26 آذار 2020 | 13:01

عرب وعالم

ألمانيا في مواجهة "كورونا".. ما "سر الصمود"؟

بينما تكافح الدول في مختلف أنحاء العالم لمواجهة الموت والفزع والقيود والاضطراب ‏الاقتصادي الناجم عن تفشي وباء "كوفيد 19"، تبدو الصورة مختلفة تماما في ألمانيا.‏

ويتدافع الخبراء لمعرفة سبب وجود أكثر من 37 ألف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد في ‏ألمانيا، أي أنها خامس دولة عالميا من حيث عدد الإصابات، فيما عدد الوفيات أقل بكثير من ‏الدول الأخرى.‏

فقد تم تسجيل نحو 200 حالة وفاة فقط بسبب فيروس كورونا في ألمانيا، وهذا يمثل 0.5 بالمئة ‏فقط من إجمالي الإصابات المؤكدة، وهي نسبة أعلى من الوفيات بالإنفلونزا الموسمية، لكنها أقل ‏بكثير من معدل الوفيات المرتفع في إيطاليا الذي يصل إلى 10 بالمئة تقريبا.‏

ولا توجد دولة كبرى أو متقدمة أخرى تقترب من ألمانيا، وبالمقارنة، سجلت الولايات المتحدة ‏حوالي 70 ألف حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، وتوفي أكثر من 1.5 بالمئة منهم، حيث بلغ عدد ‏الوفيات جراء "كوفيد-19" حوالي 1050 شخصا حتى الخميس.‏

ورغم أن الأمر لا يزال مبكرا لوضع نظريات، فإن لدى بعض الخبراء عددا من الاحتمالات ‏حول هذا الوضع في ألمانيا، لكنهم يتوخون الحذر بشأن التعامل مع الأمر كمثال لأنه لا يزال من ‏المرجح أن يكون الوباء في مراحله المبكرة.‏

المعروف أن نسبة إصابات الأفراد مقابل إجمالي عدد السكان في ألمانيا، التي يبلغ عدد سكانها ‏‏82 مليون نسمة، تزيد كثرا على معدلات الإصابة في إيران وإسبانيا والولايات المتحدة.‏

لكن بخلاف دول أخرى مثل إيطاليا وبريطانيا وأنحاء كثيرة من الولايات المتحدة، لم تتوقف ‏الحياة اليومية، رغم حظر التجمعات العامة لأكثر من شخصين، وجاءت نتائج اختبار المستشارة ‏أنغيلا ميركل سلبية بعد أن عزلت نفسها في انتظار نتائج أخرى بعد إصابة أحد أطبائها بفيروس ‏كورونا.‏

من الواضح أن ألمانيا مجهزة بشكل أفضل من معظم البلدان عندما يتعلق الأمر بالرعاية ‏الصحية، إذ لديها 28 ألف سرير للعناية المركزة، وهو أعلى بكثير من المتوسط الأوروبي، كما ‏أنها لم تتعرض للوباء في وقت مبكر مثل إيطاليا وأماكن أخرى، وبالتالي فقد كان لديها الوقت ‏الكافي للاستعداد.‏

لكن العديد من الخبراء يعتقدون أن السبب الرئيسي وراء معدل الوفيات المنخفض نسبيا هو العدد ‏الكبير من الاختبارات التي تمكنت من إجرائها، وفقا لما ذكره موقع "أن بي سي نيوز" الإخباري ‏الأميركي.‏

ورغم أن الحكومة الألمانية لم تنشر أرقاما رسمية، فإنها تقول إن لديها القدرة على اختبار حوالي ‏‏160 ألف شخص كل أسبوع.‏

ووفقا لمدير الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية مايك رايان، فإنه بالإضافة إلى ‏المساعدة المحتملة في تحديد انتشار العدوى وإبطاء انتشاره، من المرجح أن تكشف الاختبارات ‏واسعة النطاق عن حالات أكثر اعتدالا لا يتم تسجيلها في بلدان أخرى.‏

وقال رايان في مؤتمره الصحفي الأسبوع الماضي: "لديهم (في ألمانيا) عملية اختبار صارمة ‏للغاية. لذا فإن عدد الاختبارات وعدد الحالات المؤكدة ربما يكشف عن حالات أكثر اعتدالا ‏كنسبة من الحالات الإجمالية، وهذا قرار مهم".‏

وبحسب واحدة من النظريات، فإن الاعتقاد هو أن البلدان الأخرى قد تكشف فقط عن الحالات ‏الأكثر اعتلالا من "كوفيد 19"، ومن المرجح أن تموت نسبة أكبر منهم، لكن معدل الوفيات في ‏ألمانيا "قد تم تخفيضه" بشكل فعال، لأن أرقام الإصابات المسجلة يأخذ في الاعتبار العديد من ‏الحالات الخفيفة التي لم تسجل في دول أخرى.‏

ويقود هذا السؤال مباشرة إلى قلب المجهول في أزمة فيروس كورونا الجديد، وهو: كم عدد ‏الأشخاص الذين أصيبوا لكنهم لا يعرفون ذلك؟

بالتأكيد، فإن الاقتراب من هذا الرقم سيوفر للخبراء والمسؤولين فكرة أفضل عن مدى فداحة ‏تفشي المرض، في ألمانيا أو إيطاليا على سبيل المثال.‏

ولعل السبب الذي يجعل الخبراء يتوخون الحذر من الإشادة بألمانيا هو أنه تم إجراء العديد من ‏الاختبارات على المرضى الذين يعانون من حالات خفيفة أو حتى أعراض، أي أولئك الأشخاص ‏الذين قد تتدهور حالتهم الصحية في الأيام والأسابيع المقبلة.‏

من ناحية ثانية، قد تكون البيانات أكثر "تطرفا" بسبب الطريقة التي تجري بها ألمانيا وإيطاليا ‏فحوصات ما بعد الوفاة.‏

وأوضح الأستاذ في معهد علم الأوبئة والقياس البيولوجي الطبي بجامعة أولم، ديتريش روثنباكر، ‏ذلك بالقول: "يختبر الإيطاليون الأشخاص المتوفين الذين ظهرت عليهم أعراض معينة ويدخلونهم ‏في الإحصاءات. إنه سيناريو معقد"، لكنه يشدد على ضرورة "الحصول على أرقام قابلة ‏للمقارنة" قبل إجراء مقارنات بين الدول.‏

العامل المحتمل الآخر هو أن معظم حالات الإصابة في ألمانيا كانت بين الشباب، حيث بلغ ‏متوسط عمر المصابين فيها 47 عاما، مقارنة بـ63 عاما في إيطاليا.‏

ومع ذلك، ثمة خوف في ألمانيا من أنه إذا بدأ الوباء في الانتشار بين كبار السن، فقد تشهد البلاد ‏أيضا ارتفاعا في أعداد الوفيات.‏


سكاي نيوز عربية ‏


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

26 آذار 2020 13:01