يرى خبراء أن هناك تشابهات بين النزاع السوري والحرب في أوكرانيا، خاصة في التكتيك العسكري واستقطاب مقاتلين أجانب من عدة بلدان.
وفتحت أوكرانيا وروسيا الباب على مصراعيه أمام المقاتلين الأجانب الراغبين بالمشاركة في القتال، وهو ما يثير مخاوف أمنية من التنظيمات الإرهابية، مثلما حدث في سوريا وما أعقبه من نشأة تنظيم داعش.
وهناك أربعة تشابهات بين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والصراع في سوريا الذي امتدّ أكثر من 10 سنوات، من حيث تطبيق تكتيك عسكري واحد بالمعركة والممرّات الآمنة، فضلًا عن حصار المدن وتدفق وتجنيد المقاتلين والمرتزقة الأجانب.
تكتيك عسكري واحد
ولا تخفي موسكو استفادتها من تجربتها بسوريا في تطوير واختبار أسلحتها، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
كما يرى خبراء أن روسيا تحاول تطبيق استراتيجيات حرب وتكتيكات عسكرية في أوكرانيا اتبعتها خلال النزاع السوري.
كما أن العملية العسكرية في أوكرانيا تستحضر لدى البعض صور الحرب السورية، وهو ما يثير مخاوف من حرب كاسحة، مع مشاهد القصف المكثف والمدمّر واستخدام أسلحة محظورة، حسب "الغارديان".
ويرى تشارلز ليستر، خبير الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يستخدم في أوكرانيا نفس استراتيجيته في سوريا.
ومعلّقًا يقول نبيل رشوان، المختص في الشأن الروسي، إن "القوات الروسية لم تتمكّن من تحقيق أهدافها في مدى قصير".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "التجربة في سوريا وإرسال المقاتلين الأجانب هناك، أثبتت كيف يجعل هؤلاء المقاتلون والأسلحة التي يستخدمونها، النزاعات أكثر وحشية ويصبح من الصعب حلها".
ممرّات آمنة في دمشق تُشبه كييف
من جهتها، حثت لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا، الأربعاء الماضي، قادة العالم على بذل كل جهودهم للحيلولة دون تحول أوكرانيا إلى ما يشبه سوريا.
وقال رئيس اللجنة باولو بينهيرو: "نرى منذ 2015 ممارسات مشابهة من جانب روسيا في النزاع مع أوكرانيا لما حدث في سوريا قبل 11 عامًا".
ووفقًا لتقارير غربية، فإن روسيا التي تعهّدت بفتح ممرات إنسانية لخروج آلاف السكان من مدن أوكرانية "هندست" أبرز اتفاقات إخلاء المدنيين من مناطق محاصرة خلال سنوات النزاع السوري، وفق وكالة "فرانس برس".
وتُضيف أن روسيا نسجت اتفاقات إجلاء مدنيين ومقاتلين من سوريا، وهو ما فتح الطريق أمام نظام الأسد لاستعادة تلك المناطق وإخلائها بشكل كامل، كخدعة عسكرية خلال المعارك.
وتقول الباحثة في معهد الشرق الأوسط، إيما بيل، إنه "في أوكرانيا، نشهد بعض المخاطر التي رأيناها في سوريا".
وانطلاقًا من التجربة السورية، تشكّك سارة كيالي، المختصة بالشأن السوري لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في نجاح استراتيجية الممرات الإنسانية في أوكرانيا.
وتقول لـ"فرانس برس": "في سوريا، وَجَدَ مدنيّون استخدموا تلك الممرّات أنفسهم قيد التوقيف أو الإخفاء بدلًا مِن برّ الأمان".
استراتيجية حصار المدن
ووفق محللين عسكريين، فإن موسكو تتبع استراتيجية حصار المدن في أوكرانيا لعدم التورط في حرب العصابات والشوارع.
وكان هذا السيناريو اتبعته القوات السورية ضد الأحياء الشرقية عقب التدخل العسكري الروسي، حيث حاصرت قوات الأسد معقل الفصائل المسلحة في حلب، وهو ما رجح كفة الميزان لصالح الأسد في النهاية.
وحسب وكالة "رويترز" فإن الغوطة الشرقية عاشت "أطول حصار في التاريخ الحديث"، والذي استمر أكثر من خمس سنوات قبل أن تستسلم في 2018 أمام هجوم ساندته روسيا.
كما توصل محقّقو الأمم المتحدة إلى أن الحصار واستعادة الغوطة الشرقية انطوى على هجمات عشوائية قتلت المدنيين وأصابت المنازل والأسواق والمستشفيات.
توافد وتجنيد مقاتلين أجانب
وتتشابه حرب أوكرانيا مع النزاع السوري كذلك في استقطاب مقاتلين أجانب للقتال في داخل البلدين، مثلما حدث في سوريا التي فتحت الباب أمام عناصر إخوانية وإرهابية للقتال ضد قوات الأسد، في المقابل دعمت روسيا الرئيس السوري بقوات نظامية، وأخرى شبه عسكرية من شركة "فاغنر"، حسب تقارير غربية.
أما في حرب أوكرانيا، فأعلنت موسكو وكييف ترحيبهما بالتطوع للقتال في المعارك الحالية، فالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أعلن بدء تشكيل ما يسمى بـ"الفيلق الدولي" للقتال ضد القوات الروسية في أوكرانيا.
وفيما أعفت أوكرانيا المقاتلين من الحصول على التأشيرة لتسريع عملية انضمامهم، شهدت السفارة الأوكرانية في واشنطن إقبالًا ملحوظًا للمتطوعين حيث قدّم نحو 3 آلاف شخص طلبات تطوع.
وقالت كييف إن "أكثر من 20 ألف أجنبي من 52 دولة تعهدوا بالمساعدة في القتال ضد العملية الروسية".
أما على الجانب الروسي، فدعا بوتن، للترحيب بالمتطوعين الذين يريدون قتال القوات الأوكرانية، ومساعدة القوات الروسية على الوصول للجبهات.
كما سمحت روسيا للسوريين بالتطوع للقتال إلى جانب قواتها، خصوصًا في منطقتي دونيتسك ولوغانسك.
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن ما يصل إلى 16000 متطوع يتقاضون رواتب تصل إلى 3000 دولار شهريًّا.
وأضافت أن الجيش السوري بدأ في تجنيد قوات من صفوفه للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، ووعد بدفع 3000 دولار شهريًّا.
سكاي نيوز عربية