11 نيسان 2020 | 14:59

منوعات

طقوس الفصح .. وهذا ما يرمز إليه البيض والأرنب والمعمول!‏

طقوس الفصح .. وهذا ما يرمز إليه البيض والأرنب والمعمول!‏


زياد سامي عيتاني*‏


عيد الفصح المجيد هو من أعظم الأعياد المقدسة عند الطوائف المسيحية، ففيه يُحتفل بذكرى ‏قيامة السيد المسيح، لهذا يُعرف أيضاً بآسم عيد القيامة. ويطلق على الفصح كذلك العيد الكبير.‏

وإختلفت الأيام التي يحتفل بها المسحيون بالفصح لعشرات السنين بين الجمعة والسبت والأحد إلى ‏أن صدر "قانون الفصح" عن إجتماع "نيكايا" الذي دعا إلى عقده الأمبراطور قسطنطين عام ‏‏325 ميلادي. فتحدد من خلال القانون المذكور زمن الإحتفال بالفصح، بحيث يكون في أول يوم ‏أحد بعد إعتدال الفصل الربيعي وبعد بدرية قمر نيسان.‏



‏•أصل كلمة فصح:‏

تاريخيا أصل كلمة فصح "فيساخ" وهي كلمة عبرية. والفصح هو عيد مشترك في التسمية فقط ‏بين المسيحيين واليهود، إنما يختلف معناه وجوهره في كل من الديانتين. ففي الوقت الذي يعتقد ‏اليهود أن الفصح هو ذكرى إنتقالهم من العبودية إلى الحرية بعد خروجهم من مصر الفرعونية، ‏فإنه بالنسبة الى المسيحيين الإنتقال من الموت إلى الحياة ومن العبودية والخطيئة إلى الحرية ‏والتحرر. ويسمى عيد الفصح أيضا "العيد الكبير" لأنه عيد قيامة يسوع المسيح من الموت وأكثر ‏من ذلك "فقد أقامنا معه وغفر لنا خطايانا".‏



‏•الشعنينة تسبق الفصح:‏

ويسبق الفصح بأسبوع أحد الشعانين، وفيه تذكار دخول السيد المسيح القدس وإستقبال الناس له ‏إستقبالاً شعبياً حافلاً، حاملين سعف النخيل وأغصان الزيتون والريحان. وهو ما يدفع المسيحين ‏حتى اليوم للإحتفال بشعننة أولادهم في الزياحات الحافلة. لذلك درجت العادة عند المسيحيين ‏الإحتفال في أحد الشعنيني بتسيير المواكب والمسيرات وهم يحملون أغصان النخيل، إضافة إلى ‏شموع كبيرة تزدان بالورود وأغصان الزيتون.‏

وتفسير الشعانين هو التسبيح، لأن السيد المسيح دخل يوم الشعننة إلى القدس فآستقبله الرجال ‏والنساء والصبيان وقرأوا بين يديه التوراة إلى أن دخل بيت المقدس وهو يأمر بالمعروف ويحث ‏على فعل الخير وينهى عن المنكر.‏

‏ ‏


التحضير للفصح

قديما، كانت العائلات تحضر البيت في الأسبوع الأخير قبل العيد. وكان أفراد العائلة وخصوصا ‏الصغار منهم يحضرون الملابس الجديدة ليوم عيد الشعانين، كذلك تشتري الامهات اللحوم ‏والظفر يوم العيد بحسب الوضع المادي لكل عائلة، ويزورون 7 كنائس في ليلة خميس الاسرار. ‏وكانوا يصنعون الكعك المستدير الذي يرمز الى شكل التاج الذي وضع على رأس السيد المسيح، ‏وليل السبت - الاحد تعد العائلة وليمة عائلية فاخره لإستقبال ليلة العيد مع الاقرباء وعادة ما ‏يجتمعون في بيت كبير العائلة ويحيّون بعضهم بتحية "المسيح قام" فترد التحية بـحقا قام".‏



‏•عادات العيد:‏

معظم العادات ما زالت متبعة حتى اليوم وإن إختلفت بعض مظاهرها مع التطور والحداثة، ‏وخصوصا منها تلك المتعلقة بتحضير البيت وتزيينه بزينة ملائمة لإستقبال العيد حيث باتت ‏تفرش المفارش الخاصة بالعيد التي طرزت برموزه مثل الصيصان والأرانب والأزهار والتي ‏ترمز الى الربيع وتجدد الحياة. وتشتري العائلات الحلويات الخاصة بالعيد والمصنوعة على ‏أشكال رموز العيد وقد تتعاون الامهات على تحضيرها معا ضمن العائلة الواحدة. كذلك تزود ‏الشوارع والكنائس بالاضواء والزينة.‏

