بين غرفة عمليات خلية إدارة مخاطر الكوارث والأزمات في بلدية صيدا حيث يدير أكبر عملية إغاثة تشهدها المدينة منذ العام 2006، وبين مراكز استقبال النازحين في المدينة ملاحقاً أدنى التفاصيل المتعلقة بتأمين الإحتياجات الأساسية لهم ، وبين اشرافه على استقبال المساعدات الآتية وتوزيعها عليهم ، يمضي رئيس بلدية صيدا الدكتور حازم بديع وفريق عمل المجلس البلدي يومياتهم منذ بدء العدوان الإسرائيلية على لبنان ، يوم يبدأ مع أولى ساعات الصباح ولا ينتهي الا عند ساعات الفجر الأولى .
رغم سرعة استجابة صيدا لموجات النزوح الأولى من مختلف مناطق الجنوب والنبطية ، واجهت المدينة منذ الأسبوع الأول العديد من التحديات ليس أقلها فتح مراكز الإيواء وتأمين ما يكفي من مستلزمات استقبال وإيواء العائلات الجنوبية النازحة، وهي استطاعت بحسن تنظيم وإدارة البلدية لهذا الملف وبجهود المبادرات الأهلية والفردية ومساهماتها ، تقديم الإغاثة الفورية واللاحقة لتلك العائلات .
لكن مع استمرار وتصاعد وتيرة العدوان في الأسبوع الثاني ، ووصول موجات جديدة من النازحين ، وجدت المدينة نفسها أمام تحد جديد هو تأمين المزيد من مراكز الإيواء التي وصل عددها حتى الآن الى 22 مركزاً تشرف عليها جمعيات أهلية ومؤسسات مجتمع مدني ، مع ما يتطلبه ذلك من تأمين الطعام والمياه والفرش والخدمات الحياتية والصحية للنازحين في هذه المراكز الى جانب مواكبة العائلات التي نزلت في بيوت وشقق مستأجرة او عند أقارب لهم .
د. بديع
مع بدء الأسبوع الثالث للعدوان الإسرائيلي، كيف يقيّم رئيس بلدية صيدا الدكتور حازم بديع واقع النزوح في صيدا واستجابة المدينة له ؟.
يقول الدكتور بديع في حديث لـ" مستقبل ويب" :" حالياً يوجد ضمن نطاق صيدا الإدارية اكثر من 12 ألف نازح ، يتوزعون على الشكل التالي : نحو 7300 نازح في 22 مركز إيواء . وحوالي 4800 موزعين على البيوت استناداً الى أرقام التسجيل من خلال الاستمارات والجولات التي نقوم بها على البيوت والعائلات التي تأتي وتسجل في البلدية . لكن طبعا هناك أرقام كبيرة من النازحين في محيط صيدا ونتابع أوضاعهم مع رؤساء البلديات ومع المحافظة .
ويضيف :" ولا نزال كـ"صيدا الإدارية " يأتينا كل يوم عائلات او افراد ، حينا بعدد قليل وحيناً آخر قد يصل العدد الى مائة نازح في اليوم . ومن خلال التسجيل في البلدية او من خلال الخط الساخن وبالتواصل مع غرفة العمليات المركزية يتم تنسيق عملية توزيع من يستجد من النازحين على مراكز في بيروت، أو في بعض المراكز التي يشغر فيها أماكن في صيدا اذا حصل وانتقلت عائلة أو افراد الى مناطق أخرى ..".
وعن التقديمات والرعاية التي تقدم للنازحين في صيدا يقول الدكتور بديع :"حتى الآن ما نؤمنه لهم هو الطعام والمياه . ومشكورة طبعا كل الجمعيات التي تساهم وكل المبادرات ذات الصلة ، وكل ذلك ينظم في غرفة العمليات .. مثلاَ نؤمن على الأقل وجبتي طعام خلال النهار، ونؤمن المياه لأن اغلب المراكز فيها خزانات لكن لا تتوافر الكهرباء بما يكفي لضخ المياه اليها ، فاستعنا بفوج إطفاء صيدا الذي يجول كل يوم على المراكز ويملأ الخزانات بالمياه. وأيضاً استعنا ببعض أصحاب اشتراكات المولدات في محيط المراكز لإنارتها او لتشغيل مضخات المياه، بالإضافة الى تأمين المازوت لمولدات المراكز ( المدارس) بمبادرة من جمعيات مثل جمعية محمد زيدان ".
