هل تمت حقاً المصافحة والمصالحة بين الزعيم الوطني الكبير وليد جنبلاط والنائب طلال إرسلان؟ أم أنها تبويس لحى، بلا لحى، وتبويس بلا تبويس ومصافحة بلا صفح؟. لكن مع ذلك فلقد سلكت القضية طريق القضاء ومجراه وكأنها كانت كل يوم تشق مجراً جديداً. إنها العدالة، وتعني المساواة في الحقوق عند كل اللبنانيين. والمساواة تعني التعامل مع الجميع بما يقضيه القانون والواجبات ومسار الامور والتحقيقات الميدانية. لكن الناس انفرجت. هدأت مخاوفها وهواجسها لاسيما عندما اعلن الرئيس الحريري موعداً لانعقاد مجلس الوزراء، بعد تعطيل دام نحو خمسة أسابيع. وضع اللبنانيون ايديهم على قلوبهم، فذكرى حروب الجبل فظيعة سواء تحولت إلى صراع درزي – درزي او كما حولت اخيراً بقدرة قادر إلى صراع بين مسيحي ودرزي، اديرت في استفحالها خطوة خطوة، وموقفاً موقفها ومناورة مناورة لكي تصبح على حافة الهاوية. لكن عندما وصلت إلى هذا الحد اكتشف الجميع فداحة ما قد يحدث، وفداحة عدم السيطرة عليه. ليس بالمعنى الحربي القتالي (فلا احد قادراً على خوض حروب الان) بل بالمعنى السياسي والاداري والاقتصادي ايضاً. "فالمركب السكران على قول الشاعر رامبو" يغرق المتيقظين والمعتدلين والمنتشين بانتصارات وهمية. فالناس احتقنت في الوقت الذي كان بعضهم منشرحاً لفوز ما بنسف قواعد ومبادىء الدستور، والحكومة والصلاحيات. نعم لم تكن الناس ولم تعد مهيأة ولا مستعدة لتقبل الجنوح والتطرف فأمورها هي فعلاً على حافة الهاوية، عيشها مستقبلها شبابها لقمتها. فكل ما حولها يكاد يكون خراباً: الكهرباء، الماء، الفضائح المالية، الفساد المعمم، البطالة، الطرقات والخدمات العامة والمؤسسات وخصوصاً الموازنة. بل آمالهم ايضا بالمساعدات المقترحة على لبنان من سيدر وسواه بدت وكأنها مهددة... في انتظار السقوط الكبير: الليرة الفوضى الاقتصادية والاجتماعية وطبعاً الفوضى المذهبية التي تغذى من بعضهم لنبش الماضي واستعادة ما دمر البلاد والعباد.
فهل يصحو هؤلاء الكامنون وراء الكواليس ويحسون مع الناس واوجاعهم وحاجاتهم وفقرهم وبطالة ابنائهم؟