المكتب السياسي

سفير الصين لدى لبنان: نعوّل على الحكومة برئاسة الحريري وجاهزون للمساعدة

تم النشر في 13 آذار 2019 | 00:00

كتب منير الحافي (*) :





لا تبعدُ سفارة الصين عن وسط بيروت كثيراً. دقائق بالسيارة وتدخل «أراضيَ صينية» بحفاوة ملحوظة، يرافقك فيها من الباب شخصياً، مساعد السفير «رائد». ذلك أن كل دبلوماسي صيني يعرف العربية ويعمل في دولة عربية، يختار إسماً عربياً تسهيلاً للفظه من قبل من يقابلهم من أهل البلد. 





أوصلني رائد إلى مكتب سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجمهورية اللبنانية، الذي كان ينتظرني. بعد حديث بروتوكلي، تخلّله تقديم الشاي الصيني بلا سكّر، بدأت أسأل السفير عن إمكانية مساعدة لبنان من قبل بلاده وهي الدولة العملاقة، والتي يمكن أن تقدم خبرتها الهائلة في مجالات عدّة كالطاقة على أنواعها، والمواصلات، وتحديث المرافئ والمرافق وغير ذلك. 





كان السفير، على دبلوماسيته، واضحاً وضوح الشمس. قال: إن الصين مستعدة لمساعدة لبنان في المجالات التي سألته عنها، ولكن عبر «قروض ميسّرة تقدّم للحكومة اللبنانية وفق قواعد السوق». أي لا هبات. ويشرح أنّ على الحكومة اللبنانية أولاً أنْ تأتي بمشروع واضح ومتكامل، يُرفع للحكومة الصينية عبر القنوات الرسمية، فتدرسه وهي (أي الصين) مستعدة للمساعدة في ذلك. 





يضيف السفير: نحن متفائلون بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ونتمنى لها النجاح في مواجهة التحديات المطلوبة منها على صعيد التنمية وتطوير الاقتصاد وغيرهما. وأسألُ السفير: هل شاركتم في مؤتمر «سيدر»، وهل قدمتم قروضاً فيه؟ أجاب: حضرنا سيدر كمراقبين، لكن لم تكن لدينا مساهمة مالية. فالصين «تفضل أن تتعامل مع كل مشروع بمفرده. بمعنى أن يقدم لها ملف بمشروع معين، مهما كانت كلفته، فإذا رأت أنه قابل للحياة، تنفذه بالتعاون مع الحكومة اللبنانية، مهما كانت كلفته. الصين لا تقرر تقديم قيمة الهبة أو القرض مسبقاً». 





ويعلن أن حكومته وقّعت مع الدولة اللبنانية مشروع إنشاء المعهد العالي للموسيقى في منطقة الضبية، وقد تعهدت ببنائه وتجهيزه على نفقتها. 





وأسأله عن زيارات قام بها لمنطقة الشمال ولقاءاته في غرفة تجارة طرابلس وغيرها، ومشاركته في عدّة ندوات تتعلق بمساهمة الصين في تطوير منطقة المرفأ وتوسيعه، وتجهيز المنطقة الاقتصادية الخاصة. يقول السفير كيجيان: «بالفعل نحن نهتم بمنطقة طرابلس كما بكل مناطق لبنان المحتاجة. لكن نحن بانتظار أن تقوم السلطات اللبنانية بدورها بإنجاز المعاملات المطلوبة. الموضوع ليس عند الصين وإنما عند اللبنانيين».





عن الشعب اللبناني يقول إنه شعب «قادر»، فـ»عندكم الثروة البشرية والمالية، وانتشار اللبنانيين في الخارج (أعطى مثلاً كارلوس غصن)» كل هذا يجعل لبنان قادراً على انتشال نفسه وحل مشكلاته الاقتصادي.





الصين أطلقت مبادرة «حزام وطريق» المتعلقة بالتعاون الاقتصادي ما بين بيجينغ ودول طريق الحرير بما فيها لبنان وهذا يحتاج الى تعاون وتواصل مع الدول المعنية، وهذا ما يفعله شخصياً مع الدولة اللبنانية، ودولته منفتحة للاستماع وابداء الرأي.





في الوضع السياسي، أسأله لماذا بقيت الصين داعمة للنظام السوري فيما العديد من الدول عارضته؟ يرد: نحن مع الدولة السورية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. «الصين ليس من مصلحتها أن تشكك في شرعية نظام دولة ما. فهذا الأمر ضد مبادئها وضد مبادئ القانون الدولي». ولماذا لم تتدخلوا في سوريا لمساعدة الشعب السوري؟، «تدخلنا وصوّتنا أكثر من مرة ضد دخول القوى الأجنبية في سوريا». ولكن ماذا عن تدخل روسيا وايران وحزب الله مع النظام؟ يعتبر السفير أن تدخلهما جاء «بطلب من الحكومة السورية». يأمل السفير الصيني أن ينجح «الحل السياسي» في سوريا كي تعود إلى الخارطة السياسية الدولية.





تتخوّف الصين من «الفوضى الدولية» إثر تدخل دولة ما في شؤون دولة أخرى، خصوصاً على صعيد شرعية أي رئيس وأي نظام كما يحصل في فنزويلا، فالصين مع «الرئيس الشرعي مادورو» فأي شيء يحصل مع دولة اليوم قد يحصل مع غيرها، وهي لا ترضى أي تدخل مثلاً في شؤون الصين الداخلية. 





بالعودة إلى لبنان، السفير الصيني مهتم بهذا البلد على الصعيدين الرسمي والشعبي. وهو يعتبر أن للمنظمات غير الحكومية دوراً أيضاً في التنمية المجتمعية ومساندة الدولة في مشاريعها وأحياناً تكون هي البوصلة. لذلك هو يلبي دعوة الجمعيات والهيئات لأي نشاط مشترك لبنان-صيني. كما أن للصين علاقات ودية مع أحزاب لبنانية مثل العلاقة الوطيدة مع تيار المستقبل برئاسة الرئيس سعد الحريري، وهو التقى مؤخراً الأمين العام للتيار أحمد الحريري. كما أن الصين توجه دعوات لأعضاء الأحزاب اللبنانية كافة لزيارة بيجينغ لتبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الصين في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية، ناهيك عن الاقتصادية.





تستطيع أن تلاحظ، مع عجالة اللقاء، أن السفير الصيني، انسان مثقف مطلع، دائم الابتسامة. والابتسامة معناها الأمل. هو حريص على لبنان وتقدمه وازدهاره. يعول على الرؤساء والمسؤولين لتطوير بلدهم. قال لي إن هناك شعاراً في الصين يقول: «إذا أردتَ أن تصبح ثرياً، إبنِ طريقاً». ويشرح أن المواصلات في الصين ضرورة مهمة لأن معظم تضاريسها قاسية، لذلك فإن هذا الشعار مهم. ويقصد بالمواصلات، الطرقات والجسور والمطارات والمرافئ وسكك الحديد. سارعتُ إلى تدوين هذا الشعار الصيني، في مفكرتي، متمنياً أن ينسحب على لبنان قريباً.  





* عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل"