كتبت صحيفة النهار تقول: وسط جمود سياسي أخذ في التمادي يحكم أزمة الفراغ الرئاسي ولا يتوقّع له أن ينكسر في المدى المنظور وحتى بعد بداية السنة الجديدة أطلّ عامل النّفوذ الإقليمي الذي يلعب الدّور السّلبي الأساسي والجوهري في هذه الأزمة من خلال تزامن صُدور موقفين لكلّ من مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي والرّئيس السّوري بشار الأسد ظهرا من خلالهما كأنّهما يتسابقان على تقاسم النفوذ على "حزب الله" بل على "أبوّة" كلّ منهما للحزب وعبره التّأثير المباشر في السّاحة اللبنانية.
وعلى اختلاف الدّوافع والظّروف التي رافقت صدور هذين الموقفين فإنّ الأبرز فيهما كان مواقف خامنئي لجهة رفعه التحدّي في مواجهة الأميركيّين من خلال إمعانه في تظهير تمدّد نُفوذ طهران إلى محور لبنان سوريا العراق وفلسطين. ورغم أنّ خامنئي لم يتطرّق في أيّ شكل إلى أزمة لبنان حصراً فإنّ من شأن مواقفه الجديدة – القديمة وتوقيتها الآن أن تذكي الانطباعات لجهة دوافع "حزب الله" تحديداً في الدّفع ضمناً نحو تمديد مدّة الفراغ الرئاسي وإباحة استعمال أزمة الفراغ ورقة لخدمة الحسابات الإيرانية الاستراتيجية في الصّراعات أو التّمهيد لعروض الصفقات مع معظم دول الغرب ولا سيّما منها الولايات المتحدة. ولذا تزداد المخاوف من أن يمضي "المحور الممانع" في استباحة لبنان وأزماته إلى أمد طويل بما يفسّر الكثير من اختباء مجموعة النوّاب المنتمين إلى محور 8 آذار وراء مزاعم تبرّر التّصويت بالأوراق البيضاء فيما هي تخدم لعبة التّعطيل والفراغ .
في هذا الإطار، جدّد خامنئي التّأكيد مرّة جديدة أمس أنّ لبنان ساحة نفوذ تابعة له إذ اعتبر "أن سياسة إيران الفاعلة في لبنان وسوريا والعراق كانت نتيجتها فشل مخطّط أميركا في هذه البلدان"، مؤكّداً أنّ "الأعداء استهدفوا سوريا والعراق ولبنان وليبيا والسودان والصومال، لضرب العمق الاستراتيجي لإيران" . وقال أنّ قائد فيلق القدس الرّاحل قاسم سليماني "كان له الدور البارز في انتصار إيران على المشروع الأميركي في المنطقة"، مشيراً إلى أنّ "قوّات التعبئة الإيرانيّة واجهت "داعش" الذي أوجده الأعداء وهاجم المراقد المقدّسة، وعناصر التّعبئة دعموا أبطال لبنان وفلسطين"، معلناً "أنّنا سنواصل دعمنا لقوّات المقاومة في المنطقة ولبنان وفلسطين".
من جانبه تناول الرّئيس السوري بشار الأسد في حديثٍ أجراه قبل أيّام مع مجموعة من صحافيّين بعيداً من الأضواء وكشف النّقاب عنه أمس العلاقة مع "حزب الله" فقال "دعَمنا حزب الله، وما زلنا ندعمه، وسنبقى ندعمه لأنّه حليف استراتيجي لنا"، معرباً عن "خشيةٍ على لبنان ومستقبله في ظلّ الواقع الحالي، لكونه خاصرة سوريا الأساسيّة، والاستقرار فيه مهم جداً لسوريا".
أمّا في المشهد الدّاخلي فساد الجمود مجمل الواقع السياسي. وسجّل في المواقف البارزة كلام لرئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع من أنّ "القوات" لا مشكلة لديها مع أيّ فريق أو شخصيّة قادرة على القيام بأيّ أمرٍ في سبيل إنقاذ البلاد، كما لا تميّز بين جيل جديد أم قديم أو "إبن عائلة سياسيّة أو غير سياسيّة" باعتبار أنّ المقياس الوحيد بالنّسبة لها، ولا بديلاً عنه، هو من يستطيع القيام بأيّ عمل جدي يصبّ في مصلحة لبنان، وهي أيضاً تعتمد هذا المقياس في معركة رئاسة الجمهوريّة لأن جلّ ما يهمّها إيصال رئيس قادر على القيام بالخطوات المطلوبة من أجل انقاذ البلد". وأشار خلال استقباله وفداً من طلّاب جامعة "الحكمة" في المقرّ العام لحزب "القوّات" في معراب، بعد الفوز الذي حقّقه طلّاب "القوّات" في الانتخابات الطالبيّة، إلى أنّ "التحدّيات صعبة والمواجهة كبيرة جداً باعتبار أنّنا نواجه مجموعة قوى، بعضها غير سيادي لا يُريد قيام الدولة في لبنان فيما البعض الآخر فـ"خنفشاريّ" جلّ ما يهمّه مصالحه الشخصيّة في سياق عمله في الدولة، من دون أن ننسى بعض القوى التقليديّة التي لا همّ لديها سوى التمسّك بالمقاعد، في الوقت الذي هي غير قادرة على إنقاذ البلاد أو دفعها نحو التقدّم".
وفي المقابل اعتبر رئيس "تكتّل بعلبك الهرمل" النّائب حسين الحاج حسن أنّ "الانقسام السياسي النيابي لا يسمح بانتخاب رئيس إلّا من بوابة التّوافق، وهذا ما دعونا إليه منذ البداية، وما رفضه الآخرون ولم يقبلوا به. هم يريدون رئيس تحدّ واستفزاز، ونحن نريد رئيس تفاهم بين المكوّنات اللبنانية". وقال "المقاومة لا تطلب حماية من أحد، المقاومة تطلب أن لا تطعن في ظهرها كما يُريد ويخطّط البعض في الدّاخل وفي الإقليم وفي الخارج، والرّئيس مؤتمن على هذا الأمر. كما أنّ الرئيس المقاوم سيكون لديه مهام إصلاحية، لذا من مواصفات الرئيس في الإصلاح والاقتصاد والإدارة، أن يصلح شؤون البلد بقيادته، مع تأكيد دور الحكومة المقبلة والوزراء والقوى السياسية ومجلس النواب في الإصلاح والسيادة، لكن رأس الدولة هو الأساس. نريد رئيساً للإصلاح الاقتصادي وفي الوقت نفسه لإنقاذ البلد، ونريد رئيساً للقيام بالدور الحقيقي في حماية البلد والحفاظ على المعادلة الذهبية جيش وشعب ومقاومة".
إلى ذلك وزّعت أمس صور لرئيسَ "التيار الوطني الحر" جبران باسيل وهو يحضر مباريات أميركا - إنكلترا مساء الجمعة برفقة نجله في الدوحة. وذكر أنّ زيارته الثانية لقطر في أقلّ من أسبوعين جاءت بدعوة رسميّة لمتابعة كأس العالم في حضور ضيوف سياسيّين أجانب من دول عدّة، وأنّه سيتم خلالها استكمال المحادثات التي أجراها في زيارته السابقة .