ومن لا يلتزم الصوم، يصوم في الأسبوع الاخير. ففي هذا الاسبوع يمتنع الصائم عن أكل ‏البياض كما وترتبط هذه الفترة بعادات وتقاليد وطقوس يمارسها كل مسيحي مؤمن إستعداداً للعيد ‏الكبير، وتمهيداً للقيامة. هذا وينقطع كثيرون عن الأكل من الخميس ظهراً إلى منتصف ليل السبت ‏فيكون يوم الجمعة مطوياً. ويعرف أربعاء الأسبوع الأخير بأربعاء أيوب يذهب فيه الناس للصلاة ‏والتبرك بالميرون والماء المقدسة والعجين المبارك. وفي هذا اليوم يحرّم تنظيف المنازل ‏واستعمال المكانس وإلا انتشر النمل في البيوت ، حسبما يشاع.‏

وتحتفل الكنائس بخميس الغسل عبر إعادة إحياء ذكرى غسل يسوع أقدام تلاميذه الإثني عشر ‏رمزاً للتواضع والمحبة والتضحية. وفي خميس الغسل يزور المؤمنون 7 كنائس على عدد اسرار ‏الكنيسة السبعة ويلتزمون السجود امام القربان المقدسي مداورة. ومن ثم يليه يوم الجمعة العظيمة ‏وفيه تحيي الكنيسة قداس صلب المسيح ويسير المؤمنون في مسيرة تتضمن 14 مرحلة تمثل ‏عذابات يسوع.‏



‏•إحتفالات الفصح:‏

وكغيره من الأعياد، تُرافق الإحتفالات بعيد الفصح تقاليد وطقوس شعبية إمتزجت مع الجوانب ‏الدينية للمناسبة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من الطقوس الإحتفالية بالفصح المجيد، حتى أصبح يرمز ‏إليه بالبيض والأرنب والمعمول.‏

فعيد الفصح كمناسبة دينية إمتزجت عبر العصور بعادات وطقوس إختلفت بحسب تاريخ كل بلد ‏وعاداته. ففي اوروبا جرت العادة أن تقوم مسيرات سنوية حاشدة في هذا العيد تغير طابعها ‏الديني مع مرور الوقت لتأخذ مظهرا سياسيا ولتصبح على شكل احتجاجات سلمية عامة ضد ‏الحروب والظلم والقهر.‏

وفي البرازيل يحتفل البرازيليون بعيد الفصح على طريقتهم الخاصة حيث يبلغ عدد البيض ‏المصنوع من الشوكولا والذي يأخذ أشكالا وألوانا وأحجاما مختلفة نحو 100 مليون بيضة. كما ‏يقوم ممثلون مسرحيون بإعادة تمثيل معاناة السيد المسيح في الهواء الطلق. وفي أنحاء متفرقة ‏من البلاد يقوم البرازيليون بصنع دمى على شكل إنسان محشوة بالحلويات وترمز الى "يوداس" ‏يتم تعليقها في الشوارع العامة ويقوم الأطفال والكبار بتوجيه الشتائم اليها.‏

في الولايات المتحدة الاميركية يقوم الآباء والأمهات بإخفاء البيض بينما يتولى الأطفال مهمة ‏البحث عنه ودحرجته. ويحضر الأطفال من كل مكان إلى البيت الأبيض ويتولى أحد المسؤولين ‏توزيع الهدايا عليهم. وفي بلجيكا يفقسون البيض يوم سبت النور وليس في أحد الفصح.‏

في قرى الألزاس في فرنسا ما زالت عادة إهداء الخبز والبيض مزدهرة.‏

أما في روسيا فيحمل الناس البيض بأيديهم في الشوارع ويحيون بعضهم بعبارة "المسيح قام حقاً ‏قام".‏

وفي بولونيا يأكل الضيف نصف بيضة على أن يأكل أصحاب البيت النصف الآخر لتوثيق عرى ‏الأخاء في ما بينهم.‏

‏ ‏


تزيين البيض

إرتبط الإحتفال بعيد الفصح في التقاليد الشعبية بالبيض رمزاً لعودة الحياة إلى الطبيعة في فصل ‏الربيع، حيث أن الأمراء والملوك المسيحيين كانوا يوزعون البيض على الفقراء أثناء موسم ‏الفصح. والعادة أن تتم عملية سلق البيض قبل تفقيسه. والتفسير الشعبي له هو أنه عند فتح ‏البيضة بعد كسرها يظهر أولاً اللون الأبيض، وهو يرمز إلى النور الأبيض المنبعث من قبر السيد ‏المسيح عند حدوث القيامة.‏

