بينما تواصل أرقام ضحايا جائحة فيروس كورونا الارتفاع بشكل كبير، تتجه أنظار العالم قِبَل التجارب السريرية للتوصل إلى تطوير لقاح لوباء "كوفيد19" الذي أودى بحياة أكثر من مئة ألف شخص حتى الآن، وأصاب الملايين من البشر ويعرض حياة العالم بأسرة للخطر.
فقد أصبحت مهمة البحث عن لقاح أو علاج فعال لوقف هذه الجائحة الهم الأكبر للعلماء الذين يسابقون الزمن لإنهاء هذه الفوضى التي سببها الوباء. وفيما يلي بعض اللقاحات والعلاجات السريرية التجريبية من أجل إنقاذ البشرية جمعاء.
تجربة شركة الأدوية مودرنا "Moderna"
كانت شركة مودرنا للصناعات الدوائية في الولايات المتحدة الأميركية أول من توصل إلى لقاح يتم فيه إجراء التجارب السريرية على البشر، ويتكون اللقاح من تخليق أحماض نووية تدعى RNA أو mRNA، يتم هندستها جينيا في المعامل المخبرية.
ووظيفة هذه المادة الجينية، التي تسمى الحمض النووي الريبوزي RNA أو الحمض النووي الريبوزي الرسول mRNA، هي في الأساس رموز جينية ووظيفتها تكمن في توجيه الخلايا الحية لبناء البروتين داخلها.
وتعكف شركة مودرنا على تطوير تلك الأحماض النووية لتحفيز الخلايا على تصنيع بروتينات شبيهة ببروتينات فيروس كورونا المستجد وبالتالي تمكن الخلايا من تكوين استجابة مناعية في جسم الإنسان.
وتجري شركة مودرنا، في الوقت الحالي، أولى مراحلها في تجربة اللقاح على البشر، حيث من المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية من التجارب البشرية خلال هذا الربيع، أو بمجرد بدء فصل الصيف أي مع بداية شهر يوليو القادم
تجربة شركة الأدوية ديستربيوتد بيو "Distributed Bio"
كشف مالك شركة ديستربيوتد بيو للصناعات الدوائية، الدكتور جيكوب غلانفيل، قبل بضعة أسابيع، عن تجربة رائدة للقضاء على فيروس كورونا المستجد عن طريق تخليق الأجسام المضادة.
وفي مقابلة صحفية، قال الدكتور غلانفيل: "يسرني أن أبلغكم أن فريقي نجح في التوصل لخمسة أجسام مضادة قام العلماء بتحديدها في عام 2002، والتي تمكنت من الاندماج مع فيروس سارس وتحييده وقامت بإيقاف نشاطه بالكامل. "
وخلال التجارب المعملية، قام الباحثون بتخليق سلالات لمئات الملايين من الأجسام المضادة ضد فيروس سارس أو المتلازمة التنفسية الحادة، وتمكنوا من عزل عدد من الأجسام المضادة القادرة على قتل فيروس كورونا المستجد.
وتنتظر شركة ديستربيوتد بيو للصناعات الدوائية في الوقت الحالي الموافقة على إجراء التجارب السريرية على البشر حيث سيخضع ما بين 400 إلى 600 من المصابين بفيروس كورونا ممن يتلقون العلاج في المستشفيات.
وسيقوم العلماء بمراقبة وملاحظة تغير أعراض المرض خلال مدة تتراوح ما بين 5 إلى 10 أيام. وإذا سار كل شيء على ما يرام، فمن المتوقع أن يتم التوصل إلى اللقاح في سبتمبر من هذا العام على أقرب تقدير.
التجارب السريرية لشركة بيوإنتيك وفايزر
تتعاون شركتا فايزر مع بيوإنتيك، الرائدتان في الصناعات الدوائية، لإنتاج لقاح لفيروس كورونا المستجد اعتمادا على تجارب شبيهة بالتجارب التي تجريها شركة مودرنا والتي تتضمن تخليق أحماض نووية تحفز الخلايا في جسم الإنسان على إنتاج بروتينات مشابهة للفيروس.
ومن شأن تلك البروتينات إثارة الاستجابة المناعية لجسم الإنسان ضد فيروس كورونا.
ومع ذلك، لا تزال تلك التجارب في مراحلها الأولية ولم يتم إخضاع اللقاح للتجارب حتى الآن.
التجارب السريرية في جامعة بيتسبرغ
طور باحثون في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الأميركية لقاحًا جاء بنتائج إيجابية خلال التجارب المعملية على حيوانات التجارب، وأدى إلى تحفيزها على إنتاج ما يكفي من الأجسام المضادة "لتحييد" عمل الفيروس في الفئران في غضون أسبوعين.
