"هم أهل للسيف والضيف وغدرات الزمان"، هكذا كان يصف الرئيس الشهيد رفيق الحريري أهالي البقاع دوماً وهذه الجملة التي كان يرددها كلما التقى وفداً من أهلها الذين كانوا يزورونه في قريطم، حيث كانوا يبحثون معه في سبيل تطوير البقاع وإنمائه كونه يشكل الخزان الغذائي لكل لبنان في شتى المجالات الزراعية والإقتصادية وصلة الوصل مع العالم الخارجي عبر الطريق الدولي. العلاقة الوطيدة والمميزة التي كانت تربط الرئيس الشهيد بالبقاعيين، كانت مثالاً يُحتذى على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى أن النظام الأمني اللبناني ـ السوري ضاق ذرعاً بها ليفرض في حينه حصاراً على تحركات الرئيس الشهيد خصوصاً بشأن زياراته الى البقاع، لكنه تحدى و زار.
وعلى الرغم من هذه المضايقات، كان للبقاعيين حصة لا يستهان بها من "حصة" رفيق الحريري التعليمية من حملة الشهادات في اختصاصات متنوعة، والذين ارسلهم الى أفضل الجامعات في العالم من فرنسا الى بريطانيا وأميركا وغيرها، من أجل التسلح بشهادات تخولهم من العودة الى الوطن والمساهمة في عملية النهوض التي كان يسعى اليها وتثبيتهم في أرضهم وبناء مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم بدلاً من حمل السلاح ضد بعضهم البعض، قبل أن تمتد يد الغدر والإجرام لتقضي على حلم اللبنانيين والبقاعيين في ذلك اليوم المشؤوم قبل أربعة عشر عاماً.
وفي ذكراه الرابعة عشر يستذكر كل من عايش تلك الحقبة بألم وغصة وخصوصاً خريجي مؤسسة رفيق الحريري الذين خبروا الرئيس الشهيد عن قرب وعايشوه طيلة فترة تعليمهم في الخارج حيث كان يزورهم من فترة لأخرى للإطمئنان عليهم ومتابعة وضعهم لحظة بلحظة وهو في قمة انشغاله في لبنان.
في هذا السياق،استذكر رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية السابق الدكتور محمد صميلي، الرئيس الشهيد، مشدداً على أن "لبنان لا يزال يعيش حالة اسمها رفيق الحريري حتى اليوم".
واستذكر كيف أرسل الرئيس الشهيد أول دفعة من الطلاب اللبنانيين الى الخارج ومعظمهم من قرى الأطراف كما في البقاع والشمال وعكار ولم يفرق بين طائفة وأخرى. وأكد أن "اهالي البقاع الغربي كانوا دوماً الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري لأنه رأوا فيه مشروع تطور البلد والدفاع عن قضاياه المجتمعية ومنها قضايا البقاع الغربي، مشدداً على أن "هذه المنطقة ستبقى وفية كما أغلبية المناطق اللبنانية وسوف تدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة".
من جهته، استذكر ابن كامد اللوز البرفسور محمد طه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ذكراه الرابعة عشر، وروى لـ "المستقبل" قصته مع الرئيس الشهيد، مشدداً على أن "بفضل الله وفضل الرئيس الشهيد رفيق الحريري صاحب الايادي البيضاء توصلت بما انا عليه من شهادات وانجازات علمية".
واضاف:"قصتي محزنة ومفرحة في الوقت نفسه، محزنة بما عانيت ايام صباي وخلال دراستي قبل ان احصل على منحة من مؤسسة الحريري ومفرحة بما حققه من انجازات علمية وخاصة في مجال الطاقة الكهربائية للطائرات الحديثة".
وتابع:"انا من مواليد كامد اللوز – البقاع الغربي، عشت حياة صعبة واليمة بسبب الوضع المادي الذي مرت به عائلتي، ثم أجد نفسي أتعلم وأتخرج من اهم جامعات العالم بفضل الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وأشار الى أن "عندما سمعت بمؤسسة الحريري لم ابال في البداية لانني كنت مقتنع ان اذا لم يكن لي مرجعية او واسطة لن يقبل طلبي، وقال لي والدي حينها اذهب وجرب حظك عسى ان يقبلوك وتتعلم وتساعد هذه العائلة"، لافتاً الى انه "تفاجأ باستقبال مدير المؤسسة آنذاك في البقاع المرحوم محمود الميس واهتمامه وتاثره بقصتي. قلت له احب ان ادرس الماجستير لاعود واساعد عائلتي. قال لي سأرد علبك بعد اسبوع وبالفعل بعد اسبوع ارسل لي خبر بان آتي الى المكتب. عندم قابلناه ابتسم وقال لي لقد تأثر رفيق الحريري بقصتك أكثر مني ويقول لك لا تجعل من الفقر عيبا ويريدك أن تدرس الدكتوراه ليس ماجستير فقط".
من جهته، رئيس كلية الصحة في البقاع الدكتور رائد عزالدين ابن بلدة لالا البقاعية، وأحد خريجي مؤسسة الحريري، استذكر الرئيس الشهيد الذي كان "يشكل بمثابة حلم بالنسبة للبقاعيين لأنه لم يكن أمامهم فرص للتعليم في الخارج أو في بيروت نتيجة الظروف المعيشية وتكاليف العيش"، مشيراً الى أن "الرئيس الشهيد كان حلم اي طالب لأنه كان يريد أن يعلمهم في أفضل الجامعات في الخارج لكي يعيدهم الى أرض الوطن من أجل العمل بمشروع النهوض الذي كان يسعى اليه على المستوى العلمي".
وشدد عز الدين على أن "الرئيس الشهيد رفيق الحريري شخصية لن تتكرر ولم نرى من قبله ولا من بعده مثيل له وهو يشكل خسارة كبيرة للبلد"، مشيراً الى "انني عايشت مسيرة الرئيس الشهيد عن قرب فهو كان لديه مشروع كبير لإعادة لبنان الى الخارطة الدولية من الناحية الإقتصادية ومع الإغتيال ضاع الحلم وضاع البلد".
من ناحيته، استذكر ابن بلدة كفرزبد عمر الخطيب، الرئيس الشهيد رفيق الحريري "تلك القامة النيرة التي استشرقت على لبنان بعد الحرب الأهلية، آتى وكله أمل بمستقبل مشرق للبنان واللبنانيين"، مشيراً الى أن "كان لي الشرف أن أنتمي الى المدرسة الحريرية في العام 1984 وأنا من بين الـ 40000 ألف طالب الذين استفادوا من المنح المقدمة من مؤسسة الحريري وبعد تخرجنا كنت من المنتسبين الى جمعية المتخرجين".
واضاف:" لو بدأنا نستذكر انجازات الرئيس الشهيد لكتبنا المجلدات وإنجازات فمن أين نبدأ من اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب أم من إعمار وسط مدينة بيروت أم من بناء الأوتوسترادات والجامعة الوطنية والمدينة الرياضية ومطار بيروت الدولي ومدينة كفرفالوس الجامعية أم مساهمته في تعليم أكثر من 40 ألف طالب من كل الطوائف غيرها وغيرها من الإنجازات، خافوه فقتلوه وقتلوا حلمنا بلبنان السلام ".