وتلوين البيض في عيد الفصح له قصه حقيقيه حصلت بعد قيام السيد المسيح عليه السلام ، ‏والقصه باختصار عندما قام المسيح وذاع الخبر وبدأ بالإنتشار كانت إمرأه تبشر بقيامته ورأت ‏إمرأة أخرى تحمل بيدها سله مملوءه بالبيض فقالت لها : المسيح قام فأجابت لاأصدق هذا غير ‏مقبول! فقالت المبشره : صدقيني إنه المسيح قام . فردت صاحبة السلة : لو أن هذا البيض الذي ‏في هذه السلة أصبح كل فيها لها لون مختلف تصدقتك !!. وما أن نظرت إلى السلة حتى وجدت ‏كل بيضة لون. فدهشت جدا وقالت : حقا لقد قام المسيح.‏

وعادة تزيين البيض ورمزيته هي عادة قديمة جدا ايضا للاحتفال بالربيع وعودة الخصوبة. إذ ‏عثر على بقايا بيض مزخرف في قبور تعود إلى فترة ما قبل إنتشار المسيحية. ‏

وكانت شعوب عديدة من سكان الشرق الأوسط وآسيا مثل الفينيقيين واليونانيين والهنود وغيرهم ‏قد ربطوا بين فكرة البيضة وولادة الكون...فالفينيقيون كانوا يعبدون إله مرموزاً إليه ببيضة، ‏لأنهم كانوا يعتقدون أن الليل هو أول الكائنات، وأنه قد تمخض مرة فولد بيضة ومن هذه البيضة ‏إنبثقت سائر الكائنات، حسب إعتقادهم. كما كان المصريون القدامى يقدمون البيض المصبوغ ‏بالأحمر كقربان للاّلهة .‏

ولا يكتفي الناس بسلق البيض فقط، إنما يقومون بتلوينه بألوان عديدة، فمثلاً، قديماً كانوا يضعون ‏في الماء الذي يحتوي البيض قشور بصل أو كمية من الشاي. ومنهم من كان يضع مع البيض ‏أوراق نبتة "الصفير" أو "الصفار" فيتخذ البيض اللون الذي يتلاءم مع ما وضع في الماء. أما ‏حديثاً، فيقوم الناس بشراء الأصباغ الجاهزة بألوان مختلفة في أوعية عدة لسلق البيض.‏



‏•البيض المذهب:‏

واختلفت العادات في تزيين البيض ونقشه من منطقة لأخرى، ولكن الألوان الزاهية والمزخرفة ‏كانت القاسم المشترك بين الجميع. وكان يتم تزيينه برقائق ذهب عند الأغنياء. وعرفت روسيا ‏في أيام القياصرة صناعة بيض الفصح، مصنوعا من المجوهرات والأحجار الكريمة، وفي ‏داخلها أعمال فنية صغيرة صنعت خصيصا للقياصرة وعائلاتهم .‏

وقد إنتشرت موضة البيض المصنوع من ذهب في أوروبا وروسيا في القرن الثامن عشر، وتفنن ‏صاغة تلك الأيام بصناعتها. ويحكى أن صناعياً فرنسياً صنع بيضة على شكل علبة مفاجآت ‏وقدمها إلى أحد أمراء إسبانيا وكانت مطلية من الخارج بالميناء الأبيض ومحفورة عليها كلمات ‏إنجيل الفصح، وعندما تفتح تستمع إلى 12 لحناً من ألحان الأوبرا. كما صنع الصائغ كارل ‏فابرجيه بيضة ذهبية قدمها إلى قيصر روسيا ألكسندر الثالث، صفارها يتضمن دجاجة صغيرة ‏من الذهب الخالص وعلى الدجاجة تاج مصغر لتاج القيصر بأدق تفاصيله وقلبه من زمرد. كما ‏دأب الملك لويس الخامس عشر على إهداء بيضة صناعية مطلية بالذهب إلى جميع نساء قصره.‏

والمألوف لدى العامة قديماً، أنهم كانوا يأخذون البيض المسلوق موضوعاً فوق طبق إلى الكنيسة ‏ليلة العيد ليباركه الكاهن قبل تناوله. ومنهم من كان يوزع البيض المسلوق على المحتفلين ‏بالكنيسة رمزاً للعيد.‏

