"كتب رضوان عقيل في جريدة "النهار
ينتظر اللبنانيون ما ستقدم عليه الحكومة في موضوع الـ”كابيتال كونترول” الذي لم تنضج توليفته بعد، ولا سيما أن القوى السياسية الحاضنة لها ليست على رأي واحد. وينسحب المناخ نفسه على الكتل النيابية التي تَراجع نشاطها إلى الصفر جراء فيروس كورونا الذي نجح في حبس جميع النواب في بيوتهم على غرار حال العدد الأكبر من المواطنين وتطبيقهم الحجر المنزلي، الخيار الصائب لجَبه هذا “الضيف” ومقاومته.
ولم يمنع الفيروس المواطنين من التفكير والقلق على مصير ودائعهم المعلقة في المصارف، ولا سيما العملات الأجنبية منها وعلى رأسها “السيد دولار”. ولذلك تتجه الأنظار إلى حصيلة القرار الذي سترسو عليه حيال مشروع الـ”كابيتال كونترول”.
وعند مفاتحة عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ميشال ضاهر بالملفات المالية الساخنة، يتحدث في قضاياها من دون قفازات. وسبق له أن أطلق جملة من التحذيرات تحت قبة البرلمان في اللجان النيابية وعلى مسمع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إضافة إلى مداخلاته في الجلسات التشريعية وعند إقرار الموازنتين العامتين في السنتين الأخيرتين. وتميّز في أكثر من محطة عن خيارات فريقه النيابي. وينطلق ضاهر من مسألة أن الأموال لم تعد موجودة. ويسأل: هل ما زالت عندنا مصارف؟ مؤكداً أن الأرقام التي تبرعت بها جمعية المصارف لمساعدة الدولة في مواجهة كورونا “هي من أموال الناس”.
ويشدد هنا على الإسراع في إنجاز الـ”كابيتال كونترول”، وأن “أي تأخير لا يصبّ في مصلحة أحد، ولا يمكن الوصول إلى “هيركات” قبل المرور في “كابيتال كونترول”. على أن تبدأ الأمور في هذه الحالة بالتدرج. ومن المؤسف والمخجل في البلد أنّ بعض أصحاب المصارف ما زال يظن نفسه أنه ما زال يملك هذه المؤسسات”.
ويعود إلى التذكير بالاقتراح الذي قدّمه في المجلس الذي يجيز لحاكم مصرف لبنان القيام بإجراءٍ ما حيال “كابيتال كونترول”. و”على الرغم من معرفتي للحساسية الموجودة بين قوى السلطة والبنك المركزي ودور الحاكم الذي كان يردد أنه لا توجد عنده صلاحية القيام بتنفيذ الـ “كابيتال كونترول”. وعرفت آنذاك أنه يتهرب من سلوك هذا الإجراء، علماً أن قانون النقد والتسليف يجيز له القيام بمثل هذا الإجراء. وأردت حشره في هذه النقطة وأبلغته أنني أحضّر مشروع قانون في هذا الخصوص، وركّزت في مضمونه أنه يجوز لحاكم مصرف لبنان وضع الضوابط على التحويلات المالية بحسب ما يراه مناسباً. وثمة نائب عمد هنا للاتصال بالرئيس نبيه بري وشرح له سيئات “كابيتال كونترول” وأخطاره، وتقديمه وجهة نظره المعارضة. والمفارقة أن هذا الزميل، وهو رئيس لجنة، غيّر رأيه حيال طرحه السابق ولم يعد يتواصل مع رئيس البرلمان”.
وفي خضم هذا المأزق، يدعو ضاهر عبر “النهار” الحكومة إلى تحضير قرار يقول بالحرف الواحد إنه “يجوز لحاكم مصرف لبنان وضع الضوابط على التحويلات المالية الخارجية بحسب ما تقتضيه مصلحة البلد العليا. وإذا كان سلامة اليوم يتحجج بعدم توصّله أو قدرته على ” كابيتال كونترول”، فهذا كلام غير دقيق ولا سيما أنه في وقت سابق أقدم على تنفيذ هندسات مالية وتطبيقها، وخسرت الدولة بموجبها حوالى 5،6 مليارات دولار”.
ويسأل: “هل كان القانون يسمح له باتخاذ مثل هذه الإجراءات التي فعلها؟ وعليه، فإنه يتحمل كامل هذه المسؤولية بعد حصوله على قرار من هذا النوع. وعندما يُصدر سلامة قراراً بمنع التحويلات يصبح محميّاً من الحكومة، ويكون هنا قد حصل على تفويض منها بحسب ما يراه مناسباً. ما دام هو نفسه يقول أن لا أموال لديه. ولا بد من الإشارة إلى توافر جملة من الضوابط في “كابيتال كونترول”. ويقدم بعدها على الإشارة إلى أنه مسموح حصول التحويلات الخارجية لاستيراد البضائع وإبراز فواتير الشحن في مثل هذه الحالات، وألّا تحصل تحويلات شخصية”.
أين الودائع؟
وماذا تقول للمودعين الحائرين والقلقين على ودائعهم في المصارف؟
يجيب ضاهر: “لولا فيروس كورونا في هذه الأيام لرأينا اللبنانيين في الشارع حيال هذه الملف الحساس. وأخشى من تفاقم الأمور ونزول الناس إلى الشوارع للتظاهر، بالرغم من وجود الكورونا، والمطالبة بحقوقهم. وقد يُقدمون على مثل هذه الخطوة في حال عدم حصولهم على تطمينات على ودائعهم. ولا بد هنا من التأكيد على أن رأسمال المصارف قد طار، وهي في أوضاع سلبية جداً، وأنا مسؤول عن كلامي هذا أمام جميع اللبنانيين. وأقول إن أموال اللبنانيين في المصارف هي على الدفاتر والورق. المفارقة أن القوى السياسية تعيش في كوكب آخر… وهل بقيت هنا دولارات؟!”.
ويضيف أن “الاحتياط الموجود اليوم في البنك المركزي هو 21 مليار دولار، من بينها 16 ملياراً إحتياطي إلزامي، ولا يستطيع الحاكم المسّ بها، فيتبقّى في حوزته 4 أو 5 مليارات. وإذا تم الاستمرار في استيراد المحروقات ودفع ثمن القمح وغيره، فإن هذا الرقم سيتبخّر في نهاية السنة الجارية”.
ويحذّر ضاهر من “التأخير الحاصل في معالجة هذه المشكلة جراء حجم تفاقمها، فالتأخير في الوصول إلى العلاجات السريعة سيقلل من قيمة الودئع الموجودة وهي تقدر بـ 110 مليارات دولار، حيث تغطي بعضها البعض، وفي المقابل ثمة 38 مليار دولار ديونٌ على القطاع الخاص والباقي مع البنك المركزي وهي غير موجودة”.
وإلى أين يتجه البلد في حال عدم توصّل الحكومة إلى خطة مالية مدروسة؟
يختم ضاهر: “عليها التحدث مع الناس بكل صراحة وشفافية”.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.