يوم آخر يمضيه المواطنون في عاصمة الجنوب في عهدة التزامهم بالتدابير الوقائية التي تفرضها الدولة اللبنانية على جميع اراضيها في مواجهة خطر انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث سجلت المدينة الثلاثاء مزيدا من الالتزام بهذه التدابير ، فيما اقتصرت الخروقات المحدودة جدا على بعض المحلات التي اعادت القوى الأمنية اغلاقها بعد تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين .
لكن ليس خطر الكورونا وحده هو ما يواجه المواطن في صيدا وجوارها في العديد من المناطق اللبنانية ، فتداعيات تفشي هذا الفيروس وما تسببت به من شلل في الحياة والمرافق كافة واقفال مصالح ومؤسسات وتعطيل قسري لموظفين وعمال وأجراء ، سد رئة العيش التي يتنفس بها رب العائلة وخاصة الفقير فيما الرئة الثانية اي صحته مهددة بخطر هذا الوباء فيما لو هو قرر كسر حاجز الحجر المنزلي والخروج للعمل او بحثا عن عمل يعينه على اعالة اسرته في هذا الوقت العصيب ، فيفضل التزام منزله قدر الامكان وحتى انكشاف هذه الغمة ، حرصا على صحة وحياة عائلته في حال خرج وعاد فأصبح واصبحت عرضة لإلتقاط العدوى . ولكن كيف يعيش وهو عاجز عن تأمين ما يقوت به اولاده ، ولا دولة تسأل او تهتم به !.
في صيدا القديمة المتداخلة الأحياء والأزقة وحتى البيوت ، تبدو الحركة خفيفة واهلها وقاطنوها اكثر التزاماً بمنازلهم واقفالاً لمتاجرهم ممن هم خارجها ، ربما لكونهم لا يضطرون للتنقل كثيرا لتأمين احتياجاتهم اليومية – هذا اذا توافرت لديهم القدرة على لذلك ، فهم اساساً يعانون ظروفاً اجتماعية صعبة زادت من وطأتها عليهم أزمة الكورونا ، ويعيشون تداعيات هذه الأزمة كل يوم بيومه ومن حواضر البيت او مما تجود به بعض الجمعيات الأهلية الناشطة في المدينة القديمة .
رغم انتشار المقاهي والساحات التراثية في احيائها واستقطابها في الأيام العادية لحركة ناشطة من داخلها وخارجها ، الا ان هذه الحركة تغيب كلياً عن ساحات ومقاهي المدينة القديمة التي يلتزام اصحابها بقرار الاقفال ، ويقتصر العمل على المرافق والمؤسسات المستثناة من القرار ولا سيما محلات السمانة واللحوم والخضار والفاكهة بالاضافة الى الأفران والصيدليات. والأمر نفسه ينطبق على مداخل المدينة القديمة وبواباتها " الفوقا والتحتا والشاكرية " حيث تقتصر الحركة فيها على بعض المحال المستثناة والتي تعنى بالحاجات الحياتية الأساسية اليومية.
ليس الإقفال والالتزام بالتدابير المتخذة وحده القاسم المشترك بين داخل المدينة القديمة وخارجها، ولكن ثمة مشاهد مشتركة تطالعك حيثما تجولت هنا او هناك، ومنها الكمامة الواقية التي باتت جزءاً من يوميات الناس وقطعة مكملة لعدتهم اليومية في مواجهة خطر تفشي فيروس الكورونا، وخط دفاعهم الأول عن حياتهم وحياة من يحبون ، وهي تحولت ايضا الى بضاعة لتجارة رائجة يعرضها باعة متجولون في بعض الأحياء ينصحون المارة بها بعدما بدأوا بأنفسهم. وكذلك الأمر بالنسبة للقفازات ووسائل التعقيم الشخصية التي اصبح المواطن " يتحصن بها" ولا تفارقه .
دوريات القوى الأمنية على اختلافها تتناوب على مختلف مرافق المدينة وشوارعها وتتقاسم التشدد بالاجراءات والتدابير الرسمية المنفذة مع شرطة بلدية صيدا، بينما تتنقل دوريات ورش " طوارىء " البلدية وسرية الاطفاء في مختلف الأحياء مستكملة ومعيدة بشكل يومي عملية التعقيم الذي تقوم به البلدية منذ اسبوعين.
المصدر : رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.