كتبت صحيفة "الجمهورية": فيما لبنان والمنطقة والعالم يترقب الاعلان الاميركي لِما سمّي "صفقة القرن" لتسوية النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي خصوصاً، والتي يريدها البعض ان تكون تسوية للنزاع العربي ـ الاسرائيلي عموماً، فإنّ كثيرين يطرحون تساؤلات كثيرة: هل هذه الصفقة تتوقع صيرورتها الى الفشل لافتقادها اسباب النجاح على كل المستويات؟
يقرأ ديبلوماسيون وخبراء في السياسة الاميركية إزاء لبنان والمنطقة والعالم، في "صفقة القرن" وما يجري حولها في ضوء الاوضاع السائدة في المنطقة، فيلاحظون كيف انّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب تراجع من مرتبة قرع طبول الحرب ضد ايران الى الحديث عن انه يريد أفضل مفاوضات معها، وانه يعرف انها هي أيضاً تريد التفاوض مع الولايات المتحدة.
وفي هذه الأثناء، يبدو العرب وكأنهم مستسلمين للواقع. ولكن ما يجعلهم متماسكين هو ايران التي باتوا يعتبرونها الخصم بل العدو الاول لهم، نتيجة قلقهم من توسّع نفوذها في المنطقة، وهو توسّع لا تنكره طهران، وأحياناً تتباهى به على لسان بعض ساساتها وقادتها العسكريين.
والعرب رغم كل ذلك يدركون انّ سبيلهم لتحقيق زعامتهم الاقليمية والعالمية يكمن في خيارين: امّا اعتماد نموذج زعامة الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وحافظ الاسد، وإمّا إعدام الخصم (والخصم الآن هو ايران). ومع أنّ الخيار الثاني يبدو انه هو الذي يخطر للعرب او لبعضهم على الاقل، فإنّ تحقيقه لا يبدو سهلاً لأنّ الولايات المتحدة الاميركية التي اعلنت حرب العقوبات على إيران منذ انسحابها من الاتفاق النووي الموقّع بين طهران ومجموعة الدول الست عام 2015، تعلن الآن بلسان ترامب أنها لا تريد تغيير النظام الايراني وانها تريد التفاوض معه، بل انّ هناك وسطاء بدأوا بإيعاز منها على الأرجح التحرّك بينها وبين إيران وربما أيضاً بين دول الخليج وايران، وتتصدر سلطنة عُمان هؤلاء الوسطاء، وهي غالباً ما كانت تتوسّط بين طهران وبعض العواصم الخليجية الكبرى عندما يبلغ الخلاف بين الجانبين حدود تهديد مصالحها.
في لبنان وبعد "الموازنة الاصلاحية" التي لم ينته النقاش فيها فصولاً بعد، يَنصبّ الاهتمام على موضوع ترسيم الحدود البحرية والبرية مع اسرائيل تمهيداً للشروع في الخطوات العملية لاستخراج الغاز والنفط برّاً وبحراً. ويتصرف البعض في هذا المجال وكأنّ هذا الامر هو جزء من "صفقة القرن" او من متفرعاتها، فيما الواقع لا يَشي بذلك، وان كان سيؤول الى تفاوض لبناني إسرائيلي برعاية أممية وأميركية. ولكن بعض الخبراء يستغربون كيف انّ لبنان يطرح ان يكون التفاوض مباشراً بينه وبين اسرائيل برعاية الامم المتحدة بدلاً من ترك الامر للوسيط الاميركي ديفيد ساترفيلد، بحيث يجري مفاوضات مكوكية بين الجانبين توصّلاً الى الاتفاق المنشود.
وبحسب ما تسرّب عن "صفقة القرن" حتى الآن، فإنها تعطي القدس لإسرائيل وتبقي المستوطنات في الضفة على الحدود مع اسرائيل، والبلديات في المناطق الفلسطينية تكون اشبه بإدارات "حكم ذاتي". كل هذه الأمور، يسأل الخبراء، كيف يمكن الفلسطينيون ان يوافقوا عليها؟ ويقولون انّ ما يسرّب عن "الصفقة" يفيد انّ الاردن سيُعطى مبلغ 10 مليارات من الدولارات ليوطّن قسماً من اللاجئين الفلسطينيين على اراضيه، علماً أنّ عدد سكان الأردن الآن هو بنسبة 80 في المئة من الفلسطينيين، والفلسطينيين ـ الاردنيين، في مقابل 20 في المئة من الاردنيين الأقحاح، وحتى هذه اللحظة لا تبدي السلطات الاردنية اي قبول بتوطين من هذا النوع، وترفض ان يكون الاردن وطناً بديلاً للفلسطينيين.
وفي لبنان، يسود القلق نفسه من التوطين الذي يُحرّمه دستور الجمهورية اللبنانية، حيث هناك كلام عن عروض دولية بشطب ديون لبنان التي اقتربت من المئة مليار دولار، وذلك مقابل موافقته على توطين 200 الف من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه. وفي هذا السياق يسأل الخُبراء في السياسة الاميركية إيّاهم: من سيدفع هذه المبالغ المالية الضخمة للاردن او للبنان؟ ومن الذي سيشطب ديون لبنان؟ ومَن من اللبنانيين يوافق على توطين مئتي الف فلسطيني (علماً انّ الرقم هو اكبر بكثير) في ظل الحديث، بل المخاوف، من انّ هذا التوطين يخلّ بالتوازن الديموغرافي في لبنان سواء على المستوى المسيحي أو على المستوى الاسلامي؟
أمّا فلسطينياً، فإنّ السلطة الفلسطينية لم توافق على "صفقة القرن" بل انها ترفض المشاركة في مؤتمر او اجتماع او لقاء، سياسياً كان ام اقتصادياً، من مثل مؤتمر "السلام من اجل الإزدهار" المقرر في البحرين يومي 25 و26 حزيران المقبل الذي يقال انّ المُراد منه تمويل متطلبات "صفقة القرن".
لقراءة النص كاملاً اضغط هنا.