كتبت صحيفة "اللواء": تلفح نسائم قصر بيت الدين كل من يزوره وتخرج من أجنحته رائحة حكايات الامراء والرؤساء الذين تعاقبوا على المكوث فيه لفترات من الزمن.
بقي القصر نفسه في منطقة الشوف ينفض الغبار عنه ومع مرور العهود الرئاسية عليه كان الترميم موسميا والحاجة الى ورشة تأهيلية كبيرة تبدو ملحة. وعلى الرغم من كل ذلك حافظ القصر على حيويته وعلى حقيقة كونه مقصدا للسياح في كل المواسم.
وفي اليوم الأول لإنتقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليه لمزاولة نشاطه الرسمي في فترة لا تقل عن اسبوعين استعاد حركته السياسية وهي حركة يرغب الرئيس عون في ان تكون على غرار الحركة القائمة في القصر الجمهوري ومن هنا يتم التداول باجتماعات قد يشهدها في الأيام المقبلة. وربما جلسة حكومية ايضا.
ويراد لفترة مكوث رئيس الجمهورية في المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية ان تكون قيّمة بحسب ما يقول النائب فريد البستاني لـ«اللواء» مشيرا الى ان ما رافق انتقال عون الى بيت الدين من تمزيق لافتات الترحيب به هو عمل مدان دون ان يستبعد ان يكون فرديا مشيدا في الوقت نفسه بصيغة الجبل الفريدة.
صحيح ان النشاط الرسمي لقصر بيت الدين افتتح بلقاء الرئيس عون مع ابناء البيت الواحد انما تشخص الأنظار الى لقائه اليوم مع وفد من نواب اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الإشتراكي ومرافقة كريمة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط له على ان ثمة معلومات تشير الى امكانية عقد لقاء بين عون وجنبلاط بعد عودة الأخير ونجله النائب تيمور جنبلاط من الخارج.
وهذا اللقاء من شأنه تكريس اجواء ما بعد المصالحة مع العلم ان مصادر نيابية من الشوف ابلغت «اللواء» ان ما من رابط بين انتقال عون الى بيت الدين وبين المصالحة، فقراره بالإنتقال كان متخذا من قبل، لكن المعالجة يمكن ان تكون عبَّدت الطريق الى بيت الدين.
وفهم من المصادر نفسها ان هناك مسعى يعمل عليه من اجل ترتيب لقاء عشاء للرئيس عون وعائلته في دارة جنبلاط كما درجت العادة لدى العائلة الجنبلاطية لدى زيارات رؤساء الجمهوريات الى بيت الدين، لكن المصادر نفسها لم تؤكد ما اذا كان هذا المسعى سيترجم.
وفي كل الأحوال فإن مرحلة ما بعد المصالحة هي مرحلة العمل على الشقين المالي والإقتصادي وهذا هو التركيز الرئاسي.
اذاً افتتح الرئيس عون اقامته في قصر بيت الدين وجال في ارجائه مسجلا ملاحظاته عن حاجته الى بعض العمل فيما يتابع الإوضاع ويعقد طوال فترة بقائه لقاءات متعددة..
وكان الرئيس عون وصل عند العاشرة صباحاً الى باحة قصر بيت الدين، فأديت له التحية الرسمية وعزفت الموسيقى لحن التعظيم والنشيد الوطني، في الوقت الذي كان العلم يرتفع على سارية القصر.
بعد ذلك عرض الرئيس عون سرية من لواء الحرس الجمهوري وصافح بعدها مستقبليه محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، قائمقام الشوف مارلين القهوجي، رئيس اتحاد بلديات اقليم الخروب الجنوبي جورج حنا مخول، رئيس اتحاد بلديات اقليم الخروب الشمالي زياد حلمي الحجار، رئيس اتحاد بلديات الشوف الاعلى جورج العشي، رئيس اتحاد بلديات الشوف السويجاني يحيى محمد ابو كروم، قائد منطقة جبل لبنان في الجيش العميد زخيا الخوري، قائد منطقة جبل لبنان في قوى الامن الداخلي العقيد جهاد الاسمر، نائب رئيس بلدية بيت الدين جوزف كرم ومختار بيت الدين مارون غياض.
كما كان في استقبال الرئيس عون المدير العام لرئاسة الجمهورية بالتكليف الدكتور نبيل شديد وعدد من المديرين العامين والمستشارين في رئاسة الجمهورية.
وعلى الاثر توجه الرئيس عون الى مكتبه، حيث التقى المستقبلين الرسميين وتداول معهم في اوضاع منطقة الشوف خصوصا والجبل عموما. ورحب المحافظ مكاوي بالرئيس عون في اقامته في بيت الدين، وكذلك فعل رؤساء اتحاد البلديات، فيما القى السيد كرم قصيدة ترحيب باسم بلدية بيت الدين.
واستقبل الرئيس عون عضو تكتل «لبنان القوي» وزير المهجرين غسان عطا الله ونواب التكتل ماريو عون، سيزار ابي خليل وفريد البستاني، الذين رحبوا برئيس الجمهورية في بيت الدين، وعرضوا معه اوضاع المنطقة وحاجاتها والمشاريع الانمائية التي تنفذ فيها.
وبعد انتهاء اللقاءات، تجول الرئيس عون في أرجاء قصر بيت الدين وقاعاته وجناح الاقامة وقاعة مجلس الوزراء وصافح عددا من السواح الذين يزورون القصر، ثم اجرى دردشة مع الاعلاميين.
وسئل عما اذا كان مرتاحا بعد اجراء المصالحة الأخيرة في قصر بعبدا، اجاب: «ان الاعلام هو من يجب ان ينقل أصداء المصالحة في وسط الرأي العام»، مركزا على «ما تحقق ايضا عبر الاتفاق على ورقة اقتصادية ومالية مهمة جدا، خصوصا عشية تصنيف لبنان من قبل احدى المؤسسات المالية الدولية في 23 آب»، وقال: «انا مصمم على متابعة هذه الورقة وتنفيذها وجوبا والتزاما كما ورد فيها، وآمل تعاون الجميع لوضعها قيد التنفيذ، لا سيما انها اقرت بحضوري ورئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء سعد الحريري. واذا لم يكن في قدرة هؤلاء تنفيذها، فهذا يعني عدم وجود حكم».
وعن اجواء واشنطن تجاه لبنان، قال: «انا في لبنان واحقق مصلحة لبنان، وقد تابعتم مواقفي في المحافل الدولية والقمم العربية».
وعما اذا كان انتقاله الى بيت الدين يؤشر الى ان صفحة الخلاف الماضي قد طويت، اكد رئيس الجمهورية ان «المشكلة ليست معي»، لافتا الى ان «الجروح بين الاطراف بدأت بالالتحام بشكل سليم».