وطقوس الفصح لا تنحصر فقط على بيض الدجاج، إنما بعض الشعوب تستخدم أنواعاً مختلفة ‏من البيض كبيض الوز والبط والنعامة لكبره وصلابة قشره.‏

كذلك إبتكرت بعض الشعوب أسلوب الحفر والنقش على البيض بالحامض أو الخل. وإشتهرت ‏أيضاً طريقتا الحفر والنقش من دون تلوين.‏

‏ ‏

‏•المفاقسة بالبيض:‏

ولا تقتصر عادة تحضير وأكل البيض على تزيينه إنما يتحول البيض ليصبح جزءاً من الألعاب ‏الشعبية لدى الأولاد. وتعرف هذه الألعاب باسم "المفاقسة"، حيث يقوم كل ولد بإختيار أفضل ‏وأجود أنواع البيض، خاصة الصلب منه ويفحصه بطريقة ضرب البيضة بأسنانه بصورة خفيفة ‏ويستمع إلى صلابة البيض. وينطلق بعدها مع كمية من البيض إلى الحدائق والمنتزهات حيث ‏يتجمع عدد من الأولاد مُحملين بالبيض المسلوق. وتتم المنافسة بطريقة ضرب الطرف الضيق ‏من البيضة ويعرف باسم "الرأس"، مع رأس البيضة المنافسة. ثم ضرب الجهة العريضة وتعرف ‏باسم "العيز". ومنهم من يفاقس بطن البيضة مع بطن البيضة المنافسة.‏

‏ ‏

‏•الأرنب:‏

أما الأرنب الذي يرافق الإحتفالات بالفصح فهو يرمز إلى الخصوبة والإنجاب. ويُقال إن أول من ‏بادر إلى إعتماد الأرنب كرمز من الرموز الدالة على معاني الفصح هم الألمان الذين نقلوا عادتهم ‏إلى مختلف شعوب العالم من خلال مهاجرتهم. وبات الأرنب لا ينفصل عن عيد الفصح كرمز ‏لتجدد الحياة، حيث إبتكرت طرقاً عديدة تجسيداً للأرنب من الشوكولا المصبوبة على شكل ‏أرنب، وكذلك الدمى والتصاوي، وحديثاً إبتكرت ألعاب إلكترونية عديدة تمثل الأرنب.‏

ويعود رمز الأرنب الذي يرافق الإحتفالات بعيد الفصح إلى عدد من التقاليد القديمة جداً، والتي ‏يرجع بعضها إلى الآف السنين.‏

ففي الزمان البعيد لاحظ البشر الصلة بين الدورة الشهرية للمرأة التي كانت مرتبطة مع ولادة ‏الأطفال ودورة القمر. وفي أقدم سجلات الحضارات الآسيوية، كان الأرنب رمز القمر. لذلك ‏أصبح كلاً من القمر والأرنب على حد سواء رمزاً للقيامة أو الحياة بعد الموت.‏

وعند قدماء المصريين الأرنب يرمز للخصوبة والقيامة، وإنتشر هذا الإعتقاد منهم إلى الإغريق ‏ثم الرومان الذين تقاسموا هذا الإيمان مع بقية أوروبا. وفي وقت لاحق، إحتفلت الشعوب الكلتية ‏وغيرها من المجموعات الأوروبية المبكرة بمهرجان "إستر" ‏Easter‏ وهي ربة الفجر المرتبطة ‏بالربيع والتي يرمز لها بالأرنب، الحيوان الأكثر خصوبة ورمز الحياة الجديدة.‏

كذلك يعد الأرنب البري من الرسومات المتكررة الشعبية في فن الكنيسة في العصور الوسطى. ‏كما أدت فكرة أن الأرانب البرية تتكاثر بدون فقدان عذريتها إلى وجود علاقة مع مريم العذراء ‏مع الأرانب البرية التي استخدمت أحيانا في إنشاء المخطوطات المزخرفة واللوحات الأوروبية ‏الشمالية للعذراء والسيد المسيح. حيث يمكن وجود علاقة مع الثالوث المقدس، كما في رسم ‏الأرانب الثلاثية، التي تمثل "واحد في ثلاثة أو ثلاثة في واحد" كما يمكن استخدام المثلث أو ‏أشكال ٣ متداخلة كالخواتم مثلا كرمز للثالوث المقدس. وفي إنجلترا تكون هذه الرسومات عادة ‏في مكان بارز في الكنيسة مثل الضلع المركزي للسقف أو على الضلع الأوسط من صحن ‏الكنيسة. وهذا يشير إلى أهمية الكنيسة ويلقي ظلالا من الشك على النظرية التي تقول بأنهم ‏علامات توقيع لبنائين أو لنجارين.‏

