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات، تبقى هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألف عنصر لاعباً مهماً على الصعيد الأمني والسياسي في البلاد.
وبذلك، يبقى لهذه القوى كلمة في المفاوضات التي ستفضي إلى اختيار رئيس للوزراء وتشكيل حكومة، في عملية معقدة في بلد متعدد الإثنيات والطوائف، تهيمن عليها الأحزاب الشيعية التي تلجأ في النهاية إلى اتفاق مرضٍ بغض النظر عن عدد المقاعد التي يشغلها كل حزب.
ويستطيع الحشد الشعبي الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في 2018 مدفوعاً بانتصاراته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الاعتماد على لعبة التحالفات أيضا، إذ حاز أحد شركائه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي يتزعم تحالف "دولة القانون" على 33 مقعداً.
هذا وجاء حكم المحكمة وسط تهديدات وجهت لمفوضية الانتخابات، حيث طالبتها الكتل التي خسرت الانتخابات بإعادة الفرز اليدوي.
وبعد عدة أسابيع من التوتر الذي بلغ ذروته لدى تعرض رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لمحاولة اغتيال مطلع الشهر الحالي، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن النتائج النهائية في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر.
وكان المسؤولون في تحالف الفتح شرحوا في مؤتمر صحافي مؤخراً، النقاط الخلافية بشأن النتائج، مشيرين إلى حصول أعطال في التصويت الإلكتروني.
وذكّروا، استناداً إلى تلك التقارير الفنية، أنّ البصمات الإلكترونية لبعض الناخبين لم تتم قراءتها، متسائلين كذلك عن أسباب استقدام جهاز إلكتروني جديد يسمّى "سي 1000" قبل أيام من الانتخابات والإخفاقات التي حصلت في استخدامه.
مظاهرات ضد نتائج الانتخابات
وبالتزامن مع قرار المحكمة الاتحادية، شهدت منطقة الحارثية والقريبة من المنطقة الخضراء صباح الاثنين، مظاهرات لأنصار الكتل الخاسرة في الانتخابات.
القوات الأمنية العراقية فرضت، من جهتها، إجراءات مشددة في محيط المنطقة الخضراء بغداد، التي تضم مقر الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية، من ضمنها السفارة الأميركية.
وأغلقت القوات الأمنية أيضا جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، تحسباً لعبور مزيد من أنصار الكتل الخاسرة وقوات حفظ القانون تنتشر على الجسر.
ونقلت وكالة "بغداد اليوم" عن مصدر أمني لم تسمه القول، إنه جرى تعزيز القوات الأمنية بقوات إضافية لنقاط التفتيش والتقاطعات المهمة في العاصمة العراقية.
العربية.نت