ويتابع الدكتور بديع :" ايضاً نؤمن لأهلنا في هذه المراكز حصصاً غذائية وأدوات تنظيف وفراش ولحفاً خصوصاً مع قرب حلول فصل الشتاء. وهذه تكون أغلبها مساعدات، ونحن نسد الحاجة حيث يوجد نقص او فراغ . كما اننا الآن نفكر بكيفية تأمين المياه الساخنة خلال الشتاء لأن هناك أطفال وعجزة . وهناك مبادرات بدأت بالفعل بتركيب سخانات مياه في أحد المراكز. وهناك بحث مع وزارة الشؤون الإجتماعية لنرى إمكانية أن تساعدنا في تركيب سخانات لكل المراكز، لكن طبعا هذا يحتاج لمصروف كهرباء إضافي . ونحن دائماً في خطوات للأمام قبل كل شيء بالتفكير ولكن بما أن قرار الصرف ليس لدينا فإن هذا يبقى رهناً بتأمين الكلفة ".
وعن الخدمات الصحية التي تقدم للنازحين يقول الدكتور بديع :"هناك مؤسسات وجمعيات تتولى مشكورة تقديم خدمات الرعاية الصحية مثل مؤسسة الحريري التي تواكب الإحتياجات الصحية للنازحين من خلال العيادات النقالة. والآن اصبح لدينا مستودع للدواء أيضاً تساعدنا المؤسسة به. كما يتم تحويل الناس الذين يحتاجون لرعاية صحية الى مراكز الرعاية الصحية الأولية. لكن يبقى موضوع تغطية فرق دخول المستشفى اذا احتاج احد من النازحين لذلك، سيما وان الوزارة تغطي القسم الأكبر من الكلفة لكن هناك فروقات لا نعرف بعد من سيغطيها !.
وحول موضوع النازحين السوريين يعتبر بديع أن الأخوة السوريين هم من مسؤولية مفوضية الأمم المتحدة اللاجئين وأن الدولة هي من يجب ان يأخذ القرار. ويقول :" طبعاً إنسانياً ، لا احد يقبل ان يرى نازحين في الشوارع والساحات، ونحن نحاول التخفيف من هذا الأمر ونحاول أن نضغط على المؤسسات الدولية والمفوضية لكي يؤمنوا مكاناً للأخوة النازحين السوريين ، ونعرف ان منهم من يغادرون الى سوريا ومنهم من يظهر حيناً ويختفي حيناً ولا نعرف أين يذهبون . لكن نحن بكل وضوح اولويتنا أهلنا الذين تهجروا من الجنوب اللبناني وهذا ما نستطيع ان نتحمل مسؤوليته . وبالنسبة للأخوة الفلسطينيين، الأنروا تساعد ونحن نعتبرهم جزءاً من أهلنا الذين تهجروا من الجنوب، وحتى في مركز سبلين هناك تعاون وتنسيق مع الأنروا بهذا الخصوص ".
وعما اذا كانت البلدية بدأت تتلقى مساعدات ودعماً إغاثياً من منظمات دولية يقول الدكتور بديع " بدأ يأتي بعض الدعم والمساعدات من منظمات دولية لكنها تأتي بالقطّارة " نقطة نقطة " ولا تزال غير كافية ، حتى أننا نقوم بتوزيعها مباشرة على النازحين في المراكز لأن هناك حاجة كبيرة .. هذا ونحن لم نبدأ بعدّ الناس في المنازل ، ولا مخزون لدينا لفترة محددة الى الأمام .. ولا نعرف بالنتيجة ماذا ينتظرنا في الأيام والأسابيع المقبلة . وان شاء الله ونتمنى أن يتوقف اطلاق النار اليوم، لكن لا أحد يعرف كم ستطول الأمور.. وحتى لو توقف اطلاق النار اليوم ، فإنه سيكون لدينا عمل لثلاثة أو أربعة أشهر الى الأمام ، لمواكبة التحضير لعودة الناس خاصة وان كثيرين منهم فقدوا بيوتهم ولن يتمكنوا من العودة مباشرة ".
رأفت نعيم