على ذكر الأرنب فإن المعتقدات الشعبية القديمة تشير إلى أن الأرنب يرمز للحظ السعيد. "فقدم ‏الأرنب" ترمز للحظ السعيد عند معظم شعوب العالم القديمة، وهي تعني عندما تعلق في منزل أو ‏مكان ما "التمنيات بالتوفيق"، وربما يعود سبب هذا الرمز لسرعة الأرانب التي تحميها من ‏الأخطار ومن أن تكون ضحايا للمخلوقات المفترسة.‏

وتعود أصول هذا الإعتقاد للشعوب "الكلتية" ‏Celtic‏ في الجزر البريطانية حوالي العام 600 قبل ‏الميلاد.‏

وصحيح أن قدم الأرنب بحسب المعتقدات الغابرة تجلب الحظ حسب إعتقاد الكثير من الشعوب، ‏ولكن هذا لا يتحقق إلا بشروط، فيجب أن تكون القدم اليسرى للأرنب لا اليمنى، ويجب أن يكون ‏قد تم قتله أو اصطياده في مقبرة. وتعتقد بعض الشعوب أن قدم الأرنب لتجلب الحظ عليها أن ‏تلتقط في مرحلة معينة من دورة القمر، خاصة يوم الجمعة، أو حتى في يوم واحد محدد من ‏السنة، وهو يوم الجمعة الذي يكون ترتيبه الثالث عشر.‏

ووفقاً لبعض التقاليد، لا بد من إطلاق النار على الأرنب برصاصة مصنوعة من الفضة، ولا بد ‏للقدم أن تُنتزع والأرنب لا يزال على قيد الحياة. وتضيف بعض المعتقدات أنه يجب قتل الأرنب ‏من قبل رجل ينظر عبر عيني الأرنب مباشرة أثناء عملية القتل.‏

‏ ‏


‏•المعمول:‏

ودرجت العادة في عيد الفصح بالتزاير بين الناس للمعايدة من خلال القيام بزيارات قصيرة بين ‏الأهل والأصدقاء. وتكون المعايدة بقولهم: "المسيح قام حقاً قام"، فيجيب أصحاب البيت حقاً قام. ‏لذلك يقدم أصحاب البيوت ضيافة العيد التي هي عبارة عن الكعك أو المعمول الخاص بالمناسبة.‏

فما يميز حلويات هذا العيد أنها محصورة في شيئين أساسيين هما الكعك والمعمول، رغم أن ‏حديثاً ازدادت أشكال التفنن في صنعها وتصميم شكلها، ولكنها تبقى ضمن إطارها الأصلي.‏

فعادة صنع الكعك المحشو بعجوة التمر قديمة في الأوساط المسيحية، ولكنها أكثر شهرة وإنتشاراً ‏في مصر وفلسطين ولبنان وسوريا وشرقي الأردن، فكعك العيد، والذي يعرف في بعض المواقع ‏بـ "الزرد" مصنوع من طحين قمح أو سميد فيه عجوة التمر، يُنقش عليه من الخارج بواسطة ‏ملقط أُعدّ خصيصاً لهذه الغاية، مصنوع من النحاس، والكعكة بهذا الشكل الدائري ترمز إلى ‏أكليل الشوك الذي وضعه الجنود الرومان على رأس المسيح قبل صلبه، كجزء من عمليات ‏التعذيب والعقاب.‏

والنوع الثاني من حلوى العيد هو "المعمول" المصنوع بشكل هرمي يحشى بالجوز واللوز ‏المفروم والسكر، وتغلف حبة المعمول بقطعة عجين أخرى. وحبة المعمول ترمز إلى قبر المسيح ‏وفق المفهوم الشعبي، وتؤكل من أعلى الهرم للدلالة على فتح قبر المسيح وقيامته من الموت.‏

وكانت العادة قبل أن يتم شراء المعمول جاهزاً، أن تجتمع نساء الحي والجارات قبل عيد الفصح ‏بأسبوع على الأقل في بيت إحداهن، ويبدأن عملية عجن وتحضير وحشو المعمول وصفه في ‏الصواني ونقله إلى الأفران لخبزه على الحطب. وكانت إجرة الفران إما نقوداً أو أن يأخذ كمية ‏من المعمول، ليبعيها بدوره لمن لا يصنع معمولاً في منزله.‏