يستخدم اللقاح الجديد، المسمى بيتوكوفاك PittCoVacc، أجزاء مخلّقة مخبريا من البروتين الخاص بفيروس كورونا المستجد والقادرة على تحفيز المناعة داخل جسم المصاب.
ويتم إعطاء اللقاح للمصاب بفيروس كورونا بطريقة مبتكرة لزيادة فعالية المادة الدوائية فيه، بحيث توضع رقعة أو ضمادة لاصقة بحجم طرف الإصبع تتكون من 400 إبرة دقيقة على جلد المصاب. وبمجرد وضع الرقعة اللاصقة على الجسم، تذوب هذه الإبر في الجلد، مما يحفز على إنتاج مناعة ضد الفيروس.
ويقول الدكتور لويس فالو، أستاذ ورئيس قسم الأمراض الجلدية والمؤلف المشارك في الدراسة، إن هذه الطريقة في إعطاء اللقاح غير مؤلمة وتبدو نوعا ما مثل استخدام لاصق الفيلكرو (لاصق الأهداب أو الخطاطيف المستخدم بكثرة في الملابس).
وهذه الإبر الدقيقة مصنعة بالكامل من السكر وتحوي أجزاء من البروتين الشوكي المخلق والمستوحى من بنية الفيروسات التاجية عموما مثل سارس، وهي شبيهة بمكونات الطبقة الخارجية التي تغلف فيروس كورونا المستجد.
ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من التجارب السريرية على الإنسان في الأشهر القليلة المقبلة. ومع ذلك، يجب على واضعي الدراسة التقدم بطلب للحصول على الموافقة على الأدوية "الاستقصائية" الجديدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
تجارب شركة جونسون آند جونسون الدوائية
دخلت شركة الأدوية العملاقة جونسون آند جونسون في شراكة مع هيئة البحث والتطوير الطبي المتقدمة التابعة لوزارة الصحة والخدمات البشرية الأميركية من أجل التوصل إلى لقاح لمرض كوفيد 19.
وكشفت الشركة عن امتلاكها لما وصفته بـ"المرشح الرئيسي للقاح كورونا ". وستبدأ الاختبارات السريرية لهذا اللقاح على البشر بحلول سبتمبر القادم.
وإذا ما أظهرت البيانات السريرية نتائج إيجابية لفعالية اللقاح بحلول نهاية عام 2020، فقد يصل المنتج الدوائي إلى الأسواق بغضون أقل من عام.
التجارب الممولة من بيل غيتس
بدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، إلى جانب تعاون العديد من المنظمات غير الربحية الأخرى مع المؤسسة، سيتم إجراء تجربة لقاح يطلق عليه اسم إينو-4800 (INO-4800). وهذا اللقاح يعتمد في تصنيعه بشكل رئيسي من أحماض نووية، ويتم تطويره عن طريق هندسة بلازميدات أو جزئيات من المادة الوراثية، الدي إن إيه DNA، وحقنها في جسم المريض المصاب بفيروس كورونا لتحفيز الجسم على تكوين أجسام مضادة خاصة لقتل الفيروسات المسببة للعدوى.
وفي الغالب، يتم استخدام هذه اللقاحات التي تحتوي على المادة الوراثية الدي إن إيه بشكل شائع في الطب البيطري لمكافحة الأمراض الحيوانية، ولم يتم اعتمادها بعد لتجربتها على البشر.
وقامت شركة إنفيو Invio الطبية بالفعل بتطوير آلاف الجرعات لدراسات المرحلتين الأولى والثانية من تجربة اللقاح على البشر.
وإذا ما أثبت العقار فعالية في كبح نشاط الفيروس في حال تجربته على البشر، فسيكون بمقدور الشركة إنتاج ما يصل إلى مليون جرعة من اللقاح لتكون جاهزة بحلول نهاية العام –لكن فقط للاستخدام في الحالات الطارئة أو لاستخدام العقار في تجارب مخبرية إضافية أخرى.
التجارب الروسية السرية
يعمل مركز فيكتور للفيروسات والتكنولوجيا الحيوية في روسيا حاليًا على تطوير لقاح خاص لمكافحة وباء كوفيد 19.
وكشف المركز أن المرحلة الأولى من التجارب السريرية لثلاثة لقاحات ستبدأ في 29 يونيو المقبل. وسيشارك نحو 180 متطوعًا في تلك التجارب السريرية.
وقام العلماء بتطوير العديد من النماذج الأولية للقاح ضد فيروس كورونا في مجمع مختبرات سري للغاية يقع في منطقة كولتسوفو خارج مدينة نوفوسيبيرسك في سيبيريا.
وبدأ العلماء الروس بالفعل في اختبار اللقاحات على الفئران والأرانب، قبل أن يشرعوا في تجربة لقاحهم على البشر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.