هايد بارك

الحريري ينتصر

تم النشر في 13 كانون الثاني 2022 | 00:00

كتب عمر غسان العاكوم:

يقترب الثامن عشر من أيار، موعد الانتخابات النيابية اللبنانية في جو ضبابي يعكس صورة المماطلة في جميع الاستحقاقات الدستورية بدءًا من انتخابات رئيس للجمهورية وصولًا الى التأجيل المتعمد في الدعوة للاستشارات النيابية حتى عرقلة تشكيل الحكومات وحبس التوقيع على مراسيمها، كل هذا و"القاسم" على الدستور في غياب تام إلّا من دعوة خبيثة للحوار، مجّير خدمات الرئاسة الى رئيس الظل!!

بدأت القوى السياسية بإعداد عدتها لأجل الاستحقاق الموعود لخوض الانتخابات، وحصد أكبر عدد ممكن من المقاعد، وإن نقص عددها عن الحالي، إلّا أنها تمثل الرافعة والشرعية لهذه القوى أمام ثورة "17 تشرين" وما خلفته من حركات وتجمعات.

فمن التعبئة الحزبية العامة الى رصّ الصفوف وبدء "بازارات" الترشيح وما يدخل عليها من صفقات فوق الطاولة وتحتها، يبقى اللاعب الأبرز بعيداً عن حفاوة المشهد، محدثًا ارباكًا يهز أركان اللعبة المحليين وبعض أصحاب القرار الدوليين. وحده زعيم الجبل، وليد جنبلاط أراد جوابًا واضحًا من كل هذه التأويل، فأرسل نجله تيمور مع وزيره وائل أبو فاعور في زيارة استشراف رأي لزعيم التيار الأزرق من الانتخابات ليرسم على أسسها مبادئ خطابه وحركته المقبلة من دون جواب شافي من "السني الأول".

هذا وتضج الساحات الاعلامية بخبر من هنا وآخر من هناك حول قرار المستقبل الاحجام عن خوض الانتخابات أو المشاركة بها، في ظل تأرجح الآراء بين ترشح زعيمه من عدمه مع التلميح الى توجهه لاعتكاف العمل السياسي والتفرغ للعمل الاقتصادي في دولة الامارات، من دون جواب حاسم من القيمين على التيار ونوابه خاصة لجهة التحالفات والترشيحات وما يتبعها من عدة لخوض غمار معركتهم.

هذه هي الصورة الظاهرية، ولكن!!

لقد افتتح سعد الحريري، معركته الفاصلة مع عهد التعطيل واركانه من رأس هرمه يوم قرر مغادرة لبنان بعد اعتذاره عن تشكيل حكومته الأخيرة، وكل اللبنانيين شهود على التضحيات التي قُدمت من قبله والتنازلات الشخصية والسياسية لدفع عجلة البلد للدوران من جديد.

يخوض الحريري معركته اليوم واضعًا نُصب عينيه جميع الاستحقاقات المقبلة من تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية والتعيينات الإدارية، كما الإصلاحات التي باتت حاجة ملحة جدًا للبلد والعلاقات مع الدول الشقيقة وغيرها، وصولًا الى انتخاب رئيس حقيقي للجمهورية في الخريف القادم، فمن لدغ تسعة وتسعون مرة قربانًا للوطن لن يلدغ للمرة المئة.

فالأكثرية النيابية للفريق المناهض للعهد لن تشكل بعد الانتخابات حكومة مستقلة بعيدة عن تمنيات الصهر وطلباته، فالرئيس جاهز غب الطلب لعرقلة أي استشارات وأي تشكيلة حكومية إرضاءً لـ"تيريز"، وهذه الأكثرية نفسها لن تستطيع أن تُقنع عون بإخلاء القصر الجمهوري ليلة انتهاء ولايته، خاصة وإن عمل على عرقلة أي حكومة لتعيش السلطة التنفيذية فراغ يحتج به للبقاء في سدة الرئاسة، وربما لن تسطيع أصلًا انتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا ميشال عون، تاريخه معروف!!

واهم هو، كل من يعتقد أن سعد الحريري يتطلع الى مقعد نيابي زائداً أم ناقصًا؛ إنه سعد رفيق الحريري، الزعيم الوطني، بنائب أو بكتلة من ستون نائبًا، يخوض معركة الحرية والسيادة والاستقلال لمرة جديدة، وحيدًا بعيدًا عن حسابات الحلفاء وأحلامهم بالمناصب والكرسي، يمد يده الى كل من أراد دفن هذا العهد شرط الحفاظ على لبنان، يفاوض الدول الكبرى على ضمانات تكبح جموح عون وهيجان صهره وتضمن انتظام العمل الديمقراطي بعيدًا عن لعبة التعطيل والابتزاز، ليشارك في الانتخابات النيابية القادمة وإلّا فلا داعي لتكرار المكرر وتأكيد المؤكد بأن لا أمل بالإصلاح مع وجود "بوطة" الاصلاح والتغيير في القصر الجمهوري!