وهكذا، فإن عيد الفصح المجيد كان وما زال عيداً عظيماً للصغار والكبار في جميع أنحاء العالم ‏منذ القرون المسيحية الأولى حتى اليوم، حيث حافظ المسيحيون على الإحتفال به، تأكيداً على ‏إنتصار السيد المسيح على الموت وعبوره إلى الحياة – القيامة وإقتداء بآلامه وعذاباته وتضحياته ‏لإدارك معنى العطاء الفعلي والتضحية من أجل الآخرين.‏

‏ وعادة تزيين البيض ورمزيته هي عادة قديمة جدا ايضا للاحتفال بالربيع وعودة الخصوبة. إذ ‏عثر على بقايا بيض مزخرف في قبور تعود إلى فترة ما قبل إنتشار المسيحية. ‏

وكانت شعوب عديدة من سكان الشرق الأوسط وآسيا مثل الفينيقيين واليونانيين والهنود وغيرهم ‏قد ربطوا بين فكرة البيضة وولادة الكون...فالفينيقيون كانوا يعبدون إله مرموزاً إليه ببيضة، ‏لأنهم كانوا يعتقدون أن الليل هو أول الكائنات، وأنه قد تمخض مرة فولد بيضة ومن هذه البيضة ‏إنبثقت سائر الكائنات، حسب إعتقادهم. كما كان المصريون القدامى يقدمون البيض المصبوغ ‏بالأحمر كقربان للاّلهة .‏

ولا يكتفي الناس بسلق البيض فقط، إنما يقومون بتلوينه بألوان عديدة، فمثلاً، قديماً كانوا يضعون ‏في الماء الذي يحتوي البيض قشور بصل أو كمية من الشاي. ومنهم من كان يضع مع البيض ‏أوراق نبتة "الصفير" أو "الصفار" فيتخذ البيض اللون الذي يتلاءم مع ما وضع في الماء. أما ‏حديثاً، فيقوم الناس بشراء الأصباغ الجاهزة بألوان مختلفة في أوعية عدة لسلق البيض.‏

‏ ‏

‏•البيض المذهب:‏

واختلفت العادات في تزيين البيض ونقشه من منطقة لأخرى، ولكن الألوان الزاهية والمزخرفة ‏كانت القاسم المشترك بين الجميع. وكان يتم تزيينه برقائق ذهب عند الأغنياء. وعرفت روسيا ‏في أيام القياصرة صناعة بيض الفصح، مصنوعا من المجوهرات والأحجار الكريمة، وفي ‏داخلها أعمال فنية صغيرة صنعت خصيصا للقياصرة وعائلاتهم .‏

وقد إنتشرت موضة البيض المصنوع من ذهب في أوروبا وروسيا في القرن الثامن عشر، وتفنن ‏صاغة تلك الأيام بصناعتها. ويحكى أن صناعياً فرنسياً صنع بيضة على شكل علبة مفاجآت ‏وقدمها إلى أحد أمراء إسبانيا وكانت مطلية من الخارج بالميناء الأبيض ومحفورة عليها كلمات ‏إنجيل الفصح، وعندما تفتح تستمع إلى 12 لحناً من ألحان الأوبرا. كما صنع الصائغ كارل ‏فابرجيه بيضة ذهبية قدمها إلى قيصر روسيا ألكسندر الثالث، صفارها يتضمن دجاجة صغيرة ‏من الذهب الخالص وعلى الدجاجة تاج مصغر لتاج القيصر بأدق تفاصيله وقلبه من زمرد. كما ‏دأب الملك لويس الخامس عشر على إهداء بيضة صناعية مطلية بالذهب إلى جميع نساء قصره.‏

والمألوف لدى العامة قديماً، أنهم كانوا يأخذون البيض المسلوق موضوعاً فوق طبق إلى الكنيسة ‏ليلة العيد ليباركه الكاهن قبل تناوله. ومنهم من كان يوزع البيض المسلوق على المحتفلين ‏بالكنيسة رمزاً للعيد.‏

وطقوس الفصح لا تنحصر فقط على بيض الدجاج، إنما بعض الشعوب تستخدم أنواعاً مختلفة ‏من البيض كبيض الوز والبط والنعامة لكبره وصلابة قشره.‏

كذلك إبتكرت بعض الشعوب أسلوب الحفر والنقش على البيض بالحامض أو الخل. وإشتهرت ‏أيضاً طريقتا الحفر والنقش من دون تلوين.‏

