دخل العراق أمس مرحلة جمود سياسي قد تمتد أشهراً، على تجري العادة بعد كل انتخابات عامة، إذ تتنافس النخب السياسية على المناصب في الحكومة الجديدة، فيما يشعر العراقيون بخيبة أمل متزايدة من العملية السياسية، ويتهمون العديد من ساستهم بالفساد، والمحاصصة، وسط خوف من تجدد العنف والاغتيالات، التي بدأت طلائعها تلوح خلال الأيام الماضية، لاسيما بين التيار الصدري وبعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران. إذ سرت شائعات واتهامات عدة مؤخرا حول التورط ببعض الاغتيالات المتبادلة.
فيما أعلن النائب السني، مشعان الجبوري، صراحة أمس أن "غالبية القوى السياسية قاطعت جلسة البرلمان بسبب عدم وجود اتفاق حول منصب رئيس الجمهورية بين بعض الكتل".
بما يشبه الإقرار غير المباشر بأن المشكلة التي حالت دون انعقاد جلسة السابع من فبراير من أجل انتخاب رئيس للبلاد بعد أشهر على انتهاء الانتخابات النيابية في العاشر من أكتوبر الماضي (2021) تعود إلى عدم وجود توافق، أو عدم اتضاح شروط ومكاسب "المحاصصة" بين الأفرقاء.
تعقد المشهد السياسي
فيما يجمع المراقبون والمحللون، بحسب وكالة فرانس برس، على أن هذا التأجيل يعقد المشهد السياسي بشكل إضافي لأن رئيس الجمهورية هو من يختار عادة خلال الأيام الـ15 التي تلي انتخابه، رئيسا للوزراء تعود تسميته إلى التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان.
وعادة تحصل تسمية رئيس الحكومة بشكل توافقي بين القوى السياسية الكبرى.
لكن حتى الآن لم تتمكن تلك القوى من تشكيل تحالف أو الاتفاق على اسم مرشح لرئاسة الحكومة، وهو المنصب الذي يتولى عمليا السلطة التنفيذية، خلفا لشاغله راهنا مصطفى الكاظمي.
أما لدى تسميته، فتكون أمام رئيس الحكومة مهلة شهر لتأليفها. إلا أن مسار الخطوات السياسية يبدو معقدا حتى قبل الشروع فيه.
تقاسم الحصص
وتعليقا على ذلك، اعتبر المحلل السياسي العراقي حمزة حداد في تصريح لوكالة فرانس برس "ألا أحد يود أن يكون في المعارضة، فالجميع يعرفون كيفية تقاسم الحصص"، متحدثا عن إمكان تشكّل "تحالف موسّع".
إلا أن الخوف الأكبر في البلاد، بانتظار تقاسم الحصص والتوافق يبقى عودة العنف أو الاغتيالات.
إذ غالبا ما يترافق شد الحبال السياسي مع أعمال عنف بين الحين والآخر.
ففي أواخر كانون الثاني/يناير، سقطت ثلاثة صواريخ قرب منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، المتحالف مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
كما أعلنت السلطات في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت (2021) نجاة الكاظمي من محاولة اغتيال.
بين الصدر والإطار التنسيقي
يذكر أن الصراع دائر في الأساس اليوم بين الصدر الذي يؤكد حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، آملا بذلك في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يعرقل غالبا آلية اتخاذ القرار.
إلا أن هذا يعني أنه يضع خارج حساباته قوى "الإطار التنسيقي" الذي يضم تحالف الفتح الممثل لقوات الحشد الشعبي (المكوّن بغالبيته من فصائل مسلحة موالية لإيران)، والذي حصل على 17 مقعدا في الانتخابات، وتحالف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعدا) وأحزابا شيعية أخرى.
فيما يتمسك الإطار التنسيقي بزعمه أنه صاحب الأغلبية في مجلس النواب، وبالتالي بحقه في تشكيل الحكومة، أو تسمية رئيسها، ما يعقد المشهد في البلاد.
كما يدور خلاف آخر أيضا بين الحزب الديمقراطي الكردستاني المتحالف مع الصدر وبين حزب الاتحاد الكردستاني الأقرب للإطار. إذ يتمسك الأول بمرشحه هوشيار زيباري لرئاسة البلاد، فيما يتمسك الثاني بالتجديد للرئيس الحالي، برهم صالح، وقد أدى هذا الخلاف أمس إلى انقضاء الجلسة النيابية دون نتيجة.
العربية.نت