بعد إعلان تفشّي أول حالة لفيروس الكورونا في لبنان والإرتباك الحاصل بين اللبنانيين حول طريقة التعاطي مع هذا المرض وتفاديه، أقامت "جامعة رفيق الحريري" محاضرة توعوية للطلاب والأساتذة والموظفين.
تناولت المحاضرة طبيعة الفيروس ونشأته وخطورته وسبل الوقاية منه ومنع انتقال العدوى للآخرين، وألقاها الأستاذ المحاضر في الجامعة والمتخصص في علم الجراثيم محمود علي حلبلب ، وذلك في قاعة الميدل إيست في الجامعة.
وأشار حلبلب الى أن فيروس كورونا هو من عائلة فيروسات موجودة تاريخياً وسمّيت كورونا لأن شكلها تحت المجهر الإلكتروني أشبه بالتاج. تأتي هذه الفيروسات من الحيوانات كالطيور والثديات والأفاعي ولكن الخفافيش تعتبر أهم حاضن لها. 4 أنواع من فيروسات الكورونا تصيب عادةً حوالي 20% من الأشخاص بإلتهابات في الجهاز التنفسي العلوي. أمّا هذا الفيروس المستجد فهو ينتسب إلى المرض الذي ظهر في عام 2003 عندما انتشر فيروس ال "سارس" في الصين وسبّبَ إصابة حوالي 8000 شخص بنسبة وفيات وصلت إلى 10%. وفي عام 2012 ظهر فيروس آخر من نفس العائلة في الشرق الاوسط سمّي "مارس" وكانت نسبة انتقاله للإنسان قليلة، ولكن نسبة الوفاة كانت مرتفعة وبلغت حوالي 34 % واليوم نتكلم عن فيروس ثالث ينتشر منذ نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 وسُمّي (Covid-19). وكل هذه الفيروسات الثلاثة تسبب إلتهاباً في الجهاز التنفسي السفلي وهو ما يجعلها أكثر خطورة.
تعقيدات المرض
وعرض حلبلب لثلاثة خصائص لتعقيدات هذا المرض وهي: أولاً سرعة الإنتقال بين الناس، وثانيا أن الفيروس مستجد وبالتالي تطوير العلاج واللقاح ضده صعب ويحتاج الى وقت، والأهم هو فترة حضانة الفيروس في جسم الإنسان والتي تتراوح بين يومين و14 يوماً وقد تتعدّى العشرين يوماً في بعض الحالات مما يعني أن العوارض السريرية لا تظهر مباشرة على الإنسان المصاب فيقوم بنقل العدوى الى شخص آخر دون معرفته بإصابته شخصيا. وتعتبر هذه هي المشكلة الأساسية لخطورة هذا المرض فلا تكشفه في فترة الحضانة الآلات التي ترصد حرارة الجسم في المطارات. ومن ناحية أخرى، فغرارا للفئات الأخرى من فيروسات الكورونا التي ظهرت سابقاً، فإن نسبة الوفاة بالفيروس المستجد قد تتعدى 3 % بناء على الأرقام المعلنة على صفحات منظمة الصحة العالمية حتى تاريخه. تجدر الإشارة إلى أن الشخص المصاب بالفيروس قد يتسبّب إحصائياً بنقله الى 3 اشخاص آخرين.
وأوضح. حلبلب الى أن الفيروس يعيش داخل خليّة الإنسان أو الحيوان، والخارطة الجينية التي كشف عنها الصينيون ونشروها في بداية تفشّي العدوى، تبين أن أجزاء من هذا الفيروس المستجد مصدرها حيوان الخفاش وأجزاء أخرى مصدرها الأفاعي وغيرها من الحيوانات. هكذا فالمحتمل أنّ تواجد هذه الحيوانات بالقرب من بعضها أدى الى تبادل الفيروسات بينها وبالتالي فإن احتمال التغيير في الفيروسات لتنتج فيروسات جديدة داخل خلية الإنسان أو الحيوان وارد جدا. فإذا قمنا بإحصاء الأمراض الجرثومية والتي تزيد عن 1410 نوع فإن تلك التي تصيب الإنسان ومصدرها الحيوانات نسبتها 58%. وبالتالي تكمن المشكلة الأساسية في تواجد الإنسان بالقرب من الحيوان ما يتيح الفرصة لظهور فيروسات جديدة.
تفشي المرض وعدد الوفيات المعلنة
اعتبر حلبلب الى أن عدد الحالات المعلنة للكورونا على صفحات منظمة الصحة العالمية هي 79339 وعدد الوفيات 2619 حالة في 30 دولة وبذلك تكون نسبة الوفيات حوالي 3.3%. و أشار الى وجود أكثر من 80 فريق أبحاث عالمياً يعملون على إيجاد طرق لمعالجة هذا الفيروس وقد نجحت بعض الدول في تصنيع لقاح ضدّ الفيروس المستجدّ ولكن دراسة مدى فعاليته والأهم طبعا مدى سلامته على صحة الإنسان قد يأخذ بضعة أشهر على أقل تقدير. كما ذكر د. حلبلب في محاضرته إلى أنّ فرق أبحاث أخرى تعمل على تطوير عقار للقضاء على الفيروس ومن هذه العقاقير تلك التي تستعمل حالياً ضد فيروس (HIV) المسبّب لمرض الايدز.
النواحي الإيجابية
بعض النواحي الإيجابية تكمن في أن 97% من الحالات المصابة محصورة في دولة الصين. فعلى الرغم من ارتفاع معدل العدوى، إلا أن معدل الوفيات منخفض مقارنة بالسارس وغيره من الفيروسات المشابهة. أما من ناحية أعراض المرض، فالخفيفة تظهر في 81% من الحالات المصابة والذين يشفون تماماً دون أية مضاعفات. وهناك الأعراض المتوسطة الى الشديدة كإلتهاب الرئة مثلاً يعاني منها 14% من الحالات. أمّا المضاعفات الحرجة فتحصل في 5% من الحالات وهي قد تؤدي إلى فشل في الجهاز التنفسي وأعضاء أخرى. ويبدو أن الأطفال أقل تأثراً مقارنة بالبالغين. ويتوقع أن ينحسر المرض كلما إزداد الطقس دفئا.
مكافحة تفشي المرض
شدد حلبلب على ضرورة الحماية من إنتقال العدوى من خلال الإلتزام بالإجراءات الوقائية للحد من تفشي المرض ومنها:
1. تجنب التداول بالمعلومات الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي، والمعالجة الذاتية بجرعات ضخمة من VitC والمستحضرات العشبية وغيرها.
2. ضرورة غسل اليدين بالماء والصابون أو ما يعادلها من مطهرات.
3 . تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال.
4. تجنب الأماكن المزدحمة والاقتراب من المرضى الذين يعانون من إلتهابات في الجهاز التنفسي.
5. استشارة الطبيب وتقديم سجل السفر فورا عند ظهور عوارض المرض الأساسية كالسعال والعطس والحمى وضيق في التنفس
6. البقاء في المنزل لتجنب نقل العدوى إلى الآخرين
وختم الدكتور حلبلب محاضرته التوعوية بأن لا داعي للهلع ولكن علينا أن نكون حذرين لا قلقين لأنه بالرغم من سرعة انتشار الفيروس لا تزال نسبة الوفيات منخفضة نسبياً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.