كتبت صحيفة "العرب اللندنية": يستمر التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل في إثارة الجدل على الساحتين السياسية والشعبية في لبنان، من خلال مواقفهما وتصريحاتهما التي قطعت على حد تعبير أحدهم جميع الخطوط الحمراء، دون أن يحرك أي طرف ساكنا حيالها.
وأعاد باسيل ووزراء التيار في الأيام الأخيرة التصويب على النازحين السوريين في حملة جديدة تستهدف الضغط عليهم للعودة إلى بلادهم، وكشفت هذه الحملة عن أسوأ ما فيها من خلال تبني خطاب عنصري بشكل وصفه الكثيرون بـ"المستفز".
وبدا واضحا أن باسيل يسعى لاختزال المشهد اللبناني في شخصه وتياره، والتسويق لأنه الطرف الأقوى مسيحيا على الإطلاق في المعادلة القائمة، وقد نجح في ذلك إلى حد ما لجهة تراجع أسهم القوى المسيحية المقابلة، التي تقف اليوم عاجزة عن احتواء جموح الأخير الذي يلعب بشكل واضح على إثارة النعرات الطائفية والعنصرية التي يتشربها بسرعة الشارع المسيحي المسكون بهاجس البقاء، وهو ما ترجم في عمليات التضييق الواسعة التي يتعرض لها النازحون السوريون على غرار ما حصل مؤخرا في دير الأحمر من محافظة بعلبك الهرمل حينما تعرض سكان مخيم "الكاريتاس" لعملية طرد جماعي بسبب خطأ فردي، فضلا عن القرار الصادر بهدم منازل النازحين في منطقة عرسال.
وتصدر التيار الوطني الحر منذ البداية القوى المعارضة لوجود النازحين السوريين وقاد حملات دبلوماسية عدة وفتح قنوات اتصال مع دمشق رغم الانقسام الحكومي حول هذه المسألة، بيد أن تلك الجهود لم تؤت ثمارها بالشكل المأمول، ليعيد مجددا هذه القضية إلى دائرة الضوء عبر حملة غير مسبوقة.
وانطلقت الحملة الجديدة للتيار الوطني الحر بطرح قانون الأسبوع الفائت يضيّق الخناق على العمالة الوافدة. وقام التيار بحملة "توعية" شعبية على مدار الأيام الماضية للتسويق لهذا القانون بالتوازي مع شن وزرائه، يتزعمهم باسيل، هجوما غير مسبوق في منابر متعددة على اللجوء مستحضرين كما من المصطلحات التي لا تخلو من نرجسية وفوقية.
يرى مراقبون أن صمت العديد من القوى السياسية في لبنان بما في ذلك رئيس الوزراء سعد الحريري غير مفهوم خاصة وأن باسيل بات يتصرف وكأنه الحاكم الفعلي في لبنان ضاربا عرض الحائط بالتوازنات القائمة.
ويلفت المراقبون إلى أن خطاب الكراهية الذي يروجه باسيل من شأنه أن يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات والتجاوزات ضد اللاجئين وهذا قد يشرع الباب أمام ردود فعل انتقامية، تأكل المزيد من رصيد لبنان الأمني.
ومعلوم أن جميع القوى في لبنان متفقة على عودة اللاجئين السوريين بيد أن الخلاف يكمن في كيفية تأمين هذه العودة في ظل تحفظ دولي يرى بأن حل هذا الملف مرتبط بتسوية الأزمة السورية. وبدا البعض في الفترة الأخيرة متشككا في استمرار وجود مثل هذه التحفظات، مستدلين على ذلك بصمت الحكومة ورئيسها المريب.
ويقول المراقبون إنه أمام سلبية الفاعلين السياسيين في لبنان فإن تمادي باسيل مستمر وهو بسياساته نجح في تسديد أهداف في مرمى جميع الحلفاء والخصوم على السواء، وفي الآن ذاته فتح الشرخ الطائفي الذي كان السبب الأساسي في اندلاع الحرب الأهلية التي كلفت لبنان غاليا اقتصاديا وبشريا.
ويستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري فروا من العنف الذي يعصف بالبلاد منذ 2011، وسجلت عودة المئات منهم في السنوات الأخيرة بيد أن معظمهم لا يزال مترددا في اتخاذ هكذا خطوة في غياب ضمانات دولية بعدم تعرضهم لعمليات تنكيل من قبل السلطات السورية التي تصنف معظمهم في خانة المعارضين.