محمد نمر
في عز الأزمة التي تعصف بلبنان، اقتصادياً وسياسياً وكورونياً، وأمام عجز حكومة الرئيس حسان دياب عن اتمام أي استحقاق، فضلاً عن الاعتراف بأن "الدولة لم تعد قادرة على حماية اللبنانيين"، وفي الوقت الذي يبذل فيه الشعب اللبناني كل ما يلزم من إجراءات وقائية ليحمي نفسه من "كورونا" ويتحمل تبعات انتقال العدوى من زوار لبنانيين عادوا من إيران، كان "حزب الله" يشيّع مقاتليه الذين سقطوا في معارك إدلب. وعدنا لنشهد دخول نعوش شبان لبنانيين سقطوا من أجل بقاء الرئيس السوري بشار الأسد على كرسيّه.... إنها مفارقة واضحة لثقافتين "الموت والحياة".
"حصدونا حصداً" كلمتان نطق بهما أحد عناصر "حزب الله"، معبراً عن حقيقة ليست بعيدة من حال لبنان الذي "حصدوه حصداً" جراء رميه في الحضن الإيراني. اللافت، ان تصريحات الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخيرة، خصوصاً التي كان يرد فيها على اغتيال قاسم سليماني، كان يهدد الأميركيين بأنهم دخلوا العراق "عمودياً" وسيخرجون "أفقياً"، ولم نشهد أي صورة لتلك المعادلة سوى في نعوش لبنانيين دخلوا إلى سوريا "عمودياً" وعادوا "افقياً"، لماذا ومن أجل من وما نتيجة ذلك؟
هي أسئلة كان يؤمّن لها "حزب الله" منذ بداية الثورة السورية إجابات "غب الطلب"، مرّة لحماية اللبنانيين في المناطق الحدودية، وثانية للدفاع عن مقام السيدة زينب، وثالثة لمواجهة الإرهاب والتكفيريين، ورابعة لأنها معركة وجودية، وخامسة لعدم وصول "الدواعش" إلى جونية فأعادهم بباصات مكيّفة إلى الداخل السوري. وتنوعت طرق القدس، من القصير إلى دمشق فالجولان وحلب وإدلب والجرود اللبنانية، شعارات مزيّفة تغطي حقيقة واحدة: سقوط النظام السوري يعني سلسلة المحور وانسلاخ "حزب الله" عن عائلته.
وأمام كل هذه الحجج التي سقطت، ما العنوان الجديد الذي سيبرر دخول "حزب الله" لمواجهة تركيا التي لا تُعتبر بريئة من خسارة المعارضة السورية معارك عدة أبرزها حلب؟ ما الفائدة من سقوط دماء لبنانيين في معركة ستنتهي بتسوية بين روسيا وتركيا؟
المعطيات حتى اليوم من الداخل السوري، تؤكد أن مجموعة "الرضوان" التي تضم نُخبة من مقاتلي "حزب الله" تقود العمليات العسكرية كرأس حربة لاقتحام منطقة سراقب – ريف إدلب. ووصلت هذه القوات منذ نحو أسبوع مباشرة من الحدود اللبنانية – السورية، فيما باقي عناصر "حزب الله" أتوا من منطقة العيس في ريف حلب، ومنطقة معامل الدفاع في السيفرة (ريف حلب)، ومجموعة أخرى من مناطق ينتشر فيها الحزب في ريف حماة كبلدة قحمانة. وتتعرض هذه العناصر لقصف مركّز من طائرات "بيراقدر" التركية، التي استهدفت نقطتين لـ"حزب الله" الأولى في منطقة معامل الدفاع في السيفرة والثانية على أطراف منطقة سراقب، وصباح أمس استُهدفت مجموعة للحزب غرب منطقة سراقب.
أدخل "حزب الله" نيران الحرب السورية إلى لبنان طوال تسع سنوات، ويُعتبر تدخله في شؤون الدول العربية وتنفيذ الأجندة الإيرانية سبباً أساسياً في خسارة لبنان علاقاته مع المجتمع الدولي وتهاوي اقتصاده إلى حد الافلاس. وبات المشهد كالآتي: "حزب الله" يقاتل في إدلب ليدافع عن وجوده ورئيس حكومته يعلن أن لبنان لم يعد قادراً على حماية أبنائه... إنها الدويلة تعلن أسقاط الدولة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.