عرب وعالم

5 ثوانٍ أدخلت "وجه ماي الباكي" إلى خطابات التاريخ

تم النشر في 25 أيار 2019 | 00:00

سجّل التاريخ الحديث عدداً من الخطابات السياسية المهمة التي أصبحت علامة في تاريخ الأدب ‏السياسي حيث يختلط الشخصي بالعام ويظهر الزعيم السياسي مشاعر الهزيمة أو النصر أو ‏التحدي أو مواجهة الشعبة بحقيقة صعبة تعيشها حكومته‎.‎


منذ بداية الستينات حفل السجل السياسي بخطابات لزعماء ما زالت تستدعى من حين لآخر مثل ‏خطاب جورج واشنطن في خطاب الاستقالة وخطاب مارتن لوثر كنغ "عندي حلم" وخطاب ‏ونستون تشرشل عند اندلاع الحرب العالمية الثانية ومواجهة النازيين أو خطاب الرئيس المصري ‏الأسبق جمال عبدالناصر عند تأميم قناة السويس وخطاب غاندي "اتركوا الهند"، مطالباً بنهاية ‏قرن من الاستعمار الإنجليزي‎.‎


ينضاف إلى ذلك، خطاب رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة الجمعة تريزا ماي وهي تنتحب ‏بأسى بينما تتوجه إلى الباب العاشر لتغلق الباب على تاريخها السياسي‎.‎


فلو تماسكت تريزا ماي خمس ثوانٍ فقط لما التقت الكاميرات وجهها الباكي التي اختلط بجملة ‏‏"بلدي الذي أحبه" لكن كان واضحاً أن ماي لم يكن بوسعها كبح المشاعر الجياشة وهي تستعيد ‏لحظات صعبة في تاريخها السياسي وهي تقود بريطانيا إلى مرحلة جديدة. إلا أن الثواني الخمس ‏تلك هي ربما ما أدخل خطاب ماي إلى قائمة الخطابات التاريخية بالإضافة طبعاً إلى كونها ‏المرأة الثانية التي تقطن 10 دواننغ ستريت" في وستمنستر‎.‎


وكان خطاب تيريزا موجهاً في المقام الأول إلى الطبقة السياسية البريطانية المنقسمة على نفسها ‏أمام القرار المصيري (الخروج من الاتحاد الأوروبي)، لكنها بالمقابل دافعت عن مجهوداتها ‏المتلاحقة في إنجاز وصفة للخروج المشرف من الاتحاد الأوروبي‎.‎


حفل خطاب تريزا ماي بالإشارات التي تعكس رغبتها في إنجاز تاريخ جديد مع بريكست ‏واستدعت قصة السير نيكولاس ونتون الذي أنقذ 669 من الأطفال وأغلبهم من اليهود من ‏تشيكوسلوفاكيا عشية الحرب العالمية الثانية في عملية عرفت بالروضة التشيكية وقد وجد ‏نيكولاس وينتون منازل الأطفال ورتب لمرورهم الآمن إلى بريطانيا‎.‎


لكن لماذا كان عليها أن تذكر البريطانيين والطبقة الحاكمة بأنها ثاني امرأة تتولى منصب رئيسة ‏الوزراء؟ ولماذا بشرت بالمزيد من النساء اللائي سيتولين المنصب في المستقبل؟ ولماذا قالت ‏إنها تغادر المنصب من دون ضغينة تجاه أحد؟ هل واجهت ماي ما يشبه التمييز داخل حزبها؟ ‏هل عاملوها كامرأة بالمفهوم التقليدي وأنها لن تستطيع إنجاز عمل صعب كالبريكست؟


يظهر خطاب ماي أنها كانت ترغب في المجد وأن تدخل التاريخ العريض للمملكة المتحدة ‏باعتبارها المرأة التي قادت شعبها في ظروف صعبة إلى بر مفاوضاتها من أجل الخروج ‏وحماية الوظائف والأمن والحدود اصطدمت بفشلها في توحيد البرلمان رغم محاولاتها الثلاث‎.‎


لكن لماذا بكت في آخر لحظات خطابها واستدارت بخطى مكسورة نحو الباب العاشر لتوصد ‏الباب على تاريخها السياسي؟


وفي حين لم تفسر رئيسة الحكومة المستقيلة سبب بكائها، يبقى الشيء الوحيد الذي أشارت إليه ‏ماي في ثنايا خطابها أنها كانت ترغب في إنجاز البريكست لبلدها الذي أحبته كامرأة وليست ‏كرئيس وزراء بريطانيا‎.‎