‏ ‏

‏•المفاقسة بالبيض:‏

ولا تقتصر عادة تحضير وأكل البيض على تزيينه إنما يتحول البيض ليصبح جزءاً من الألعاب ‏الشعبية لدى الأولاد. وتعرف هذه الألعاب باسم "المفاقسة"، حيث يقوم كل ولد بإختيار أفضل ‏وأجود أنواع البيض، خاصة الصلب منه ويفحصه بطريقة ضرب البيضة بأسنانه بصورة خفيفة ‏ويستمع إلى صلابة البيض. وينطلق بعدها مع كمية من البيض إلى الحدائق والمنتزهات حيث ‏يتجمع عدد من الأولاد مُحملين بالبيض المسلوق. وتتم المنافسة بطريقة ضرب الطرف الضيق ‏من البيضة ويعرف باسم "الرأس"، مع رأس البيضة المنافسة. ثم ضرب الجهة العريضة وتعرف ‏باسم "العيز". ومنهم من يفاقس بطن البيضة مع بطن البيضة المنافسة.‏

‏ ‏


‏•الأرنب:‏

أما الأرنب الذي يرافق الإحتفالات بالفصح فهو يرمز إلى الخصوبة والإنجاب. ويُقال إن أول من ‏بادر إلى إعتماد الأرنب كرمز من الرموز الدالة على معاني الفصح هم الألمان الذين نقلوا عادتهم ‏إلى مختلف شعوب العالم من خلال مهاجرتهم. وبات الأرنب لا ينفصل عن عيد الفصح كرمز ‏لتجدد الحياة، حيث إبتكرت طرقاً عديدة تجسيداً للأرنب من الشوكولا المصبوبة على شكل ‏أرنب، وكذلك الدمى والتصاوي، وحديثاً إبتكرت ألعاب إلكترونية عديدة تمثل الأرنب.‏

ويعود رمز الأرنب الذي يرافق الإحتفالات بعيد الفصح إلى عدد من التقاليد القديمة جداً، والتي ‏يرجع بعضها إلى الآف السنين.‏

ففي الزمان البعيد لاحظ البشر الصلة بين الدورة الشهرية للمرأة التي كانت مرتبطة مع ولادة ‏الأطفال ودورة القمر. وفي أقدم سجلات الحضارات الآسيوية، كان الأرنب رمز القمر. لذلك ‏أصبح كلاً من القمر والأرنب على حد سواء رمزاً للقيامة أو الحياة بعد الموت.‏

وعند قدماء المصريين الأرنب يرمز للخصوبة والقيامة، وإنتشر هذا الإعتقاد منهم إلى الإغريق ‏ثم الرومان الذين تقاسموا هذا الإيمان مع بقية أوروبا. وفي وقت لاحق، إحتفلت الشعوب الكلتية ‏وغيرها من المجموعات الأوروبية المبكرة بمهرجان "إستر" ‏Easter‏ وهي ربة الفجر المرتبطة ‏بالربيع والتي يرمز لها بالأرنب، الحيوان الأكثر خصوبة ورمز الحياة الجديدة.‏

كذلك يعد الأرنب البري من الرسومات المتكررة الشعبية في فن الكنيسة في العصور الوسطى. ‏كما أدت فكرة أن الأرانب البرية تتكاثر بدون فقدان عذريتها إلى وجود علاقة مع مريم العذراء ‏مع الأرانب البرية التي استخدمت أحيانا في إنشاء المخطوطات المزخرفة واللوحات الأوروبية ‏الشمالية للعذراء والسيد المسيح. حيث يمكن وجود علاقة مع الثالوث المقدس، كما في رسم ‏الأرانب الثلاثية، التي تمثل "واحد في ثلاثة أو ثلاثة في واحد" كما يمكن استخدام المثلث أو ‏أشكال ٣ متداخلة كالخواتم مثلا كرمز للثالوث المقدس. وفي إنجلترا تكون هذه الرسومات عادة ‏في مكان بارز في الكنيسة مثل الضلع المركزي للسقف أو على الضلع الأوسط من صحن ‏الكنيسة. وهذا يشير إلى أهمية الكنيسة ويلقي ظلالا من الشك على النظرية التي تقول بأنهم ‏علامات توقيع لبنائين أو لنجارين.‏

على ذكر الأرنب فإن المعتقدات الشعبية القديمة تشير إلى أن الأرنب يرمز للحظ السعيد. "فقدم ‏الأرنب" ترمز للحظ السعيد عند معظم شعوب العالم القديمة، وهي تعني عندما تعلق في منزل أو ‏مكان ما "التمنيات بالتوفيق"، وربما يعود سبب هذا الرمز لسرعة الأرانب التي تحميها من ‏الأخطار ومن أن تكون ضحايا للمخلوقات المفترسة.‏

