في حلقة جديدة من الحوار المطول الذي أجراه موقع "إندبندنت عربية" معه، تحدث رئيس الاستخبارات السعودية، الاسبق وسفيرها الأشهر لدى واشنطن، الأمير بندر بن سلطان، عن تراخي الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما فيما يتعلق بمنع تجاوزات الرئيس السوري بشار الأسد تجاه شعبه واستخدامه الكيماوي لقصف المدنيين.
ويقول الأمير بندر إن السعودية كانت تتابع التطورات عن كثب، بعد ما حدث بدرعا في بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011 ولم تعلن موقفاً. ويضيف أن الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بعث رسالة إلى بشار دعاه فيها الى اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة لتهدئة الأمور، فوعده بشار بذلك، لكنه مع الأسف استمر في سياسته القمعية، وأرسل الملك عبدالله مندوباً ثانياً، فكان رد الأسد أنه بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية ورفع مرتبات الجيش، فأرسل له الملك عبدالله 200 مليون دولار كمساعدة عاجلة لتهدئة الوضع، لكن بشار - بذكائه العجيب الذي يعتقد أنه يستطيع أن يخدع به كل الناس بمن في ذلك شعبه - أخذ الأموال دون فعل شيء، بل زاد في القمع والتنكيل بالشعب.
وأضاف: ثم انشق رئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب، وسمعنا منه العجائب عما كان يحصل داخل النظام... وبعدها بدأ بشار بضرب المدن السورية بالصواريخ والبراميل المتفجرة، وهنا اقتنع الملك عبدالله أنه لا يمكن التعاون معه.
وكشف الأمير بندر عن معلومات خلاصتها أن التدخل الروسي والإيراني في سورية بوتيرة متسارعة، جاء بعد ضمانة أن واشنطن لن تتحرك. وفي الوقت الذي كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تتفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي، كانت الخطوط الحمر التي رسمها البيت الأبيض أكثر من مرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد مجرد فرقعات إعلامية.
ويروي أن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق زار أحد أبناء الأمير بندر في مزرعتهم خارج لندن، وطلب منه إبلاغ الأمير بندر أن أوباما ليس جاداً في سورية، ولن يقوم بشيء، وأننا قد حاولنا مع الفرنسيين بجهود كبيرة، وأوباما يرفض الاستماع. ولو بالإمكان أن تبذل السعودية مجهودا قد يكون هناك تحرك، وأضاف الأمير بندر: عندما أخبرت الملك عبدالله علّق: هذا غير ممكن! فقلت له هذا كلام ابني الآن.
ويقول المسؤول السعودي السابق إن الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز اطلعه على تفريغ مكالمة مع أوباما طلب فيها الأخير مهلة يومين لاتخاذ موقف بشأن استخدام الأسد الكيماوي ضد المدنيين.
ويذكر الأمير بندر لأول مرة، تفاصيل تعطيل أوباما لأي تحرك ضد الأسد قائلا: التقيت رئيس الاستخبارات الأميركي السابق ديفيد بتريوس، في أحد الاجتماعات بالأردن، وقال لي إن مجلس الأمن الوطني موافق على وضع حد لتجاوزات الأسد واستخدامه الكيماوي، وكلما جئنا بأمر تحرك ليوقعه أوباما قام بتأجيله وتجاهله.
فوجئ الملك عبدالله بردّ فعل أوباما، ومراوغته، ويقول الأمير بندر إنه في آخر مكالمة بين أوباما وبين الملك الراحل، وكان فيها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق كاميرون، ومدتها تزيد على 40 دقيقة، قال الملك عبدالله لأوباما: لا أصدق نفسي أنني يوما ما سأعيش ورئيس للولايات المتحدة الأميركية يكذب عليّ. وكان أوباما يحاول الدفاع عن موقفه. ورأى الأمير بندر أن أوباما أعاد المنطقة عشرين عاماً للوراء، وأنه ترك رئاسة الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط في أسوأ حالاتها.