6 نيسان 2020 | 11:05

أخبار لبنان

هل نجا لبنان من "كورونا"؟

هل نجا لبنان من «كورونا»؟ السؤال بات جائزاً، من الناحية الإحصائية، إذا ما اعتمدنا المقارنة ‏مع باقي دول العالم. والحديث عن الإحصاءات لا يعني أننا فعلاً «نَجونا». فربما الإحصاءات لا ‏تعكس الواقع تماماً، فضلاً عن أن حالة واحدة يمكن أن تصبح «بؤرة» متنقلة، وتعيدنا إلى حالة ‏التفشي الاجتماعي المجهول المصدر. لكن، إحصائياً، الأرقام اللبنانية «تبشّر بالخير».‏

قبل نحو شهر، كان لبنان في المرتبة 23 بين دول العالم، لجهة عدد الإصابات في كل مليون ‏نسمة من السكان، بحسب إحصاءات موقع «‏www.worldometers.info‏». فجر التاسع من ‏آذار، حل لبنان في تلك المرتبة (23)، وخلفه الكيان الصهيوني ثم فنلندا فالإمارات وإيرلندا ‏وبريطانيا واليابان... حتى ليل أمس، كانت كل هذه الدول قد سبقت - بأشواط - لبنان، الذي ‏تراجع إلى المرتبة 55 (الحديث هنا عن الدول التي يتجاوز عدد السكان فيها مليون نسمة). وكل ‏تراجع في هذا المجال هو أمر محمود، لأنه يؤشر إلى أن التفشي في لبنان أبطأ ممّا هو عليه في ‏غيره من الدول، ما يعني أننا سنكون أقدر على مواجهة تبعاته، طبياً واجتماعياً واقتصادياً، فيما ‏لو أحسنت الحكومة إدارة مرحلة ما بعد الموجة الأولى من كورونا.‏

هذه الإحصاءات تُحسَب لنا، حكومةً وسكاناً. فرغم «النق» المتزايد، يمكن القول إن الإجراءات ‏التي اتُّخِذت منذ 20 شباط (تاريخ تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا) أدّت إلى السيطرة على ‏تفشي الفيروس، ومنعته من التحول إلى وباء داخل لبنان. كذلك تُظهر الأرقام أن التهويل المبالغ ‏به كلما التقط أحد ما صورة لعشرين سيارة في شارع واحد، لا يعكس حقيقة أن سكان لبنان ‏ملتزمون بإجراءات الحجر الصحي، حتى في المناطق والقرى البعيدة عن أعين الرقابة الأمنية، ‏وأن «عدم الالتزام» بالإجراءات هو الاستثناء، بخلاف ما تصوّره بعض وسائل الإعلام الراغبة ‏في لعب دور الشرطي السيّئ الذي لا يملّ تقريع السكان وإهانتهم.‏

يُردّ على الإحصاءات الإيجابية، من قبل خبراء وسياسيين وإعلاميين وغيرهم، بأن عدد ‏الفحوصات الطبية التي تُجرى في لبنان لكشف المصابين بكورونا قليل جداً مقارنة بباقي دول ‏العالم. لكن العودة إلى الموقع الإحصائي نفسه، تُظهر أن لبنان أجرى فحوصات بنسبة أكبر ممّا ‏أجرته اليابان! صحيح أن لبنان يحل في المرتبة 56 بين دول العالم (التي يفوق عدد سكان كل ‏منها مليون نسمة)، لجهة عدد الفحوصات التي أجريت لكل مليون نسمة من السكان. لكن المقارنة ‏تكشف عدم وجود رابط مباشر بين عدد الفحوصات وعدد المصابين المسجلين. فعلى سبيل ‏المثال، أجرت كل من بنما والأرجنتين وصربيا وتونس وأوكرانيا والبوسنة وكازاخستان ‏ومقدونيا وأرمينيا والدومينيكان والمغرب والجزائر عدد فحوصات أقل ممّا أجري في لبنان حتى ‏يوم أمس (9411)، لكنها جميعها سجّلت عدد إصابات أكبر من العدد اللبناني، وبعضها سجّل ‏عدداً يفوق بأضعاف ما سُجِّل في لبنان. كذلك فإن عدداً من الدول أجرى فحوصات لا تفوق ما ‏أجري في لبنان بكثير، سجّلت إصابات تفوق بنحو أربعة أضعاف ما سُجِّل عندنا (مثلاً، ‏إندونيسيا أجرت 9712 فحصاً، وسجّلت 2273 إصابة؛ وكرواتيا أجرت 10847 فحصاً ‏وسجّلت 1182 إصابة).‏

أما نسبياً، فتُبيّن الاحصاءات أن عدد الفحوصات لكل مليون نسمة في لبنان يفوق ما أجري في ‏دول تفوقه على مستوى القدرات الاقتصادية، كما في دول تحدّها الصين. فلبنان تفوّق في عدد ‏الفحوصات لكل مليون نسمة من السكان على كل من فيتنام وجنوب أفريقيا وصربيا وألبانيا ‏والاكوادور وكولومبيا والدومينيكان والأرجنتين واليابان... وبعضها سجّل أضعاف ما سجّله ‏لبنان لجهة عدد المصابين لكل مليون نسمة.‏

ما تقدّم لا يعني أن على الحكومة والسكان في لبنان أن يطمئنوا. على العكس، فالمطلوب إجراء ‏عدد أكبر من الفحوصات، والقيام بالإجراءات اللازمة لمنع انهيار نظامنا الصحي. كما لا ينبغي ‏أن يغيب عن خطط المواجهة أن ما شهده العالم حتى اليوم ليس سوى الموجة الاولى من كورونا. ‏والموجات الأخرى يُتوقع أن تأتي، وأن تظل فتاكة بالبشر والاقتصاد، إلى أن يتم إيجاد اللقاح ‏والدواء المضادين له.‏


الاخبار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

6 نيسان 2020 11:05