28 شباط 2020 | 09:55

أخبار لبنان

‏"تجارة" المختبرات .. في زمن الـ"كورونا"!‏

‏
المصدر: ‏"الاخبار" - هديل فرفور

أعلنت وزارة الصحة العامة، أمس، تسجيل حالة ثالثة مُصابة بفيروس «كورونا» كانت على ‏متن الطائرة التي قدمت من إيران الإثنين الماضي. وبسبب الخشية من تزايد الإصابات في الأيام ‏المُقبلة، في ظلّ «الإمكانات الكبيرة» لنقل العدوى التي يتمتّع بها الفيروس، تتجّه الأنظار نحو ‏إجراءات «الاستنفار» التي ستتخذها السلطات المعنية تماشياً مع تفاقم الوضع، فيما بدأت تبرز ‏‏«تجارة» الفحوصات المخبرية المخصصة لتشخيص الفيروس، إذ يروّج بعض المختبرات ‏لتوافر الفحوصات «الدقيقة» لديه، في وقت تؤكّد فيه الجهات الرسمية المعنية أن مختبرات ‏مُستشفى رفيق الحريري الحكومي هي المرجع الوحيد القادر على تقديم التشخيص الدقيق، علماً ‏بأن أبحاثاً علمية أكدت أنّ العملية الصحيحة للاختبار «أمر بالغ الأهمية»، لتحديد النتائج بدقة، ‏ما يحتّم على المعنيين الالتفات إليه لـ«ضبط» سوق المُختبرات.‏

تصل، منذ أيام، إلى هواتف بعض المُقيمين في لبنان، رسائل نصّية ترسلها مختبرات «تُحيط» ‏أصحابها علماً بأن فحص فيروس «كورونا» الجديد (‏Covid - 19‎‏) متوافر، «والنتيجة خلال ‏‏24 ساعة».‏

في جولةٍ بسيطة على إعلانات هذه المختبرات، يتبيّن أن المعدّل الوسطي لكلفة فحص الـPCR‏ ‏المخصص لتشخيص الفيروس يُقدّر بنحو 316 ألف ليرة (الأسعار تراوح بين 283 ألف ليرة ‏و350 ألفاً)، فيما لا يبدو واضحاً «مصدر» المعدّات والتجهيزات التي تستخدمها هذه المختبرات ‏لإجراء التحاليل.‏

ممثلة مُنظّمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي أكّدت أنّ المُنظّمة لم تُزوّد أي جهة ‏بمعدّات إجراء الفحص باستثناء مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، «بوصفه المرجع الوحيد ‏لإجراء الفحوصات»، فمن أين أتت هذه التجهيزات؟

بحسب المعلومات، فإنّ عدداً من المختبرات عمد إلى استيراد أجهزة الفحص من هونغ كونغ ‏‏«بالطرق القانونية وبترخيص من وزارة الصحة»، بحسب صاحب أحد المختبرات، لافتاً إلى أنّ ‏مصدرها شركة ‏BGI‏ التي جهّزت مُستشفى الحجر الصحي الذي بنته السلطات الصينية في ‏مدينة ووهان» مع بدء انتشار الفيروس الشهر الماضي، علماً بأن الشركة المذكورة حازت ‏‏«موافقة طارئة» لمُنتجها، ما يدفع البعض إلى التشكيك في فعاليتها. وأوضح المصدر أن بعض ‏المختبرات يتجّه حالياً إلى استيراد التجهيزات من إسبانيا.‏

وبمعزل عن مصدر تجهيزات الفحوصات، ثمّة تساؤلات جدّية ترتبط بجدوى نشوء هذه ‏‏«التجارة» في ظروف مماثلة وبسبب تبعاتها الحسّاسة. فقبل يومين، حذّر رئيس نقابة ‏المُستشفيات الخاصة سليمان هارون من «صعود» هذا السوق ومن الفوضى التي قد تنجم عنه، ‏باعتبار أن هذا النوع من الفحوصات حسّاس جدّاً، «ويجب حصره بالمُستشفيات الجامعية أو ‏بمستشفى رفيق الحريري الحكومي»، طالباً من وزارة الصحة الالتفات الى الأمر.‏

أمّا مكمن الخطورة الأساسي فيعود، وفق رئيسة دائرة المُختبر الطبي ريتا فغالي، إلى أمرين: ‏الأول، إمكانية إعطاء نتائج مغلوطة، «إذ يقع الخطأ في التشخيص نتيجة حساسية الاختبار، وقد ‏يتبيّن أن الشخص غير مُصاب فيما هو في الواقع مُصاب». والثاني يتعلّق بعدم جاهزية الطاقم ‏الصحي والعاملين في المُختبرات للتعامل مع الفحص، لأن «ثمة خطراً على سلامة هؤلاء في ‏حال لم يتم التخلّص من معدات الوقاية الفردية الطبية مثلاً (‏PPE‏)». لذلك، تشدّد فغالي على ‏أهمية حصر إجراء هذا النوع من الفحوصات بمؤسسات وجهات مُحدّدة، و«ضرورة ضبطها ‏من قبل وزارة الصحة».‏

