إقتصاد

مع تشديد العقوبات.. خيبات إيران الإقتصادية تتوالى

تم النشر في 6 تشرين الأول 2019 | 00:00

تتوالى خيبات إيران الاقتصادية واحدة تلو الأخرى، مع تشديد الولايات المتحدة قبضة العقوبات ‏عليها، ليكون آخر صدماتها انسحاب شركة النفط الحكومية الصينية من صفقة تطوير حقل بارس ‏الجنوبي الذي يوفر معظم الغاز الطبيعي الإيراني‎.‎

وقال وزير النفط الإيراني، بيجان زنغنه، إن شركة النفط الوطنية الصينية‎ (CNBC) "‎لم تعد ‏طرفا في المشروع"، الذي تصل تكلفته إلى 5 مليارات دولار، في الحقل الأكبر في العالم بجملة ‏احتياطي يبلغ 51 تريليون متر مكعب‎.‎

وكانت شركة "توتال" الفرنسية، قد انسحبت هي الأخرى من الصفقة في أيار 2018، بسبب ‏العقوبات الأميركية. وتضمنت الخطة الأولية لتطوير الحقل، حفر 20 بئرا ومنصة لرأس البئر، ‏لتصل الطاقة الإنتاجية للمشروع إلى ملياري قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا‎.‎

وبموجب الشروط الأولية للصفقة، كانت توتال ستحصل على حصة 50.1 بالمائة، مع حصول ‏شركة النفط الوطنية الصينية على 30 المائة، وشركة "بتروبارس" الإيرانية على 19.9 بالمائة‎.‎

ومع انسحاب "توتال"، استحوذت الشركة الصينية على حصة الشركة الفرنسية، والآن بعد أن ‏وجدت إيران وحدها في الصفقة الضخمة، خرج مسؤولوها بتصريحات مثيرة للسخرية، للتأكيد ‏على أن بلادهم ستطور قطاعا من حقل نفط بارس الجنوبي وحدها‎.‎

وما جعل هذه التصريحات "مثيرة للسخرية"، هو أن إيران غير قادرة على معالجة وتطوير بنيتها ‏التحتية فيما يتعلق بالنفط والغاز، بحسب الكاتب الاقتصادي المتخصص في الطاقة عماد الرمال‎.‎

وقال الرمال لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "إيران لن تكون قادرة بالطبع على تطوير الحقل ‏بمفردها، فعلى مدار 40 عاما لم تستطع أن تطور حقول البنية التحتية للغاز والنفط، فمن ‏المعروف أنها تواجه مشكلة كبيرة في هذا المجال‎".‎

واستطرد في شرحه قائلا: "نرى أن إيران لديها وفرة من الغاز في جنوب البلاد، لكن بسبب ‏رداءة بنيتها التحتية فإنها غير قادرة على توفير الغاز في شمال البلاد‎".‎

أضاف: "لهذا فإن غاز الشمال يتم استيراده من تركمانستان، وهذا أمر غريب جدا فهي ثالث ‏أكبر دولة في احتياطي الغاز لكنها تستورده أيضا. هذا دليل على أن لديها بنية تحتية مهترئة وهي ‏غير قادرة على تطويرها على مدار 40 عاما، فكيف لها الآن أن تطور حقلا ضخما كهذا ‏بمفردها؟‎".‎

أزمة في اقتصاد متأزم أصلا

وجاءت خطوة الانسحاب الصيني من تطوير حقل بارس الجنوبي، لتزيد الطين بلة، فاقتصاد ‏إيران يختنق أساسا تحت وطأة قضايا الفساد وسرقة ثروات الشعب من مسؤوليها فضلا عن ‏العقوبات الأميركية، والآن فإن إنتاجها من النفط والغاز قد يتأثر أيضا‎.‎

فبعد انسحابها من الاتفاق النووي في الثامن من أيار 2018، فرضت الولايات المتحدة عقوبات ‏على إيران تمنعتها من بيع نفطها في الخارج، مما أدى لشل اقتصاد البلاد‎.‎

وفي أواخر أيلول الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على شركات شحن صينية، قالت إنها تنقل ‏النفط الخام الإيراني‎.‎

ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران في خرق شروط الاتفاق، وشنت سلسلة هجمات في الشرق ‏الأوسط، حتى وصلت التوترات إلى ذروتها في 14 أيلول، عندما استهدف هجوم مواقع نفطية ‏سعودية مهمة‎.‎

وبينما أعلن المتمردون الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم، أظهرت التحقيقات أن "الهجوم كان بلا ‏شك تحت رعاية إيران‎".‎

وإن كانت تلك الهجمات تدل على شيء، فهي تدل على أن إيران تتخبط وتصارع لالتقاط أنفاسها ‏خلال سباحتها المستمرة عكس التيار، كما أنها تؤكد أن اقتصادها المترنح يزداد تأزما، بحسب ‏المحللين‎.‎

في هذا السياق، قال الخبير في الشأن الإيراني هاني سليمان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن ‏انسحاب شركة النفط الوطنية الصينية "يشكل نقطة تحول مهمة وضربة إضافية للاقتصاد ‏الإيراني، خاصة في هذا التوقيت الصعب، نظرا لنجاح الضغوط التي تمارسها واشنطن من ‏خلال العقوبات، والقيود التي تفرضها على الشركات العاملة في طهران‎".‎

وذكّر سليمان بالنتائج الكارثية التي ترتبت على انسحاب توتال في السابق من الاتفاق، إذ أدى ‏ذلك إلى هبوط صادرات المكثفات الغازية إلى "شبه الصفر"، بعدما كانت تنتج طهران حوالي ‏‏17 مليون طن مكثفات غازية بقيمة 7 مليار دولار، وتحديدا في الفترة بين نيسان 2017 حتى ‏نيسان 2018، بإجمالي 650 ألف برميل يوميا يستهلك منها محليا 400-450 ألف برميل‎.‎

وأوضح أن قطاع النفط تأثر وتقلصت صادراته بنسبة 80 بالمئة مع القيود المفروضة، ومع رفع ‏الإعفاءات على الدول الـ8 المستثناة من العقوبات بعد ذلك‎.‎

وتابع: "شكل هذا مأزقا كبيرا خاصة مع وصول العقوبات إلى قطاع البتروكيماويات والمعادن – ‏الذي يشكل 10 بالمئة من الصادرات - المرتبطة بقطاع النفط، مما جعل وزير النفط يرفع الدعم ‏عن بعض المشتقات والبنزين، ويضع نظام للحصص أثر بشكل مباشر على المواطن الإيراني ‏وزاد الأسعار بشكل كبير‎".‎

ورغم مساهمة القطاعات الاقتصادية من خارج المحروقات بحوالي 110 مليار دولار، إلا أنها ‏تأثرت هي الأخرى بشكل كبير خاصة أنها تضم صناعات بتروكيماوية وأنواع مرتبطة بشكل ‏غير مباشر تضررت هي الأخرى، بحسب سليمان‎.‎