عرب وعالم

هل سلّمت إيران نصرالله ملف أذرعها في المنطقة؟

تم النشر في 16 كانون الثاني 2020 | 00:00

شكّل مقتل "مهندس" استراتيجية إيران في المنطقة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس ‏الثوري، منعطفاً كبيراً في سياسات طهران الخارجية، كَون الرجل الثاني في إيران بعد المرشد ‏علي خامنئي، كان شخصية محورية وأساسية في التمدد المُطرد لنفوذ النظام الإيراني في الشرق ‏الأوسط، لاسيما في العراق وسوريا ولبنان، حيث كان يُعزز الروابط مع القيادة المركزية في ‏إيران وأذرعها العسكرية الممثلة بحزب الله في لبنان والنظام السوري والميليشيات الشيعية ‏الموالية له، فضلاً عن الفصائل الشيعية في العراق‎.‎

نفوذ سليماني داخل المؤسسة العسكرية

ومع أن المرشد الإيراني سارع إلى تعيين اللواء إسماعيل قاآني قائداً جديداً لفيلق القدس، في ‏خطوة أراد منها القول إن البديل جاهز، وإن سياساتنا الخارجية مستمرة ولم تتأثّر بمقتله، الا أن ‏غيابه عن المشهد الإيراني في المنطقة مثّل ضربة قوية لها، لأنها استهدفت رجلها الأول في ‏العراق وسوريا الذي لطالما تنقّل بين الخنادق والجبهات برفقة قادة الميليشيات الإيرانية في هذين ‏البلدين، والذي أصبح نفوذه داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جليا في 2019 عندما منحه ‏المرشد الأعلى علي خامنئي ميدالية وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت ‏هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذه الميدالية منذ تأسيس الجمهورية ‏الإسلامية في عام 1979‏‎.‎




تسليم المهمة إلى نصرالله

وعلى الرغم من تعيين اللواء قاآني مكان سليماني، إلا أن مهمته الجديدة محصورة بالحرس ‏الثوري في الداخل من دون الإشراف على الميليشيات التابعة لإيران في كل من العراق وسوريا ‏ولبنان وحتى اليمن، على عكس سليماني الذي كان يجمع بين موقعه على رأس الحرس الثوري ‏وملفات هذه الميليشيات‎.‎

وبحسب مصادر مطّلعة رفضت الكشف عن هويتها لـ"العربية.نت" فإن القيادة الإيرانية سلّمت ‏ملف أذرعها العسكرية في المنطقة إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليكون صلة الوصل ‏بينها، لأن هذه المهمة التي كان يضطلع بها سليماني كانت تفرض التنقّل على جبهات القتال في ‏ميادين متعددة، وهو ما بات متعذّراً على خلفه اللواء إسماعيل قاآني الذي قررت القيادة الإيرانية ‏حصر مهمته فقط داخل إيران وعدم مغادرتها خوفاً من استهدافه عسكرياً كما حصل مع ‏سليماني‎.‎

وعلى الرغم من أن نصرالله لا يتنقل بحرية أيضاً إلا أن لديه القدرة على لقاء بعض قادة تلك ‏الميليشيات، كما أنه نسج علاقات عميقة مع بعضهم أكثر من قاآني‎.‎

اجتماع مع قادة عراقيين في بيروت

هذه المهمة الجديدة لأمين عام حزب الله لم تكن مستبعدة كما تقول المصادر، لأنه كان يُشرف إلى ‏جانب سليماني على مكتب ارتباط في ضاحية بيروت الجنوبية (معقل حزب الله) يضم ممثلين ‏عن الفصائل المسلّحة التابعة لإيران (الحشد الشعبي، كتائب حزب الله العراقي وعصائب أهل ‏الحق، الحوثيين وفصائل عسكرية موالية في سوريا) في العراق وسوريا واليمن‎.‎

كما كشفت المصادر أن نصرالله التقى في الأيام الماضية في بيروت قادة ومسؤولين كبارا في ‏معظم الفصائل المسلّحة المؤيدة لإيران، غالبيتهم من قادة الميليشيات العراقية للبحث في ‏التطورات بعد مقتل سليماني ومن أجل وضع خريطة طريق لمواجهة المرحلة المقبلة‎".‎

ومع أن بعض الخلافات تعصف بين قادة الميليشيات العراقية تحديداً، إلا أن نصرالله وكما ‏أشارت المصادر المطّلعة دعاهم إلى وضع خلافاتهم جانباً والتوحّد لمواجهة التصعيد الأميركي، ‏لأن المرحلة حسّاسة ودقيقة تتطلّب توحيد الصفوف والجبهات حتى طرد الأميركي من المنطقة‎". ‎وسيط بين نصرالله وقيادة إيران

وبما أن المهمة الجديدة لنصرالله تفرض عليه التنقّل بين لبنان وسوريا والعراق وصولاً إلى إيران ‏كما كان يفعل سليماني من أجل تنسيق الخطوات، إلا أن مصير القائد السابق لفيلق القدس فرض ‏عليه تشديد الإجراءات الأمنية حوله والحدّ من تنقّلاته، لذلك فإن عبدالله صفي الدين وهو شقيق ‏رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله في لبنان هاشم صفي الدين، سيتولّى نقل مقررات نصرالله مع ‏قادة الميليشيات الإيرانية إلى القيادة في طهران، كَونه يُقيم هناك‎".‎

تقديم أوراق اعتماد للقيادة الإيرانية

إلى ذلك، اعتبرت المصادر المطّلعة "أن الخطابين الأخيرين لنصرالله اللذين خصصهما لتوجيه ‏تهديدات إلى الإدارة الأميركية رداً على مقتل سليماني، أراد من خلالهما تقديم أوراق اعتماده ‏للمرشد الأعلى علي خامنئي والقيادات الإيرانية المتشددة بأنه "خير خلف لخير سلف"، وأن ‏رسالة سليماني مستمرة في كل من العراق وسوريا واليمن وصولاً إلى لبنان، علماً أن لسليماني ‏دورا كبيرا في تعزيز وجود حزب الله بدأ في أواخر التسعينات من خلال الإشراف على تسليح ‏وتدريب عناصر الحزب‎".‎