ولعلّ ما يزيد من أهمية الحرص على التدقيق في التشخيص وحصر إجراء التحاليل بالمُستشفى ‏الحكومي الذي يقوم باعتماد إرشادات مُنظّمة الصحة العالمية، «الشكوك» التي تُطرح «عالمياً» ‏بشأن طبيعة الفحص نفسه، والذي يحتاج إجراؤه إلى كثير من الدقّة، بحسب ما تنقل مجلة ‏‏«نيتشر» (‏NATURE‏) العلمية عن البروفيسور في كلية الصحة العامّة في جامعة هونغ كونغ ‏ليو بون، «إذ لا تزال هناك حالات عدم يقين حول حركية إفراز الفيروس (...) وبالتالي فإن ‏توقيت الاختبار قد يؤثر على النتيجة». كما أنه «من غير المؤكد حتى الساعة ما هي أفضل ‏العينات التي يجب أخذها من المصابين ليتم التثبت من إصابتهم بالفيروس بشكلٍ قاطع وسريع ‏ومن المرة الأولى (على سبيل المثال، عينات البلعوم الأنفي التي أخذت من المصابين قدمت نتائج ‏أكثر دقة من عينات البلغم)».‏

هذه الوقائع تعني، عملياً، ضرورة إعادة الفحوصات التي تتم بشكل دوري في مُستشفى رفيق ‏الحريري، نظراً إلى طبيعتها الحسّاسة، وهو أمر تُرجم فعلياً عبر إعادة الفحص لعدة مرضى في ‏الحجر الصحي في المُستشفى.‏

فغالي أوضحت أن الفحص يتم حالياً للأشخاص الذين تظهر عليهم عوارض وتكون هناك شكوك ‏قوية حول إصابتهم، «وعندما يتبين أن الفحص سلبي، نقوم بإعادته بعد 24 ساعة، للتأكّد»، ‏مُشيرةً إلى أن اعتماد هذه الآلية في الفحص «غالباً ما تكون دقيقة».‏

وكانت وزارة الصحة العامة أعلنت، أمس، تسجيل حالة ثالثة مثبتة مخبرياً مصابة بفيروس ‏كورونا المستجد، «لشخص إيراني من مواليد 1943، أتى إلى لبنان على متن الطائرة القادمة من ‏إيران، والتي حطّت في مطار رفيق الحريري الدولي صباح الرابع والعشرين من الجاري»، ‏مُشيرةً إلى أنه ««حالياً موجود في غرفة العزل وحالته مستقرة». وهذا ما ينبغي أن يرفع حالة ‏‏«الاستنفار» عبر اتخاذ إجراءات مُشدّدة تتعلّق بالوقاية، بدءاً من إجراءات السفر وصولاً إلى ‏التشدد في مسألة الحجر المنزلي لمن أتوا أخيراً من دول تشهد انتشاراً للفيروس.‏

مُستشفى رفيق الحريري الجامعي أصدر، أمس، تقريره اليومي بشأن مُستجدّات «كورونا»، ‏مُعلناً وجود 12 حالة في الحجر الصحي، «علماً بأن نتائج الفحوص المخبرية التي أجريت ‏لهؤلاء أتت سلبية»، لافتاً إلى أنه «استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 40 حالة في قسم ‏الطوارئ المُخصّص لاستقبال الحالات المُشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المُستجد، خضعت ‏كلها للكشوفات الطبية اللازمة، واحتاج 9 منها إلى دخول الحجر الصحي، استناداً إلى تقييم ‏الطبيب المُراقب، فيما يلتزم البقية الحجر المنزلي».‏

‏«الصحة العالمية» تشحن 250 ألف جهاز

شحنت منظمة الصحة العالمية (‏WHO‏)، أخيراً، 250 ألف جهاز فحص من ‏PCR‏ من الصين ‏إلى 159 مختبراً في أنحاء العالم، ومن ضمنها لبنان. وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في ‏لبنان، إيمان الشنقيطي، يتوقع أن يصل الأسبوع المُقبل مزيد من الأجهزة من مركز السيطرة ‏على الأمراض والوقاية، منها (‏CDC‏) الأميركي الذي وزّع أجهزة ‏PCR‏ خاصة به تختلف ‏عن تلك الصينية، على كل الولايات الأميركية، إضافة إلى 30 موقعاً دولياً. لكن مختبرات ‏الولايات المتحدة كشفت عن مشكلة جودة في واحد من عناصر الاختبار المكوّن من ثلاثة أجزاء، ‏وعلّقت رئيسة علم الفيروسات في مركز إراسموس الطبي في روتردام في هولندا، ماريون ‏كوبمانز، بأن «هذا ما يحدث عندما تقوم بعمليات إنتاج كبيرة وبسرعة»!‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 شباط 2020 09:55