وتعود أصول هذا الإعتقاد للشعوب "الكلتية" ‏Celtic‏ في الجزر البريطانية حوالي العام 600 قبل ‏الميلاد.‏

وصحيح أن قدم الأرنب بحسب المعتقدات الغابرة تجلب الحظ حسب إعتقاد الكثير من الشعوب، ‏ولكن هذا لا يتحقق إلا بشروط، فيجب أن تكون القدم اليسرى للأرنب لا اليمنى، ويجب أن يكون ‏قد تم قتله أو اصطياده في مقبرة. وتعتقد بعض الشعوب أن قدم الأرنب لتجلب الحظ عليها أن ‏تلتقط في مرحلة معينة من دورة القمر، خاصة يوم الجمعة، أو حتى في يوم واحد محدد من ‏السنة، وهو يوم الجمعة الذي يكون ترتيبه الثالث عشر.‏

ووفقاً لبعض التقاليد، لا بد من إطلاق النار على الأرنب برصاصة مصنوعة من الفضة، ولا بد ‏للقدم أن تُنتزع والأرنب لا يزال على قيد الحياة. وتضيف بعض المعتقدات أنه يجب قتل الأرنب ‏من قبل رجل ينظر عبر عيني الأرنب مباشرة أثناء عملية القتل.‏

‏ المعمول

ودرجت العادة في عيد الفصح بالتزاير بين الناس للمعايدة من خلال القيام بزيارات قصيرة بين ‏الأهل والأصدقاء. وتكون المعايدة بقولهم: "المسيح قام حقاً قام"، فيجيب أصحاب البيت حقاً قام. ‏لذلك يقدم أصحاب البيوت ضيافة العيد التي هي عبارة عن الكعك أو المعمول الخاص بالمناسبة.‏

فما يميز حلويات هذا العيد أنها محصورة في شيئين أساسيين هما الكعك والمعمول، رغم أن ‏حديثاً ازدادت أشكال التفنن في صنعها وتصميم شكلها، ولكنها تبقى ضمن إطارها الأصلي.‏

فعادة صنع الكعك المحشو بعجوة التمر قديمة في الأوساط المسيحية، ولكنها أكثر شهرة وإنتشاراً ‏في مصر وفلسطين ولبنان وسوريا وشرقي الأردن، فكعك العيد، والذي يعرف في بعض المواقع ‏بـ "الزرد" مصنوع من طحين قمح أو سميد فيه عجوة التمر، يُنقش عليه من الخارج بواسطة ‏ملقط أُعدّ خصيصاً لهذه الغاية، مصنوع من النحاس، والكعكة بهذا الشكل الدائري ترمز إلى ‏أكليل الشوك الذي وضعه الجنود الرومان على رأس المسيح قبل صلبه، كجزء من عمليات ‏التعذيب والعقاب.‏

والنوع الثاني من حلوى العيد هو "المعمول" المصنوع بشكل هرمي يحشى بالجوز واللوز ‏المفروم والسكر، وتغلف حبة المعمول بقطعة عجين أخرى. وحبة المعمول ترمز إلى قبر المسيح ‏وفق المفهوم الشعبي، وتؤكل من أعلى الهرم للدلالة على فتح قبر المسيح وقيامته من الموت.‏

وكانت العادة قبل أن يتم شراء المعمول جاهزاً، أن تجتمع نساء الحي والجارات قبل عيد الفصح ‏بأسبوع على الأقل في بيت إحداهن، ويبدأن عملية عجن وتحضير وحشو المعمول وصفه في ‏الصواني ونقله إلى الأفران لخبزه على الحطب. وكانت إجرة الفران إما نقوداً أو أن يأخذ كمية ‏من المعمول، ليبعيها بدوره لمن لا يصنع معمولاً في منزله.‏

وهكذا، فإن عيد الفصح المجيد كان وما زال عيداً عظيماً للصغار والكبار في جميع أنحاء العالم ‏منذ القرون المسيحية الأولى حتى اليوم، حيث حافظ المسيحيون على الإحتفال به، تأكيداً على ‏إنتصار السيد المسيح على الموت وعبوره إلى الحياة – القيامة وإقتداء بآلامه وعذاباته وتضحياته ‏لإدارك معنى العطاء الفعلي والتضحية من أجل الآخرين.‏

‏ ‏







‏*إعلامي وباحث في التراث الشعبي

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 نيسان 2020 14:59