عرب وعالم

فرنسا تحترق بسبب جريمة قتل.. ماذا حدث؟

تم النشر في 30 حزيران 2023 | 00:00

تصاعدت أعمال الشغب والعنف والاحتجاجات في مدن فرنسية عدة، إثر انتشار فيديو يوثق مقتل الشاب من أصول جزائرية، نائل المرزوقي، البالغ من العمر 17 عاماً، برصاص شرطي أثناء تدقيق مروري في نانتير، حيث وُجهت تهمة القتل العمد إلى الشرطي الذي واجه رفض الشاب لامتثال أوامره بإطلاق الرصاص عليه فأرداه قتيلاً.

شهدت العاصمة باريس أعمال تخريب مختلفة، وتصاعدت أعمال الشغب وامتدت إلى مدن جديدة خلال الساعات الماضية، وأحصي إصابة 492 مبنى بأضرار، وإحراق 2000 سيارة، وإضرام 3880 حريقاً في الشوارع، وفقاً للأرقام الرسمية.

كما استُهدفت مدارس ومراكز للشرطة البلدية ومراكز تابعة للبلديات ومراكز اجتماعية وحافلات وعربات الترام.

وأشعل محتجون النيران في أكبر مكتبة عامة في مرسيليا الفرنسية، خلال ليلة ثالثة من الاحتجاجات في العديد من المدن الفرنسية. وأظهرت لقطات تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي النيران وهي تلتهم أكبر مكتبة في مدينة مرسيليا بفرنسا.

وأوضحت اللقطات ألسنة اللهب داخل المكتبة التي تضم نحو مليون وثيقة وكتاب ومخطوط نادر، في ضربة للتراث الثقافي للمدينة.

وأوقفت الشرطة، منذ ليل الخميسن نحو 900 شخص بينهم نحو 400 في باريس وضواحيها. وأصيب نحو 250 شرطياً بجروح خلال الليل.

وفي ضاحية سين سان دوني، الأفقر شمال شرق باريس، لم ينج أي حي تقريباً، من أعمال التخريب، وفق الشرطة، مع استهداف العديد من المباني العامة.

وقال مصدر في الشرطة إن مثيري الشغب استخدموا شاحنة في درانسي لاقتحام مركز تسوق تعرض للنهب والحرق.

وفي باريس نفسها، جرى نهب نحو أربعين متجراً، وفقاً لمكتب المدعي العام. وقال ضابط في الشرطة إن المتاجر في وسط المدينة «تعرضت للتخريب» أو «النهب أو الحرق». وقررت ثلاث مدن، على الأقل، بالقرب من العاصمة، الخميس، فرض حظر التجول.

ومنذ مساء الخميس، أعلنت الحكومة نشر 40 ألفاً من رجال الشرطة والدرك، بما في ذلك 5000 في باريس، مقابل 2000 في الليلة السابقة.

موقف القيادة الفرنسية

الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي اختصر زيارة لبروكسل الجمعة لعقد ثاني اجتماع أزمة لوزرائه، أعلن عن نشر قوات أمنية إضافية للسيطرة على أعمال الشغب، فيما أعلنت رئيسة الحكومة عن نشر مركبات مدرعة.

وقال في خلال اجتماع الأزمة، إن وزارة الداخلية ستعمل على حشد «وسائل إضافية» للتعامل مع الاحتجاجات العنيفة، مندداً «بالاستغلال غير المقبول» لمقتل الفتى، وداعياً منصات التواصل الاجتماعي إلى حذف مشاهد الشغب «الحساسة».

لكن ماكرون قال إن هناك «استغلالاً غير مقبول لوفاة فتى مراهق، وهو ما نشجبه جميعاً عندما ينبغي أن تكون هذه الفترة للتعبير عن التعاضد والاحترام»، ودان من يستغلون الوضع وكذلك مفتعلي «أعمال العنف البحتة التي لا مبرر لها وهي لا تتسم بأي شرعية».

ورحب ماكرون بالاستجابة «السريعة والمناسبة» للشرطة، وأعلن أن وزارة الداخلية ستنشر «موارد إضافية». وقال «تم اتخاذ القرار بإلغاء العديد من الاحتفالات والتجمعات في الدوائر الأكثر حساسية».

ودعا ماكرون «الأهل إلى التحلي بالمسؤولية». وقال «من الواضح أن الوضع الذي نعيشه، كما نرى، هو نتيجة جماعات منظمة، وعنيفةن ومجهزة في بعض الأحيان، ونحن ندينها ونوقفها وستُقدم للعدالة، ولكن، هناك أيضاً عدد كبير من الشباب. ثلث المعتقلين في الليلة الماضية هم من الشباب، وبعضهم صغار جداً».

كما قال إنه يتوقع من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية أن تتحلى «بروح المسؤولية» مشيراً على وجه الخصوص إلى «سنابتشات» و«تيك توك»، حيث تُنظم «تجمعات عنيفة.. تبعث على نوع من محاكاة العنف، ما يؤدي إلى قيام الأصغر سناً بالتصرف بعيداً عن الواقع».

رقص ماكرون يغضب الفرنسيين

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في فرنسا فيديو للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وهو يرقص على أنغام حفلة موسيقية، بينما تعم الفوضى والتظاهرات في بلاده، بعد مقتل المراهق نائل المرزوقي.

الفيديو الذي أثار انتقادات عدد من الناشطين الفرنسيين، يظهر خلاله إيمانويل ماكرون وهو يرقص خلال حفلة للمطرب الإنجليزي إلتون جون، الذي أقام حفلاً في باريس، مساء الأربعاء.

ويبدو أن الفيديو تم تصويره من قبل أحد الحضور من دون معرفة ماكرون. كما التقط الرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت، صورة مع المطرب الشهير بعد انتهاء الحفل.

وانتقد ناشطون وبعض وسائل الإعلام، انشغال ماكرون بالحفل الموسيقي، وسط التظاهرات المشتعلة في أنحاء مختلفة من فرنسا.

ردود فعل دولية

طلبت الأمم المتحدة، الجمعة، من فرنسا معالجة مشاكل العنصرية والتمييز العنصري في صفوف قوات الأمن.

وقالت رافينا شمداساني الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان خلال مؤتمر صحفي في جنيف: «ندعو السلطات على الدوام لضمان أن تحترم الشرطة لدى استخدامها القوة مبادئ المساواة والضرورة والتناسب وعدم التمييز والحذر والمساءلة، لدى تعاملها مع العناصر المسببة للعنف خلال التظاهرات».

وفي سياق ردود الفعل، عبّرت برلين عن «قلقها»، لكنها أشارت إلى أن السلطات الفرنسية «دانت بوضوح» مقتل نائل. فيما دعت بريطانيا مواطنيها إلى توخي الحذر مع استمرار أعمال الشغب في فرنسا.

بيان الخارجية الجزائرية

أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً حول حادثة مقتل الشاب نائل قرب العاصمة الفرنسية باريس برصاص أحد عناصر الشرطة، معبرة عن «صدمتها» للقتل «الوحشي» الذي تعرض له، مشيرة إلى أنه أحد مواطنيها.

وجاء في البيان «علمت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بصدمة واستياء بوفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأساوي والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بحادثة الوفاة».

وأضاف البيان أن «وزارة الشؤون الخارجية على ثقة بأن الحكومة الفرنسية ستضطلع بواجبها في الحماية بشكل كامل من منطلق حرصها على الهدوء والأمن اللذين يجب أن يتمتع بهما مواطنونا في بلد الاستقبال الذي يقيمون فيه».